كيف يستدلّ الذكاء الاصطناعي؟
كيف يستدلّ الذكاء الاصطناعي؟
Friday, 25-Jul-2025 06:52

شركات مثل OpenAI وDeepSeek الصينية تقدّم روبوتات دردشة مصمَّمة لتأخذ وقتها في الإجابة. إليكم كيف تعمل.

في شهر أيلول، كشفت شركة OpenAI عن نسخة جديدة من ChatGPT مصمّمة للاستدلال عبر المهام التي تنطوي على الرياضيات والعلوم وبرمجة الحاسوب. بخلاف النسخ السابقة من روبوت الدردشة، فإنّ هذه التقنية الجديدة يمكنها أن تقضي وقتاً في «التفكير» في المشكلات المعقّدة قبل أن تستقر على إجابة.

 

وسرعان ما أعلنت الشركة أنّ تقنيتها الجديدة في الاستدلال قد تفوّقت على الأنظمة الرائدة في المجال في سلسلة من الاختبارات التي تتبع تقدّم الذكاء الاصطناعي.

 

والآن، تقدّم شركات أخرى مثل Google وAnthropic وDeepSeek الصينية تقنيات مماثلة. لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستدل فعلاً مثل الإنسان؟ ماذا يعني أن «يُفكِّر» الحاسوب؟ وهل تقترب هذه الأنظمة حقاً من الذكاء الحقيقي؟

 

ماذا يعني عندما يستدلّ نظام ذكاء اصطناعي؟

 

الاستدلال يعني ببساطة أنّ روبوت الدردشة يقضي وقتاً إضافياً في العمل على حل المشكلة. وأوضح دان كلاين، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة Scaled Cognition، أنّ «الاستدلال هو عندما يقوم النظام بعمل إضافي بعد طرح السؤال».

 

قد يُقسِّم المشكلة إلى خطوات فردية أو يحاول حلّها عبر التجربة والخطأ. كان الإصدار الأصلي من ChatGPT يُجيب عن الأسئلة فوراً. أمّا أنظمة الاستدلال الجديدة، فيمكنها أن تعمل على المشكلة لعدة ثوانٍ، أو حتى دقائق، قبل تقديم الإجابة.

 

هل يمكنك أن تكون أكثر تحديداً؟

 

في بعض الحالات، يصقل نظام الاستدلال نهجه تجاه السؤال، محاولاً مراراً تحسين الطريقة التي اختارها. وأحياناً، قد يُجرِّب عدة طرق مختلفة لمعالجة المشكلة قبل أن يستقر على إحداها. أو قد يعود ويتحقق من عمل أنجزه قبل بضع ثوانٍ، فقط ليرى ما إذا كان صحيحاً. ببساطة، يحاول النظام كل ما في وسعه للإجابة عن سؤالك. ويشبه هذا نوعاً ما الطالب في المدرسة الابتدائية الذي يكافح لإيجاد طريقة لحل مسألة رياضية ويخربش عدة خيارات مختلفة على ورقة.

 

ما نوع الأسئلة التي تتطلّب من نظام الذكاء الاصطناعي أن يستدل؟

 

مبدئياً، يمكنه أن يستدلّ حول أي شيء. لكنّ الاستدلال يكون أكثر فاعلية عند طرح أسئلة تتعلّق بالرياضيات أو العلوم أو برمجة الحاسوب.

 

كيف يختلف روبوت الدردشة القائم على الاستدلال عن الروبوتات السابقة؟

 

كان بإمكانك أن تطلب من روبوتات الدردشة السابقة أن توضّح كيف توصّلت إلى إجابة معيّنة أو أن تتحقق من عملها الخاص. وبما أنّ النسخة الأصلية من ChatGPT تعلّمت من نصوص الإنترنت، حيث يُظهر الناس كيف توصّلوا إلى إجابات أو تحققوا من حلولهم، فقد كانت قادرة على نوع من هذا التفكير الذاتي أيضاً.

 

لكنّ نظام الاستدلال يذهب أبعد من ذلك. يمكنه أن ينجز الأمور من دون أن يُطلب منه. كما يمكنه القيام بها بطرق أوسع وأكثر تعقيداً. وتسمّيه الشركات نظام استدلال لأنّه يبدو وكأنّه يعمل مثل شخص يُفكِّر في مشكلة صعبة.

 

لماذا يعدّ استدلال الذكاء الاصطناعي مهمّاً الآن؟

 

تعتقد شركات مثل OpenAI أنّها أفضل طريقة لتحسين روبوتات الدردشة الخاصة بها. ولعدة سنوات، اعتمدت هذه الشركات على مفهوم بسيط: كلما ضخّت المزيد من بيانات الإنترنت في روبوتات الدردشة، كان أداء هذه الأنظمة أفضل. لكنّ في عام 2024، استهلكت تقريباً كل النصوص الموجودة على الإنترنت. وهذا يعني أنّها احتاجت إلى طريقة جديدة لتحسين روبوتات الدردشة. فبدأت ببناء أنظمة استدلال.

 

كيف تبني نظام استدلال؟

 

في العام الماضي، بدأت شركات مثل OpenAI بالاعتماد بشكل كبير على تقنية تُعرف باسم «التعلم بالتعزيز». ومن خلال هذه العملية، التي يمكن أن تمتد لأشهر، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يتعلّم السلوك الصحيح من خلال التجربة والخطأ المكثفة. فمثلاً، عبر العمل على آلاف المسائل الرياضية، يمكنه أن يتعلّم أي أساليب تؤدّي إلى الإجابة الصحيحة وأيّها لا.

 

وصمّم الباحثون آليات تغذية مراجعة معقّدة، تُظهر للنظام متى قام بعمل صحيح ومتى أخطأ. ويصف جيري تورك، الباحث في OpenAI الأمر بأنّه «يشبه تدريب كلب بعض الشيء. إذا قام النظام بعمل جيد، تعطيه قطعة بسكويت. وإذا لم يقم بذلك، تقول له: كلب سيّئ».

 

هل يعمل التعلّم بالتعزيز؟

 

يعمل بشكل جيد في مجالات معيّنة، مثل الرياضيات والعلوم وبرمجة الحاسوب. وهي مجالات يمكن فيها تحديد السلوك الجيد والسيّئ بوضوح. فالمسائل الرياضية لها أجوبة محدّدة.

 

أمّا في مجالات مثل الكتابة الإبداعية والفلسفة والأخلاق، فلا يعمل التعلم بالتعزيز بالكفاءة عينها، إذ يصعب التمييز فيها بين الجيّد والسيّئ. ويعتقد الباحثون أنّ العملية يمكن أن تحسّن أداء نظام الذكاء الاصطناعي عموماً، حتى عندما يجيب عن أسئلة خارج نطاق الرياضيات والعلوم.

وكشف جاريد كابلان، كبير العلماء في شركة Anthropic: «أنّه يتعلّم تدريجاً أنماط الاستدلال التي تقوده في الاتجاه الصحيح وتلك التي لا تفعل».

 

هل هذا الطريق سيقود إلى آلة تضاهي الذكاء البشري؟

 

ينقسم خبراء الذكاء الاصطناعي حول هذا السؤال. فهذه الأساليب لا تزال جديدة نسبياً، ولا يزال الباحثون يحاولون فهم حدودها. وفي مجال الذكاء الاصطناعي، غالباً ما تتطوّر الأساليب الجديدة بسرعة في البداية، ثم تتباطأ لاحقاً.

theme::common.loader_icon