في السنوات الأخيرة، سجّلت حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ارتفاعاً لافتاً لدى مَن هم دون سنّ الـ50، ليصبح أحد الأسباب الرئيسة للوفيات المرتبطة بالسرطان في هذه الفئة العمرية. وبينما لا تزال الأسباب الدقيقة لهذا الارتفاع غير واضحة، يُشير الأطباء إلى أنّ نمط الحياة يلعب دوراً محورياً في زيادة أو تقليل احتمالات الإصابة.
من بين العوامل الأساسية المؤثرة: السمنة، التدخين، قلة النشاط البدني، استهلاك الكحول، وسوء التغذية. لكن في المقابل، يمكن لتعديلات بسيطة في النظام الغذائي أن تقلّص بشكل ملموس من احتمالات الإصابة بهذا النوع من السرطان.
الغذاء الغني بالألياف: دفاع أولي
تشير الدراسات إلى أنّ النظام الغذائي الغني بالألياف (مثل الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، المكسرات، والبقوليات) يوفّر حماية ملموسة ضدّ سرطان القولون والمستقيم.
الألياف تُغذي البكتيريا المفيدة في الأمعاء، ممّا يُعزّز التوازن الميكروبي ويَحمي خلايا القولون من التلف الناتج من السموم.
وتبلغ الكمية الموصى بها يومياً نحو 30 غراماً من الألياف، إلّا أنّ معظم البالغين لا يستهلكون سوى نصف هذه الكمية.
الكالسيوم ومنتجات الألبان
يؤكّد الباحثون أنّ الكالسيوم، سواء من الطعام أو المكمّلات، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. تحتوي أيضاً منتجات الألبان، مثل الحليب واللبن، على البروبيوتيك، وهي بكتيريا نافعة قد تمنع نمو الميكروبات المرتبطة بالأورام. وتوصي الجهات الصحية بالحصول على ما بين 1000 و1200 ملغ من الكالسيوم يومياً.
الابتعاد عن اللحوم المصنّعة والكحول
يرتبط الاستهلاك المنتظم للحوم الحمراء والمصنّعة (مثل النقانق والمرتديلا) بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، خصوصاً عند طهيَها بدرجات حرارة عالية.
وتوصي التوجيهات الغذائية بتقليل استهلاك اللحوم الحمراء إلى مرّة واحدة أسبوعياً، وتجنّب اللحوم المصنّعة قدر الإمكان. كما تُعتبر الكحول عاملاً معروفاً في زيادة خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، لا سيما القولون والمستقيم، ولذلك يُفضَّل الامتناع عنها أو الحدّ منها إلى أدنى درجة ممكنة.
التقليل من الأطعمة المعالجة
الأطعمة والمشروبات المعالجة للغاية (مثل المشروبات الغازية المحلّاة والوجبات الخفيفة المغلّفة) تحتوي على مكوّنات صناعية قد تضرّ بصحة الأمعاء. التوجّه نحو الطعام المنزلي الطازج، كما فعلت السيدة كايتي كينيدي بعد تعافيها من المرض، هو خطوة عملية نحو تحسين الصحة.
الفحوصات والنشاط البدني
على رغم من أهمية النظام الغذائي، لا يمكن إغفال الدور المحوري للفحوصات المبكرة، وعلى رأسها تنظير القولون، بدءاً من سن الـ45. كما أنّ الحفاظ على نشاط بدني منتظم (150 دقيقة أسبوعياً من التمارين المعتدلة) يعزّز الحماية ضدّ تطوّر السرطان.
الخلاصة، إنّ نمط الحياة، على رغم من أنّه لا يضمن الوقاية الكاملة، يشكّل عنصراً حاسماً في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، إلى جانب تحسين الصحة العامة وتقليل مخاطر أمراض أخرى مثل القلب والسكّري.