حتى بالنسبة إلى معايير برشلونة، فإنّ نافذة الانتقالات الصيفية انطلقت بشكل درامي. بدا أنّ صفقة نيكو ويليامز، جناح أتلتيك بلباو، أُبرمت هذا الشهر، قبل أن تنهار بين ليلة وضحاها بسبب خلاف يتعلق ببند خروج في حال لم يتمكن النادي الكتالوني من تسجيله في الوقت المناسب لبداية الموسم الجديد.
بدلاً من ذلك، بات على برشلونة أن يتحوّل إلى أهداف أخرى، مع وجود ثلاثي من الدوري الإنكليزي الممتاز قَيد الدراسة الجدّية. لا يزال الكولومبي لويس دياز خياراً أول، مع اعتبار ماركوس راشفورد بديلاً مباشراً، بينما ظهر الفرنسي كريستوفر نكونكو أيضاً كخيار محتمل، على رغم من أنّ فُرَص التحرّك لضمّه في هذه المرحلة المبكرة تبقى غير واضحة.
كل لاعب من هؤلاء الثلاثة يُقدِّم مجموعة مختلفة من المهارات، لكن مَن هو الأنسب لبرشلونة؟
دياز هدف كلاسيكي
برشلونة بحاجة إلى قوة هجومية إضافية إن أراد الحفاظ على تقدّمه وتوسيع الفارق. ويبحث عن لاعب هجومي متعدّد الاستخدامات على الجهة اليسرى. فليك لا يمانع في إشراك رافينيا كمهاجم صريح، لذا فإنّ وجود لاعب قادر على التناوب بين مركز الجناح ورأس الحربة، والتراجع أحياناً للربط مع لاعبي الوسط، سيُعزِّز من مرونة الفريق ويَزيد من عنصر المفاجأة في خط الهجوم.
لهذا السبب، يبرز دياز كخيار أول لديكّو، إذ يلتصق بخط التماس، لكنّه كان فعّالاً أيضاً في العمق تحت قيادة أرني سلوت، ما سمح لكودي خاكبو باللعب على الجناح.
كما أنّ دياز (28 عاماً) يَميل أحياناً للتواجد في المساحات بين الخطوط، في دور أقرب إلى «الرقم 8» على الجهة اليسرى، فيستلم الكرات في ظل ضغط ويمتلك القدرة على التخلّص من الرقابة بفضل مهاراته العالية في المراوغة.
مثل رافينيا، يشعر دياز بالراحة، سواء في التراجع لاستلام الكرة أو الانطلاق خلف الخطوط. وغالباً ما يكون مباشراً في تحرّكاته عندما يجد مساحات بين الخطوط. إنّه نوع من الحسم والانفجار الذي يبحث عنه برشلونة أمام الفرق المتكتلة دفاعياً.
مع ما يقدّمه من حلول هجومية وفعالية من الطرف، بالإضافة إلى قدرته المتزايدة على التهديف من العمق، من السهل فهم سبب تمسّك ديكو بخيار دياز. ويعتقد برشلونة أنّه قادر على إغراء الكولومبي، لكنّه قوبِلَ برفض أولي من ليفربول، كما أنّ الشق المالي للصفقة قد يكون عائقاً يستدعي دراسة خيارات بديلة.
راشفورد ويونايتد
من جانبه، يبدو مانشستر يونايتد أكثر انفتاحاً على التفاوض بشأن راشفورد (27 عاماً) الذي يرغب في الانضمام إلى برشلونة، وبعض المسؤولين في النادي يعتقدون أنّ بإمكانهم الانتظار للحصول على صفقة أفضل، سواء بالإعارة أو انتقال دائم.
راشفورد، جناحٌ أيسر يمكنه اللعب في العمق، صرّح أخّيراً بأنّه يشعر بـ»راحة أكبر وطبيعية أكثر» في مركز الرقم 9. يتميّز بالسرعة والانطلاقات المباشرة من الأطراف، ويملك قدرة كبيرة على التسديد من مسافات بعيدة، وتجاوز معدّل أهدافه المتوقعة في 4 من آخر 5 مواسم بالـ»بريميرليغ».
