وداعاً لـ«مرض الملوك»: النقرس يضرب الجميع
وداعاً لـ«مرض الملوك»: النقرس يضرب الجميع
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Saturday, 26-Jul-2025 07:04

عُرِفَ النقرس منذ القِدَم بـ«مرض الملوك»، لارتباطه بأنماط غذائية كانت حكراً على الأثرياء، مثل اللحوم الحمراء والمأكولات الفاخرة.

لكن في عصرنا الحديث، ومع الانتشار الواسع للأطعمة المصنّعة والمشروبات الغنية بالسكّر، لم يَعُد النقرس مقتصراً على طبقة معينة، بل أصبح مرضاً واسع الانتشار بين مختلف فئات المجتمع، ما يعكس دور التغذية المحوري في ظهوره والوقاية منه.

 

ما هو النقرس؟

 

طبياً، يُصنَّف النقرس كأحد أنواع إلتهابات المفاصل الناتجة من تراكم حمض اليوريك في الدم، وهو ناتج من تكسير البيورينات، وهي مركّبات توجد في خلايا الجسم وأطعمة متعدّدة.

 

عندما يعجز الجسم عن التخلّص من حمض اليوريك عبر الكلى، يتراكم ويترسّب في المفاصل على شكل بلورات حادة، مُسبِّباً نَوبات ألم مفاجئة وشديدة، غالباً في مفصل إصبع القدم الكبير.

 

المحفّزات الغذائية الحديثة للنقرس

 

النظام الغذائي يلعب دوراً أساسياً في تفاقم أو تهدئة هذا المرض. وتشمل المحفّزات الغذائية الرئيسية:

 

- اللحوم الحمراء والأعضاء الحيوانية: مثل الكبد والكلى، الغنية بالبيورينات.

- بعض أنواع المأكولات البحرية: كالسردين، الأنشوفة، والماكريل.

- المشروبات المحلاة بالفركتوز: كالغازية والعصائر المصنّعة، التي تحفّز إنتاج حمض اليوريك وتعيق طرحه.

- الكحول، خصوصاً البيرة: لاحتوائها على البيورينات وتأثيرها على وظيفة الكلى.

 

وتُعدّ السمنة ومقاومة الإنسولين من العوامل الإضافية المؤثرة، إذ تسهم في ارتفاع حمض اليوريك في الجسم.

 

التغذية العلاجية: خطوات عملية للسيطرة على النقرس

 

لحسن الحظ، يمكن للنظام الغذائي أن يكون أداة فعّالة في التخفيف من أعراض النقرس. ومن أبرز الاستراتيجيات الغذائية:

 

1 - خفض البيورينات الحيوانية والتحوّل إلى البروتين النباتي: يمكن أن يؤدّي استبدال جزء من البروتين الحيواني (خصوصاً اللحوم الحمراء) ببروتينات نباتية مثل البقوليات (العدس، الفول، الحمص) والمكسرات والبذور إلى خفض مستويات حمض اليوريك بشكل ملحوظ. على رغم من أنّ البقوليات تحتوي على البيورينات، إلّا أنّها لا ترفع حمض اليوريك بنفس طريقة البيورينات الحيوانية، وغالباً ما تكون فوائدها أكبر من مخاطرها.

 

2 - حمية غنية بالخضروات والفواكه: الأطعمة النباتية ليست فقط منخفضة في البيورينات، بل غنية أيضاً بمركبات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات. بعض الفواكه مثل الكرز أظهرت فعالية في تقليل نوبات النقرس، نظراً لخصائصها المضادة للالتهاب وقدرتها على خفض حمض اليوريك.

 

3 - ترطيب الجسم الكافي: شرب كميات كافية من الماء (حوالي 8-12 كوب يومياً) يساعد الكلى على طرد حمض اليوريك الزائد من الجسم، وبالتالي يُقلّل من خطر تكون البلورات.

 

4 - منتجات الألبان قليلة الدسم: تشير الدراسات إلى أنّ استهلاك منتجات الألبان قليلة الدسم، مثل الحليب والزبادي، يمكن أن يساعد في خفض مستويات حمض اليوريك، وربما يكون لها تأثير وقائي.

 

5 - تجنّب الكحول والمشروبات السكرية: يُعتبَر الامتناع عن المشروبات الكحولية والمشروبات الغازية المحلّاة بالفركتوز خطوة حاسمة في إدارة النقرس، نظراً لتأثيرها المباشر على مستويات حمض اليوريك.

 

6 - إدارة الوزن الصحي: الحفاظ على وزن صحّي يُقلّل من مقاومة الأنسولين ويحسن من قدرة الجسم على تنظيم مستويات حمض اليوريك. يجب أن يكون فقدان الوزن تدريجاً، لأنّ فقدان الوزن السريع يمكن أن يزيد مؤقتاً من مستويات حمض اليوريك.

 

نصائح يومية بسيطة

 

- خطّط لوجباتك: فكر في دمج مصادر بروتين نباتية في وجباتك اليومية، مثل إضافة العدس إلى الشوربات، أو الفاصولياء إلى السلطات.

- اقرأ الملصقات الغذائية: كن واعياً لمحتوى الفركتوز في المنتجات المصنّعة، وحاول اختيار البدائل الطبيعية غير المحلّاة.

- اجعل الماء رفيقك الدائم: احمل زجاجة ماء معك وتناول الماء بانتظام على مدار اليوم.

- لا تتردّد في استشارة المختصّين: يمكن لاختصاصي التغذية أن يساعدك في وضع خطة غذائية مخصّصة تتناسب مع حالتك الصحية وتفضيلاتك الغذائية، مع الأخذ بالاعتبار أي حالات صحية أخرى لديك.

theme::common.loader_icon