هل التعاقد مع متفوّقي الـxG مخاطرة محسوبة أم مجازفة غير مضمونة؟
هل التعاقد مع متفوّقي الـxG مخاطرة محسوبة أم مجازفة غير مضمونة؟
كونور أونيل- نيويورك تايمز
Saturday, 19-Jul-2025 07:08

الآن، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج مانشستر يونايتد إلى لاعبين يتجاوزون التوقعات. واستراتيجية التعاقدات التي ينتهجها النادي هذا الصيف تعكس ذلك. فتوصّل إلى اتفاق للتعاقد مع البرازيلي ماتيوس كونيا من وولفرهامبتون، بتفعيل بند فسخ عقده البالغ 62.5 مليون جنيه إسترليني. وقد يلحق به براين مبومو من برنتفورد بعرض أولي بقيمة 55 مليون جنيه، بعد أن عبّر المهاجم بوضوح عن رغبته في الانتقال.

أبهر كونيا ومبومو المتابعين منذ وصولهما إلى إنكلترا بأداء لافت، لكنّهما تميّزا أيضاً من منظور إحصائي بحت، فكانا من أكثر اللاعبين فاعلية في إنهاء الهجمات، متجاوزَين بارتياح توقعات الأهداف (xG) الخاصة بهما هذا الموسم.
سجّل مبومو 15 هدفاً من لعب مفتوح مقابل 7,6 أهداف، أي ضعف المتوقع تقريباً. أمّا كونيا، فسجّل 15 هدفاً أيضاً من 8,7 xG، ما جعله ثاني أعلى اللاعبين تفوّقاً على المعدّل المتوقع في الدوري.
قدراتهما التهديفية اللافتة تستحق الإشادة، خصوصاً أنّ يونايتد عانى من نقص حاد في هذا الجانب. لكن يبقى السؤال: هل يستند يونايتد في استراتيجيّته إلى موجة تألّق قد لا تدوم، بدلاً من الاعتماد على مؤشرات أداء قابلة للاستمرار؟

