المخرج ريد دافنبورت يطرح أسئلة شائكة حول كيفية تقديم خيار الموت بمساعدة طبية للأشخاص ذوي الإعاقة.
في نهاية فيلمه الروائي الأول المصوَّر ذاتياً «لم أرَك هناك» (2022)، يُعبّر المخرج ريد دافنبورت عن أمنية: «آمل أن يكون هذا آخر أفلامي الشخصية». لكنّ فيلمه الوثائقي الجديد «الحياة بعد ذلك» لا يمكن إلّا أن يكون شخصياً.
يبدأ دافنبورت بخطاف جذب: ماذا حدث لإليزابيث بوڤيا، التي كانت منذ عام 1983 محور معركة قانونية حظيت بتغطية إعلامية واسعة في كاليفورنيا؟ كانت بوڤيا، المصابة بالشلل الدماغي، مثل دافنبورت، وسعت إلى الموت جوعاً تحت إشراف طبي، ما لم تسمح به المحاكم في البداية.
بعد 40 عاماً، لا يعثر دافنبورت على أي سجل لوفاتها. هل لا تزال على قيد الحياة؟ هل تغيّر منظورها؟ تغذّي تحقيقه جزئياً التشابهات التي يراها في حياته. وعندما يعثر هو ومنتجته كولين كاسينغهام على شقيقات بوڤيا، يكتشفان أنّ مسار حياتها كان أكثر تعقيداً ممّا أظهرته التغطية الإعلامية في حينه.
لكنّ «الحياة بعد ذلك» يغوص أيضاً في أسئلة أوسع تتعلّق بتقنين المساعدة الطبية على الموت. يوضّح المخرج أنّه لا يعارض هذا الخيار، لكنّه يشعر بالقلق من أنّ رسائل الرفض الصادرة عن المجتمع، بالإضافة إلى الأعباء الاقتصادية للرعاية الطويلة الأمد، قد تدفع الأشخاص ذوي الإعاقة نحو هذا الخيار.
ويسلّط الضوء بشكل خاص على الطابع التجاري الذي أخذته هذه القضية في كندا (في أحد الفيديوهات التي يشاهدها هو وكاسينغهام، يُقال للمشاهدين: «لا تفوّت فرصتك بالحصول على موت بمساعدة»، مع دعوة للتخطيط المسبق).
عندما يكتشف دافنبورت أنّه سيكون مؤهّلاً للانتحار بمساعدة طبية لو كان يعيش في كندا، يتساءل: هل كان سينظر إلى حياته بشكل مختلف لولا الدعم الإيجابي الذي يتلقّاه من عائلته وأصدقائه؟
شعر بالعزلة في أوقات كثيرة، لكنّه ليس الوحيد، كثيرون مرّوا بذلك، إلّا أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة هم وحدهم مَن يُشجَّعون، بشكل غير مباشر، على التفكير في نهاية مصادق عليها من الدولة.
«الحياة بعد ذلك» لا يُجمّل الواقع، ولا يقدّم أجوبة سهلة. بل يتناول موضوعاً شائكاً بطريقة صارمة، تمزج بين الرقة والتعقيد. ومع أنّه يناقض أمنية دافنبورت السابقة، إلّا أنّه يمنح هذا الموضوع المنظور الشخصي الذي يستحقه.
Unicorns
يتابع هذا الفيلم، من إخراج سالي الحصيني وجيمس كريشنا فلويد، قصة لوك وآيشا، اللذَين يلتقيان مصادفة في حدث دراغ.
عندما يلتقي لوك (بن هاردي)، وهو أب أعزب، بآيشا (جيسون باتيل)، ملكة دراغ في فيلم Unicorns، يعتقد لوك أنّ آيشا امرأة متوافقة جنسياً. بعد أن يتبادلا القبل، يشعر المشاهد بخوف ملموس على سلامة آيشا عندما يرتدّ لوك إلى الوراء لرؤيته تفاحة آدم لديها.
يسير فيلم Unicorns، من إخراج سالي الحصيني وجيمس كريشنا فلويد، على خطى تقليد سينمائي يظهر فيه رجال مغايرون جنسياً يُطوّرون روابط مع شخصيات من مجتمع الميم، لكنّه يأتي هذه المرّة في لحظة تتعرّض فيها مؤديّات الدراغ إلى هجمات متجدّدة.
يبدأ لقاؤهما غير المتوقع في نادٍ ليلي بشرق لندن، عندما يتعثر لوك، وهو شاب أبيض من الطبقة العاملة، عن طريق الخطأ في مشهد «الغايسيان» السرّي أثناء توجّهه إلى الحمام. عيناه تتركزان على آيشا، نجمة العرض في تلك الليلة.
لكن لماذا تسعى آيشا، التي تقول لاحقاً إنّها تتلقّى تهديدات بالقتل بسبب أدائها في الدراغ، للقائه، لا مرّة واحدة بل مرّتَين؟ أولاً، حين تركض أمام سيارته بعد ردّة فعله الغاضبة على قبلة تبادلاها، ثم لاحقاً عندما تظهر في ورشة إصلاح السيارات التي يعمل فيها في إيسيكس. لا يتماشى أي من هذا مع الشخصية التي نكتشف لاحقاً أنّ آيشا تمثلها: حذرة بدافع الضرورة.
ما إذا كان الصراع اللاحق الذي يتضمّن خصومة داخل مجتمع الميم يبدو كتحريف ساذج للتوقعات، يعتمد على مدى تعاطفك مع لوك أو آيشا. لكن ما يُعدّ أكثر تأثيراً هو التفاصيل الدقيقة في قصة حبهما المتفتحة، مثل المشهد الذي يُغنّيان فيه معاً في دويتو كاريوكي يُظهر تليّن لوك أمام سحر آيشا. يكشف هاردي طبقات شخصية لوك وتحوّله الجنسي بشعور جسدي عميق يجعل من السهل التغاضي عن بعض اختصارات الحبكة في الفيلم.