أخصائية تغذية
لطالما ارتبطت السمنة بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. لكنّ مجلة Nature Metabolism كشفت عن مفاجأة علمية مهمّة في دراسة علمية حديثة: ليست السمنة وحدها هي السبب، بل نوع الدهون الغذائية يلعب دوراً حاسماً في نمو الورم.
ما الذي أثبتته الدراسة؟
أُطعِمت مجموعات من الفئران أنظمة غذائية عالية الدهون (45% من السعرات)، مع اختلاف مصدر هذه الدهون. كل الحميات كانت متساوية في السعرات، البروتين، الكربوهيدرات، الألياف والفيتامينات، ممّا يعني أنّ الفرق الوحيد كان نوع الدهون.
مجموعة الفئران الأولى تناولت دهوناً حيَوانية (الزبدة، شحم البقر ولحم الخنزير). المجموعة الثانية أُطعمت دهوناً نباتية (زيت الزيتون، زيت جوز الهند وزيت النخيل). وكانت هناك مجموعة ضابطة تتبع نظاماً غذائياً تقليدياً منخفض الدهون (13%).
بعد 10 أسابيع، حُقنت جميع الفئران بخلايا ميلانوما (سرطان الجلد) لمتابعة نمو الورم. كانت النتائج واضحة وصادمة:
بينما زادت جميع الفئران التي تناولت دهوناً عالية في الوزن، كان نمو الورم أسرع فقط في مجموعة الدهون الحيوانية. أمّا مجموعة الدهون النباتية فسمنت لكن لم تتسارع لديها الأورام مقارنةً بالمجموعة الضابطة.
لماذا الاختلاف؟
تُشير الدراسة إلى أنّ الدهون الحيوانية تؤدّي إلى تراكم مركّبات تُدعى أحماض الأَسيل كارنيتين طويلة السلسلة، وهي نواتج استقلابية تعمل على تثبيط الجهاز المناعي، وتحديداً الخلايا القاتلة الطبيعية (NK) والخلايا التائية CD8+.
هذه الخلايا هي خط الدفاع الأول ضدّ الأورام. عندما تُثبَّط، تفقد قدرتها على قتل الخلايا السرطانية، ممّا يسمح للورم بالنمو سريعاً. فيما لا تُنتج الدهون النباتية هذه المركّبات بكمّيات كبيرة، ما يفسّر عدم تسارع نمو الأورام في المجموعة التي تناولتها.
كيف نترجمها إلى ممارسات يومية؟
الاعتراف بأنّ الدهون ليست كلها متشابهة هو الخطوة الأولى نحو حمية صحية. يمكنك البدء باستبدال الدهون الحيوانية بدهون صحية.
فبدلاً من استخدام الزبدة والسمنة الحيَوانية، يمكنك الطهي بزيت الزيتون البكر الممتاز، زيت الكانولا، أو زيت الأفوكادو، لأنّها مصادر غنية بالفوائد المثبتة علمياً.
عليك إضافة الدهون الصحية إلى نظامك الغذائي اليومي، مثل حفنة من المكسرات النيئة، لأنّها مصدر ممتاز للدهون غير المشبّعة، أو رش ملعقة صغيرة من زيت الزيتون على الخضار المطهية أو السلطات.
وتجنّب القلي المتكرّر بالزبدة أو الشحوم، كما المنتجات الصناعية التي تحتوي على «دهون مشبّعة» أو «زيوت مهدرجة». وكذلك، من الأفضل الابتعاد عن الوجبات السريعة التي غالباً ما تُستخدم فيها زيوت معاد استخدامها.
السمنة هي عامل خطر مهم. لكنّ نوع الدهون التي نتناولها قد يكون الفارق بين بيئة مناعية مقاومة للأورام، أو بيئة تسهّل نموها. هذه الدراسة تُحدث تحوّلاً في كيفية تعاملنا مع الدهون، خصوصاً للأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن أو المعرّضين للأمراض المزمنة والسرطان. فهل حان الوقت لإعادة النظر في أطباقنا اليومية ومصادر دهوننا؟