النسوية في مواجهة غريزة الأمومة على خشبة مسرح لندن
النسوية في مواجهة غريزة الأمومة على خشبة مسرح لندن
Saturday, 26-Jul-2025 07:10

Inter Alia في المسرح الوطني في لندن، هي امتداد لمسرحية Prima Facie الحائزة على الجوائز. تُقدِّم عناصر مألوفة ودرامية ميلودرامية.

تعود الكاتبة الأسترالية سوزي ميلر والمخرج جاستن مارتن إلى المسرح الوطني في لندن بمسرحية جديدة بعنوان Inter Alia، تكمل من خلالها النجاح الذي حققته مسرحية Prima Facie عام 2023.

 

إلّا أنّ العمل الجديد، على رغم من طموحه، يغرق في الميلودراما والطرح الفكري المكرّر.

 

تدور القصة حول جيسيكا باركس، قاضية بريطانية صارمة تترأس جلسات المحاكم في قضايا المخدّرات والاعتداءات الجنسية والعنف الأسري. في المقابل، تعاني في حياتها الشخصية من تربية ابنها المراهق هاري، الذي يتعرّض إلى التنمّر.

 

تتصاعد الحبكة حين يُتهم هاري باغتصاب زميلته، فتجد جيسيكا نفسها ممزّقة بين دعمها الدائم لحقوق النساء وواجبها كأم تدافع عن ابنها الذي يُصرّ على براءته.

 

تُقدّم روزاموند بايك، بطلة العمل، أداءً قوياً يُشكّل عماد المسرحية. بحضورها الطاغي على الخشبة، تنقل شخصية جيسيكا بين النبرة القانونية الصارمة والضعف الإنساني العميق. تثير السخرية وتُضحك المشاهدين حين تسخر من زوجها مايكل أثناء كَيّ قميص ابنها، لكنّها تكشف أيضاً عن هشاشتها كامرأة تخشى أنّها أخفقت في تربية ابنها أو في حفظ توازن علاقتها الزوجية.

 

الزوج، مايكل، يؤدّي دوره جيمي غلوفر ببرودة تناسب شخصية رجل أقل شأناً من زوجته، غارق في غيرة مكتومة وعاجز عن أداء دوره الأبوي. أمّا الابن، الذي يلعب دوره جاسبر تالبوت، فيظهر أكبر سناً ممّا ينبغي، لكنّ أداءه الانفعالي يُغطّي على ذلك.

 

تعتمد المسرحية على المونولوغ الداخلي، تتخلّله مشاهد «فلاش باك» مع نسخة طفولية من هاري، لتصوير العلاقة المتوترة بين الأم والابن. في أحد المشاهد الساخرة، تعتقد جيسيكا أنّ ابنها يشاهد مواد إباحية، فتُقدّم له محاضرة تربوية باستخدام مملحة ذات شكل رمزي، قبل أن تكتشف أنّه كان يلعب Call of Duty.

 

مع تصاعد الأزمة، تبدأ جيسيكا في مراجعة نفسها: هل بالغت في حماية غرور زوجها؟ هل كانت مسؤولة عن خلق نموذج ذكوري سلبي في حياة ابنها؟ الأسئلة مطروحة بصدق، لكنّ معالجتها جاءت إنشائية ومباشرة أكثر ممّا ينبغي.

 

على رغم من أنّ المسرحية تتناول قضايا هامة كالأمومة والذكورة وتغيّر الأدوار الأسرية، إلّا أنّ النص يضع الفكرة قبل الدراما، فتبدو الأحداث خاضعة إلى الرسالة. وتأتي الخاتمة متسرّعة، تفتقر إلى قوة الإقناع، وتنتهي بمشهد عاطفي مفرط في ملعب أطفال.

 

ديكور العرض أنيق وبسيط، والممثلة الرئيسية تسحب الجمهور بحضورها، لكنّ المسرحية ككل لا تتجاوز كونها مقالة فكرية ترتدي ثوب الدراما، من دون أن تلامس جوهرها الحقيقي.

theme::common.loader_icon