أخصائية تغذية
هل تساءلت يوماً لماذا تشعر بالشبع بعد تناول وجبة غنية بالألياف، بينما قد تشعر بالجوع مرّة أخرى بعد وقت قصير من تناول وجبة سريعة؟ الإجابة تكمن في أمعائك، وتحديداً في البكتيريا التي تعيش هناك.
لم تعُد بكتيريا الأمعاء مجرّد كائنات مساعدة على الهضم، بل شريك نشط في تنظيم شهيّتك.
كشف العلماء دراسة نشرتها Nature عن آلية جديدة ومثيرة تشرح كيف تتواصل الميكروبات المعوية مباشرةً مع الدماغ للتحكّم في سلوك تناول الطعام. اكتشفوا أنّ بعض أنواع البكتيريا في أمعائنا تفرز جزيّئاً يُسمّى Flagellin، وهو المفتاح لإرسال إشارة الشبع إلى دماغك.
مسار العملية
1 - اكتشاف الجزيء: عندما يتناول الجسم الطعام، تتغذى البكتيريا النافعة وتُنتج جزيّء الفلجيلين.
2 - تنشيط الخلايا العصبية: تستشعر خلايا متخصّصة في بطانة الأمعاء تُعرف باسم خلايا Neuropods وجوده.
3 - تُرسل خلايا «نيوروبود» إشارة عصبية سريعة ومباشرة عبر العصب الحائر إلى الدماغ.
4 - يتلقّى الدماغ هذه الإشارة ويفسرها على أنّها «كفى، أنت شبعت»، ممّا يجعلك تتوقف عن الأكل.
هذه الآلية تُعتبر بمثابة «الحس العصبي الحيوي»، وهو مفهوم جديد يؤكّد وجود اتصال فوري بين الميكروبات والدماغ، بعيداً من الاستجابات الهرمونية أو المناعية التقليدية التي تستغرق وقتاً أطول.
كيف يمكنك التحكّم في شهيّتك؟
أصبح من الواضح لماذا يُعتبر اختيار الطعام الصحي أمراً بالغ الأهمية. الغذاء ليس فقط من أجل التغذية، بل أيضاً وسيلة للتواصل مع دماغك والتحكّم في شهيّتك.
دعم البكتيريا النافعة (البروبيوتيك والبريبيوتيك): للتشجيع على نمو البكتيريا التي تُنتج مركب «الفلجيلين» المسؤول عن إشارة الشبع، تحتاج إلى إمدادها بغذائها الصحي:
- الألياف (البريبيوتيك): الشوفان، الثوم، البصل، الموز، التفاح، والبقوليات مثل العدس والفاصولياء.
- البروبيوتيك: الزبادي واللبن الرائب (الخالي من السكّر)، الكفير، والمخلّلات.
تجنّب الأطعمة المصنّعة والمليئة بالمواد الحافظة والمضافات، إذ تؤثر سلباً على البكتيريا النافعة، ممّا يعرقل التواصل بين الأمعاء والدماغ.
وتجنّب: الأطعمة المقلية، الوجبات السريعة، الحلويات المصنّعة، والمشروبات الغازية.
هذه الأطعمة لا تحتوي على الألياف المفيدة للبكتيريا، بل قد تُسبِّب نمو أنواع أخرى من البكتيريا الضارة التي لا تُرسل إشارات الشبع بشكل صحيح. باختصار، عندما تتناول الأطعمة الصحية الغنية بالألياف والبكتيريا النافعة، فإنك تساعد جسمك على إرسال إشارة «أنا شبعت» بشكل أقوى وأسرع إلى دماغك. وهذا بدوره يساعدك على تناول كميات أقل من الطعام والتحكّم في وزنك بطريقة طبيعية وفعّالة.
تؤكّد الدراسة أنّ الميكروبات المعوية ليست مجرّد كائنات ساكنة، بل شريك نشط في تنظيم سلوكنا الغذائي. عبر آلية «الحس العصبي الحيوي»، تُرسل الميكروبات إشارات مباشرة للدماغ للتحكّم في الشهية، ممّا يفتح آفاقاً جديدة لفهم العلاقة بين التغذية وصحة الأمعاء، ويُعزّز أهمية اتباع نظام غذائي صحّي ومتوازن للوقاية من السمنة والأمراض المزمنة.