أخصائية تغذية
أعاد الإعلان عن إصابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخّيراً بالقصور الوريدي المزمن (Chronic Venous Insufficiency - CVI) تسليط الضوء على هذه الحالة الصحية المنتشرة، التي غالباً ما تمرّ من دون تشخيص أو اهتمام كافٍ.
تشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 25 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من هذا الاضطراب، بينما تصل النسبة عالمياً إلى نحو 30% من البالغين، ما يجعل منه مشكلة صحية عامة تتطلّب وَعياً مجتمعياً وتدخّلاً وقائياً مبكراً.
فهم القصور الوريدي المزمن: ما الذي يحدث في الساقين؟
CVI هو خلل في عودة الدم من الساقين إلى القلب، بسبب ضعف أو تلف في صمامات الأوردة. هذه الصمامات المفترض أن تمنع رجوع الدم، تفقد فعاليتها، ممّا يؤدّي إلى ركود الدم في الأطراف السفلية، متسبِّباً في شعور بالثقل، تورّم، وألم يزداد مع الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة.
تبدأ الأعراض غالباً بشكل خفيف كتورّم في الكاحلَين، لكنّها قد تتطوّر لتشمل تشنّجات ليلية، تغيّراً في لون الجلد، حكّة، تقرّحات صعبة الشفاء، وبروزاً للدوالي. وقد يؤدّي التأخّر في العلاج إلى مضاعفات مزمنة يَصعب التعامل معها لاحقاً.
الغذاء ونمط الحياة: سلاحان فعّالان في الوقاية والعلاج
تشير دراسات حديثة في العامَين الأخيرَين إلى دور محوَري للتغذية في التخفيف من أعراض القصور الوريدي ودعم فعالية العلاجات الطبية.
وتُعزّز الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة والفلافونويدات - مثل التوت، الكرز، الحمضيات، والشاي الأخضر - صحة جدران الأوعية وتُقلّل من نفاذيتها.
كما أنّ فيتامينات C وE وK تلعب أدواراً داعمة في تكوين الكولاجين، تحسين تدفّق الدم، وتعزيز مرونة الأوردة.
كما أنّ تناول الألياف يُقلِّل من الإمساك، الذي يمكن أن يَزيد الضغط على أوردة الساقَين. أمّا المعادن كالبوتاسيوم والمغنيسيوم، فتُساهم في تنظيم السوائل وتقليل التورّم.
وأظهرت الدهون الصحية، خصوصاً أوميغا-3 الموجودة في الأسماك الدهنية وبذور الكتان، نتائج واعدة في تقليل الالتهاب وتحسين الدورة الدموية.
ما الذي يجب تفاديه؟
تساهم الأطعمة المالحة والمصنّعة، الغنية بالدهون المشبّعة والسكّريات، في زيادة الالتهاب واحتباس السوائل وزيادة الوزن، ممّا يُفاقم الأعراض.
الحركة اليومية... ضرورة علاجية
النظام الغذائي لا يكفي وحده. فالنشاط البدني المعتدل، كالمشي وركوب الدراجة، يُحفِّز ضخ الدم من الساقَين، بينما يُساعد رفع القدمَين بانتظام على تقليل التورّم. كما يُنصَح بتجنّب الجلوس أو الوقوف الطويل، مع استخدام الجوارب الضاغطة تحت إشراف طبي.
يبدأ القصور الوريدي المزمن بأعراض بسيطة، لكنّه قد يتحوّل إلى مشكلة صحية معقّدة إذا أُهمِل.
بالتالي، فإنّ تبنّي نمط حياة صحي ومتوازن هو مفتاح الوقاية، وقد يُقلِّل من الحاجة إلى العلاجات الجراحية لاحقاً. الوعي والتدخّل المبكر هما خط الدفاع الأول... وصحة أوردتنا تبدأ من اختياراتنا اليومية.