Little, Big, and Far: التأمّل في الكون
Little, Big, and Far: التأمّل في الكون
أليسا ويلكنسون- نيويورك تايمز
Thursday, 17-Jul-2025 06:41

الفيلم الجديد للمخرج التجريبي جيم كوهين عمل لا يمكن تصنيفه، يتناول الفلكيِّين، الإنسانية، الحُب، والنجوم.

في منتصف رواية فيكتور هوغو «البؤساء» تقريباً، يتأمّل الراوي العليم في كيفية تداخل أصغر وأعظم اللبنات الأساسية للحياة في كوننا، فيكتب «حيث ينتهي التلسكوب، يبدأ المجهر. فأيّهما يمتلك مجال الرؤية الأوسع؟».
سؤال وجيه. في فيلم جيم كوهين الذي لا يمكن تصنيفه «صغير، كبير، وبعيد»، يُعلّق فلكي يُدعى كارل (فرانز شوارتز) بأنّه حين كان طفلاً، أدهشه اكتشاف أنّ النجوم متباعدة بملايين الأميال، وهو أمر يخبرنا به بينما نشاهد صوراً للسماء الليلية.
من وجهة نظره على سطح الأرض، بدت تلك النجوم متقاربة، وكأنّها تتبادل الرفقة، مترابطة. هذا يدفعه إلى التأمّل في كيفية احتواء العلاقات البشرية على مسافات شاسعة، حتى وإن كانت أجسادنا قريبة مادياً. مثلاً، هنالك المسافة التي نمت بينه وبين زوجته منذ 40 عاماً، إليانور (ليزلي ثورنتون)، وهي أيضاً فلكية، وتبدو وكأنّها تبتعد عنه شيئاً فشيئاً.
ذلك الإحساس بالتجاوب بين الأجرام السماوية، وأجسادنا، وأصغر أجزاء العالم - والكيفية التي تنطوي بها مفاهيم مثل الغموض، الانسجام، الاتصال، الذاكرة في العالم الطبيعي، وكذلك في العالم الماورائي - هو الموضوع المحوري في «صغير، كبير، وبعيد».
لكنّني لستُ واثقة تماماً من كيفية وصف هذا الفيلم، سوى أنّه مؤلم الجمال. من شاهد أفلام كوهين السابقة، مثل «ساعات المتحف»، سيعرف ما الذي ينتظره؛ وقد رأيت من وصف «صغير، كبير، وبعيد» بأنّه «هجين من المقالات الرسائلية والوثائقيات التخيلية»، وهو وصف دقيق، لكنّه لا يكشف الكثير.
هو فيلم رسائلي، لأنّ معظم الحوار فيه يأتي على شكل رسائل بين كارل وزميلته الأصغر سارة (جيسيكا سارة رينلاند)، التي تنشأ بينها وبين ماتيو (ماريو سيلفا)، وهو أيضاً فلكي، علاقة عاطفية. يتشارك كارل وسارة أفكارهما حول عملهما، وعلاقاتهما، وحياتهما، والأشياء التي تجذبهما إلى النجوم.
وغالباً ما نستمع إلى رسائلهما بينما نشاهد صوراً لتلسكوب عملاق، أناس في ساحة مدينة، حركة مرور مسرعة على الطريق السريع، العالم الطبيعي، وأضواء في السماء الليلية.
نسمع القليل من إليانور أيضاً، التي تتحدّث عن مشاهدتها للكسوف من موقف سيارات مركز تجاري، وكيف شدّها ما بدا من تشكّل مجتمع صغير موقت بين المراقبين، على رغم من أنّهم كانوا غرباء عن بعضهم البعض.
خلال هذا التأمّل، والعديد غيره، فإنّ معظم الصور التي نشاهدها هي لأشخاص حقيقيِّين يمارسون حياتهم اليومية، سواء كانوا يستقلون قطار المترو الخفيف في فيينا، أو جالسين على كرسي قابل للطَيْ يراقبون كسوف الشمس.
في إحدى فقرات الفيلم، تتأمّل سارة بصوتها في ما إذا كان لا بُدّ للمتاحف، كما تقول، أن تكون «أماكن للمعرفة، لكن أيضاً للحِداد»، في عصرٍ تنقرض فيه الأنواع بمعدّلات مخيفة. وبينما نستمع إليها، نشاهد أناساً يتجوّلون في متحف للتاريخ الطبيعي، ينظرون إلى المعروضات، ويبدون غير مدركين لوجود الكاميرا.
ومن المناسب أيضاً وصف «صغير، كبير، وبعيد» بأنّه فيلم مقالي. هو استكشاف بلا نهاية واحدة، رحلة متعرّجة تنسج معاً حكايات لا تنتهي على الإطلاق. تتجوّل التأمّلات من الصخور إلى النجوم، ثم إلى الحياة والحب، وتعود مجدّداً، في حلم يقظة شبه دائم (في أول مرّة شاهدته فيها، كنتُ أقاوم النوم لأنّه بدا أشبه بأغنية تهويدة لنهاية العالم – لا تشاهده وأنت نعسان).
كل شيء، بطريقة ما، محتوى ضمن ساعتَين تمتدّان وتتقلص عبر الزمان والمكان. ما يعلق في ذهنك سيكون فريداً لك؛ وأظنّ أنّ الفيلم سيأخذ أشكالاً مختلفة بحسب هوية المشاهد، ومجال الرؤية الذي يوجّه إليه انتباهه في تلك اللحظة.
لا توجد حبكة واضحة، ولا الكثير من التفسير، في «صغير، كبير، وبعيد»، فهو أقرب إلى نزهة فلسفية منه إلى قصة. جاذبيّته للمشاهد الفردي ستعتمد على مدى تقبّله لهذا الوصف، إذ إنّ هذا النوع من الأفلام يتحدّى التوقعات ويتطلّب انتباهاً عالياً من جمهوره. لكنّه أيضاً يمنح شعوراً بالتغذية الروحية، لا يستطيع كثير من الأفلام تحقيقه.
عنوان الفيلم يأتي من أبسط وصف يقدّمه كارل لطبيعة عمله كفلكي: «نحاول فهم ثلاثة أشياء: الصغير، والكبير، والبعيد. وهذه الأمور الثلاثة، كما يتضح، ليست منفصلة، بل متشابكة، متداخلة تماماً». كل شيء، في النهاية، متصل بكل شيء آخر.

theme::common.loader_icon