مهاجمون بـ345 مليوناً.. هذا سرّ فرانكفورت
مهاجمون بـ345 مليوناً.. هذا سرّ فرانكفورت
توم هاريس- نيويورك تايمز
Thursday, 24-Jul-2025 06:49

معظم الأندية قد تشعر بعدم الارتياح، وربما حتى بالذعر، إذا كانت مضطرة دائماً للتفكير في بيع أفضل مهاجميها في نهاية كل موسم. أندية أخرى، بشكل مفهوم، ستقاتل بكل ما لديها للاحتفاظ بتلك الركائز الأساسية. لكن بالنسبة إلى أينتراخت فرانكفورت الألماني، وتحت إشراف المدير الرياضي ماركوس كروش، أصبح التخلّي عن أبرز الهدافين، كما حدث في 4 من آخر 7 مواسم، جزءاً طبيعياً وضرورياً من نهجٍ قائم على الاكتفاء الذاتي.

منذ عام، أوضح كروش لـ«سكاي سبورتس»: «أسمِّيها أندية النهاية»، مشيراً إلى أندية مثل باريس سان جيرمان، مانشستر سيتي، وليفربول، «نحن نادٍ في المنتصف، نبيع لتلك الأندية النهائية. هذا ما أقوله للاعبين: إذا كان تطوّرك أسرع من تطوّر نادينا، وحصلت على المبلغ الذي أريده، سأدعك ترحل. لهذا السبب يُحبّ العديد من المواهب الشابة القدوم إلى فرانكفورت، لأنّنا نعرف ما يجب أن نفعله لتطويرهم. بيع اللاعبين جزء من عملي. لا أنفعل تجاهه عاطفياً. هذا عمل».

 

وعلى رغم من أنّ الأمر يبدو بارداً، فإنّ تركيز كروش على التفاصيل، بما في ذلك استثماره الكبير في منشآت التدريب والجهاز الفني في فرانكفورت على مدى السنوات الماضية، يعود بالفائدة على اللاعبين كما على النمو المالي للنادي.

 

وظّف فرانكفورت أخصائيِّين نفسيِّين وخبراء تغذية، ويعتمد على فريق من المدربين المتخصِّصين للعمل مع اللاعبين الشباب بشكل فردي، لمساعدتهم في بلوغ أهدافهم، التي تُعرض بوضوح: الانتقال إلى اللعب في أكبر أندية أوروبا.

 

مع اقتراب انتقال هوغو إيكيتيكي إلى ليفربول بحوالى 91 مليون يورو مع الحوافز، سترتفع أرباح فرانكفورت الصافية من الانتقالات منذ صيف 2023 إلى نحو 161 مليون يورو. أمّا أكبر صفقتَين حتى اللحظة، راندال كولو مواني وعمر مرموش، فانضمّا مجاناً وغادرا مقابل مجموع 165 مليون يورو.

 

عند احتساب صفقة إيكيتيكي، والاقتصار فقط على المهاجمين الذين باعهم، حقق فرانكفورت ربحاً يقارب 345 مليون يورو في 6 سنوات فقط.

 

في صيف 2019، قبل تعيين كروش عام 2021، ضاعف فرانكفورت استثماراته 3 مرّات تقريباً عندما باع سيباستيان هالر ولوكا يوفيتش في نافذة انتقالات واحدة. أمّا أندريه سيلفا، الذي جاء معاراً لتعويضهما، فغادر في صيف 2020 بعد عام واحد فقط مقابل مبلغ يقارب 8 أضعاف سعر شرائه، لتسجيله 28 هدفاً في الدوري.

 

لناحية صافي الربح البحت، لم يحقق أي نادٍ أرباحاً أكثر منه خلال السنوات الثلاث الماضية، تزامناً مع تقدّمه بثبات في جدول الـ«بوندسليغا»: من المركز السابع إلى الخامس، ثم معادلة أفضل مركز في تاريخه الموسم الماضي باحتلاله المركز الثالث.