وضعية مبومو
لنبدأ بمبومو. تنوّعت أهدافه بين تسديدات ذكية، إنهاءات مقوّسة، تسديدات قوية نحو الزاوية القريبة، لمسات في منطقة الـ6 ياردات، وحتى أهداف حظ، مثل عرضية مبالغ بها ضدّ إيبسويتش تحوّلت إلى هدف.
وبغياب إيفان توني بعد انتقاله إلى الأهلي السعودي، كان مبومو العنصر الحاسم الذي أبقى برنتفورد على سكة التوازن، لينهي الموسم برصيد 56 نقطة، وهو ثاني أفضل حصيلة له في الدوري الممتاز. لكن، ما مدى إمكانية تكرار هذا الإنجاز بالنظر إلى نوعية الفرص التي حصل عليها؟
للتقييم، حاكت «ذا أتلتيك» موسمه 100,000 مرّة باستخدام بيانات xG لكل واحدة من تسديداته الـ79 من اللعب المفتوح. النتيجة؟ مهاجم عادي لن يتمكن من تسجيل 15 هدفاً من الفرص عينها إلّا مرّة واحدة كل 200 موسم تقريباً، ولم تتجاوز نسبة المحاكاة التي سجّلت 15 هدفاً 0,4%. وبحسب النموذج، كان من المرجّح أن يُسجّل هدفَين فقط. أمّا كونيا، فاحتمالية تكراره لرقمه كانت أعلى قليلاً، بنسبة 1,7%.
بالتالي، من غير المرجّح أن يتمكن أي منهما من تكرار حصيلته التهديفية في مواسم لاحقة إذا بقِيَت جودة الفرص على حالها. لكن في النهاية، xG ليست سوى نموذج إحصائي، بينما يتأثر الإنهاء بمجموعة متشابكة من العوامل: المسافة، الزاوية، الضغط، تموضع الحارس، أسلوب التسديد، المهارة الفردية، وحتى الحظ. لا نموذج يمكنه قياس كل هذه العناصر بدقة كاملة.
كرة القدم لعبة قليلة الأهداف، وتحليل التسديدات، خصوصاً على مستوى اللاعبين الفردي، يتأثر بشدة بتقلّبات الإحصاء. لو افترضنا أنّ النموذج قلّل من قدرة كونيا على التسجيل بنسبة 25%، فإنّ تسجيله لـ15 هدفاً يصبح وارداً في 10% من المحاكاة، وهي نسبة أكثر منطقية.
ومع ذلك، هناك نمط ثابت: تجاوز xG بشكل دائم ليس أمراً شائعاً أو مستداماً. ففي رسم بياني يقارن بين أداء اللاعبين في xG من موسم لآخر، لا يظهر أي ترابط يُذكر.
طبعاً، هناك استثناءات. بعض اللاعبين يملكون موهبة فطرية في الإنهاء تجعلهم يتفوّقون على المعدّلات المتوقعة باستمرار. المثال الأبرز هو سون هيونغ-مين، الذي سجّل 97 هدفاً من xG بلغ 72 منذ موسم 2018-2019. ومن الأسماء الأخرى: هاري كين، فيل فودين، وكيفن دي بروين.
لكنّ مبومو لا ينتمي بعد إلى هذه الفئة. هذه أول مرّة في 4 مواسم بالدوري يتفوّق فيها على معدّله. هل تحسنت قدراته فجأةً هذا الموسم؟ على الأرجح لا، لكن طرأ تغيير ملحوظ على أماكن تسديده.
في المواسم السابقة، كانت تسديداته موزّعة في أرجاء منطقة الجزاء. هذا الموسم، تمركزت غالباً قرب الزاوية اليمنى للمنطقة، إذ بات يتوغّل ويُسدّد مقوّساً نحو الزاوية البعيدة. ربما يكون فعلاً أفضل من المعدّل في هذا النوع من التسديدات. لكنّ السؤال: هل سيحصل على المساحات والفرص عينها في يونايتد؟
وضعية كونيا
بالنسبة إلى كونيا، فالوضع مختلف بعض الشيء: تفوّق على توقعاته في موسمَيه مع وولفرهامبتون. لكن عند تفحّص خريطة تسديداته، يبرز نمط معيّن: 5 من أهدافه جاءت من خارج منطقة الجزاء، بالتساوي مع زميله المستقبلي برونو فيرنانديش، بما في ذلك هدف مباشر من ركلة ركنية ضدّ يونايتد. فإمّا أنّ كونيا يملك موهبة فريدة في التسديد من بعيد، أو أنّ هذا الأداء سيتراجع إلى المعدّل الطبيعي لاحقاً.
الخطر الكامن في الأداء المتفوّق هو دفع مبالغ ضخمة مقابل سلسلة تهديفية موقتة. مدرب برينتفورد، توماس فرانك، قالها بوضوح: «20 هدفاً من لاعب في نادٍ وسط الترتيب» يجب أن تعني «سعراً كبيراً جداً» عند بيعه. فمن السهل تسويق عدد الأهداف الفعلي، أكثر من التوقعات الإحصائية الأقل جاذبية.
من القصص التحذيرية البارزة: انتقال تيمو فيرنر إلى تشلسي مقابل 47,5 مليون جنيه عام 2020، بعد موسم تخطّى فيه توقعاته بشكل كبير، مسجّلاً 28 هدفاً من xG بلغ 21,2. لكنّ أحذيته التهديفية بقِيَت في لايبزيغ، وتأخّر عن معدّله المتوقّع بفارق 11 هدفاً خلال فترة وجوده في إنكلترا. وكذلك كريستيان بينتيكي الذي ضمّه ليفربول بعد موسم استثنائي مع أستون فيلا، لكنّه فشل في تكراره.
في المقابل، هناك حالات إيجابية، مثل المصري عمر مرموش الذي واصل تألقه التهديفي بعد انتقاله من الـ»بوندسليغا» إلى مانشستر سيتي، مسجّلاً 7 أهداف منذ كانون الثاني.
في حالة مبومو وكونيا، قد تحجب المخاوف من الإفراط في الأداء حقيقة أهم: كلاهما يملك أرقام xG قوية في الأساس. أي أنّهما يتفوّقان على معدّلات مرتفعة أصلاً، وهو أمر لافت للاعبَين لا يُعتبران رأس حربة صريحَين ولا يلعبان في فرق تصنع الكثير من الفرص. فالإنهاء قد يتقلّب، لكنّ خلق الفرص المتوقعة أكثر ثباتاً. ما يستحق الاستثمار فعلاً هو القدرة المستمرة على الوصول إلى مواقع تهديفية عالية الجودة.

theme::common.loader_icon