أخصائية تغذية
على رغم من انتشار التوعية حول أهمية الأنظمة الغذائية الصحية وتناول المكمّلات، لا يزال المغنيسيوم يُعامل كعنصر ثانوي، في حين أنّه يلعب دوراً محورياً في أكثر من 300 تفاعل بيولوجي في الجسم.
من دعم صحة القلب وتنظيم المزاج إلى التحكّم في وظائف العضلات والأعصاب وإنتاج الطاقة، يُعدّ المغنيسيوم مفتاحاً لا غنى عنه للحفاظ على توازن الجسم.
ويُشكّل العظم المخزن الرئيسي للمغنيسيوم (حوالي 60%)، بينما يتوزّع الباقي في العضلات والأنسجة الرخوة.
غير أنّ الفحوصات الدموية التقليدية قد لا تعكس بدقة الكمية الحقيقية في الجسم، إذ تقلّ نسبة المغنيسيوم في الدم عن 1% من المجموع الكلي، ما يعني أنّ النقص قد يظل غير مشخّص على رغم من وجود تأثيرات صحية حقيقية.
فوائد صحية واسعة النطاق
- العظام: المغنيسيوم يُعزِّز تكوين العظام وكثافتها، كما يساعد في توازن الكالسيوم وفيتامين D. نقصه قد يُقلّل من فاعلية فيتامين D، ما يخلق خللاً قد يؤدّي إلى تكلّس الأوعية الدموية.
- القلب: يحافظ المغنيسيوم على انتظام ضربات القلب، ويَقي من ارتفاع ضغط الدم. وتشير أبحاث حديثة إلى أنّ نقصه، حتى في مستوياته البسيطة، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والموت المفاجئ.
- العضلات والأعصاب: يساهم المغنيسيوم في تقليل التشنّجات العضلية، ويُنظِّم الإشارات العصبية بشكل يحمي الجهاز العصبي من الإثارة الزائدة.
- السكري: يرتبط نقص المغنيسيوم بمقاومة الأنسولين وارتفاع خطر الإصابة بالسكّري من النوع الثاني. مكمّلاته قد تكون مفيدة في بعض الحالات، خصوصاً لِمَن يعانون من مستويات منخفضة.
- الصحة النفسية: لهذا المعدن تأثير مهدّئ يُسهم في تحسين المزاج وتقليل القلق. يرتبط انخفاض مستوياته بزيادة خطر الاكتئاب، على رغم من أنّ الأدلة العلاجية لا تزال غير حاسمة.
نقص خفي وعوامل استنزاف شائعة
قد يظل نقص المغنيسيوم من دون أعراض واضحة لفترات طويلة، ما يسمح بتفاقم المشاكل المزمنة.
ومن أبرز أسباب هذا النقص: الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون المشبّعة والسكر، الإفراط في تناول الكافيين والمشروبات الغازية، الضغط النفسي المزمن، التمارين الشديدة، والكحول.
كذلك، تؤدّي بعض الأدوية مثل مدرات البول، حبوب منع الحمل، والمضادات الحيَوية إلى استنزاف المغنيسيوم تدريجاً.
كيف تضمن الحصول عليه؟
الطريقة المثلى لتأمين المغنيسيوم هي من خلال تناول الخضروات الورقية (السبانخ والكرنب)، المكسرات والبذور (اللوز وبذور القرع)، الحبوب الكاملة (الشوفان والكينوا)، البقوليات (العدس والفاصولياء)، والشوكولاتة الداكنة (70% كاكاو أو أكثر).
تُستخدم المكمِّلات عند الحاجة، ويُفضّل اختيار الأنواع ذات الامتصاص الجيد مثل ثريونات المغنيسيوم. وتتراوح الجرعة اليومية الموصى بها للبالغين بين 310-420 ملغ بحسب الجنس والعمر، مع عدم تجاوز 350 ملغ من المكمِّلات.
في الخلاصة، المغنيسيوم عنصر أساسي ومهمَل في كثير من الحالات، على رغم من دوره الجوهري في الصحة العامة. ويُشكِّل إدراجه في النظام الغذائي خطوة استباقية نحو الوقاية من أمراض مزمنة عدة، ويُعزِّز جودة الحياة على المدى الطويل.