 

فكيف ينجح فرانكفورت في تكرار هذا الإنجاز؟ وهل يمكن توقع استمرار تدفّق الأموال على النادي؟ من منظور استقطاب اللاعبين، لا يُعتبر نهج فرانكفورت لضمان الأرباح المستقبلية مبتكراً. فهو يستهدف لاعبين شباباً يتمتعون بإمكانات عالية للبيع لاحقاً، مع التركيز تحديداً على الذين يتمتّعون بمرونة تكتيكية ويناسبون أسلوب لعب النادي. لكن ما يُميِّزه هو الاتساق والالتزام بالمنهجية، بالإضافة إلى البيئة التي يخلقها للاعبين الجدد، ما يسمح له بجني الثمار.

 

تنفيذ هذه الاستراتيجية واضح للعيان، لأنّ 21 من آخر 26 صفقة دائمة أبرمها فرانكفورت كانت للاعبين تقلّ أعمارهم عن 25 عاماً. كما أنّه لا يخشى الإنفاق إذا لاحظ فرصة في السوق، وقد يعرض أرقاماً من خانتَين (بالملايين) إذا رأى أنّ اللاعب يتماشى مع نموذجه.

 

نظرة إلى أغلى 10 صفقات شراء للنادي تبرهن على هذا النمط. فواحدة من أقدم هذه الصفقات كانت التعاقد مع آرثر ثيات، على رغم من أنّه كان يبلغ 24 عاماً عند انضمامه من رين، بفضل خبرته في الدوري الإيطالي والفرنسي، ولعب ثالث أكبر عدد من الدقائق في تشكيلة فرانكفورت.

 

ومن بين هؤلاء العشرة، لا يزال 6 في فرانكفورت، إثر بيع 4 مقابل أرباح تراكمية بلغت 111 مليون يورو، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأرباح بعد إتمام صفقة إيكيتيكي.

 

لم يخض جوناثان بوركاردت (25 عاماً) بعد أي مباراة رسمية مع فرانكفورت، لكنّه يبدو صفقة جديدة تتماشى بدقة مع المشروع التعاقدي، لأنّه مهاجم دولي ألماني ثلاثي المشاركات، ولا تزال أفضل سنواته أمامه بعد مغادرته ماينز، نادي طفولته. سجّل 18 هدفاً في موسم وداعه، إثر تعافيه من إصابة في الركبة أبعدته موسماً ونيِّف. كما يمكنه اللعب في جميع مراكز الخط الأمامي، ولعب كظهير جناح في بداياته، وسريع في استغلال المساحات، تماماً النوع الذي يزدهر في فريق فرانكفورت النشيط هجومياً.

 

وكما تُظهر البيانات، سجّل فرانكفورت أعلى معدّل أهداف متوقّعة (xG) من الهجمات المرتدة في الموسم الماضي، ولم يتفوّق عليه في هذا الصدد سوى ليفربول بين الأندية في الدوريات الـ4 الكبرى.

 

ومع تواجد مرموش في قلب هذا النهج الهجومي، إلى جانب إيكيتيكي، الموهوب في اللعب المفتوح والهجمات السريعة، ارتفعت قيمتهما بشكل كبير.

 

من هذه الزاوية، فإنّ التزام فرانكفورت بأسلوب لعب هجومي وسريع تحت قيادة المدرب دينو توبمولر، يفسّر إلى حدّ كبير نجاحاته الأخيرة في السوق. القدرة على جذب أندية الـ«بريميرليغ» هي مفتاح ربحيّته المستمرة. وبما أنّ الدوري الإنكليزي تفوّق على الـ«بوندسليغا» في عدد الهجمات المباشرة لكل مباراة الموسم الماضي، فإنّ اللاعبين القادرين على الحسم السريع سيظلّون ذوي قيمة مرتفعة.

 

استخدم الرئيس التنفيذي لفرانكفورت، أكسل هيلمان، مثال مرموش لتسليط الضوء على أهمية التدريب المستهدف داخل النادي لتعجيل مسيرة تطوّر اللاعبين الموهوبين: «لدينا واحد من أفضل الأجهزة التدريبية في الـ«بوندسليغا». وهذا مهمّ جداً، لأنّنا نوقّع مع لاعبين شباب، وعملية تأهيلهم تتطلّب الكثير. عندما وصل مرموش، لم يكن هدافاً فعلياً، لكنّ مدرّبينا عملوا معه ذهنياً، جسدياً، استراتيجياً، تكتيكياً، وفنياً في الملعب وعلى جميع قدراته، وخلقنا لاعباً جديداً بالكامل. هذا هو التدريب والتعليم الجيد».

theme::common.loader_icon