أخصائية تغذية
في خطوة طبية قد تغيّر مستقبل مرضى السكّري من النوع الأول، طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) جهازاً ذكياً يُزرَع تحت الجلد، مصمَّماً للتدخّل تلقائياً عند حدوث هبوط خطير في مستوى السكر في الدم.
يُمثل الابتكار الجديد، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة Nature Biomedical Engineering، تقدّماً ملموساً في مواجهة أحد أخطر سيناريوهات مرض السكري: الغيبوبة الناتجة من انخفاض السكر خلال النوم أو في غياب أي تدخّل فوري.
يعتمد الجهاز على خزّان صغير يحتوي على مسحوق مستقر من هرمون الغلوكاغون، المعروف بدوره في رفع مستوى الغلوكوز ومقاومة آثار الإنسولين.
عند رصد انخفاض شديد في السكّر من خلال جهاز مراقبة متصل (CGM)، يُطلق الجهاز جرعة فورية من الغلوكاغون إلى الدم من دون الحاجة لأي تدخّل من المريض أو المحيطين به.
كما يمكن تشغيله يدوياً عند الشعور بأعراض الهبوط، سواء عبر تطبيق ذكي أو زر خارجي، ما يوفّر بديلاً عملياً وأكثر سهولة من الحقن التقليدية. تنبع أهمية هذا الابتكار من واقع أنّ مرضى السكّري من النوع الأول معرّضون لنوبات انخفاض حاد في السكّر، قد تكون قاتلة إذا لم تُعالَج بسرعة، لا سيما أثناء النوم أو بعد مجهود بدني كبير.
وتزداد الخطورة لدى الأطفال، كبار السن، والمصابين الذين يعيشون بمفردهم، أو مِمَّن يعانون من فقدان الإحساس بأعراض الهبوط.
علمياً، يتميّز هذا الابتكار باستخدام تركيبة جافة مستقرّة من الغلوكاغون، بخلاف النسخ السائلة التي تحتاج إلى تبريد وتفتقر إلى مدة صلاحية طويلة.
كما أنّ تصميم الجهاز يُتيح إطلاقاً تلقائياً وفعّالاً للهرمون بمجرّد الحاجة، وقد أظهرت التجارب على الخنازير، التي تشابه استجابة الإنسان، نتائج مبشّرة برفع سريع وآمن للسكر.
لكن على رغم من فاعلية هذا الجهاز، تبقى الوقاية أساس التعامل مع السكّري. الالتزام بتغذية متوازنة، واعتماد مراقبة دائمة لمستوى السكّر، إلى جانب التثقيف الغذائي المستمر.
في النهاية، التكنولوجيا هي أداة داعمة لا بديل عن المتابعة الطبية والخطة العلاجية المتكاملة، لكن مثل هذا الابتكار يمكن أن يشكّل نقطة تحوّل حقيقية في حياة مئات الآلاف من المرضى المعتمدين على الإنسولين حول العالم.