لا خلاف على قدراته التهديفية عندما تُتاح له المساحة على الأطراف، إذ سجّل 30 هدفاً في موسم 2022-2023. وعلى رغم من أنّ الأمور لم تسِر بشكل جيد أخّيراً، إلّا أنّ هدفه ضدّ بورتو في دوري الأبطال أظهر قدرته على اختراق الدفاعات في الهجمات المرتدة، حين راوغ للداخل وسدّد بقوة بعد استلام الكرة من الجهة اليسرى.
يكون راشفورد أكثر فعالية من الجهة اليسرى، لكنّه قدّم مستويات جيدة في جميع مراكز الهجوم خلال فترة إعارته إلى أستون فيلا. وأقنع أوناي إيمري بمنحه فرصة اللعب كمهاجم بعد تسجيله هدفَين في الفوز 3-0 على بريستون في كأس الاتحاد، ثم تسجيله مجدّداً أمام برايتون بعد اختراق سريع من العمق، بعد 3 أيام فقط.
أفضل أداء له كمهاجم كان في الفوز 3-2 على باريس سان جيرمان، بطل أوروبا، حين تحرّك بحرّية على امتداد الثلث الهجومي، وسدّد بقوة على دوناروما بعد اختراق من اليسار، ثم راوغ قبل أن يمرّر كرة حاسمة إلى إزري كونسا.
مع الثقة، يمكن لراشفورد أن يُضفي حيَوية كبيرة على خط هجوم برشلونة. يستطيع اختراق التكتلات الدفاعية بتسديداته وقدرته على الاندفاع. لكنّه يُعاني أحياناً حين يلعب وظهره للمرمى، ونادراً ما يتراجع للربط مع الوسط أو تقديم تمريرات ذكية، بل يَميل إلى اللعب المباشر واستغلال المساحات خلف الدفاع.
إذا كان برشلونة يبحث عن لاعب مؤثر وفردي يُضاهي ما يقدّمه يامال من الجهة اليمنى، فقد يكون توهّج راشفورد حلاً مناسباً في مباريات يتعطّل فيها الإيقاع.
نكونكو خيار مغاير
أمّا نكونكو فيأتي في مرتبة أدنى ضمن قائمة الخيارات، لأنّه أقرب إلى مهاجم أو لاعب رقم 10، وليس جناحاً كدياز أو راشفورد أو ويليامز. غالباً ما يتمَوضع على الأطراف خلال بناء اللعب، لكنّه ليس من النوع الذي تُمرّر له الكرة باستمرار على الخط ويتجاوز المدافعين. بل يفضّل التوغّل عبر تبادل الكرات أو التحرّك الذكي من دون كرة.
وعلى رغم من أنّ تجربته مع تشلسي كانت متقطعة، إلّا أنّ نكونكو أظهَر أنّه قادر على تسجيل الأهداف القذرة، إلى جانب اللمسات الفنية التي اشتهر بها مع لايبزيغ.
أظهر صلابته وتركيزه عندما سجّل هدف الفوز المتأخّر ضدّ بورنموث في وقت مبكر من الموسم. قوّته البدنية العُلوية تسمح له بمقاومة المدافعين، وهي ميزة مهمّة سواء في المنطقة أو على الأطراف.
لكن هناك تساؤلات حول فعاليّته أمام الدفاعات المتراجعة، إذ يبدو ثقيل الحركة أحياناً في المساحات الضيّقة، ويفتقر إلى التمرير الحاسم. إلّا أنّه، ومع الحرّية في التحرّك داخل العمق، غالباً ما تظهر غريزته التهديفية، إذ سجّل 16 هدفاً في أكثر من 30 مباراة مكتملة بقميص تشلسي.
برشلونة لا يفتقر إلى الخيارات، لكنّ تنوّع ملفات اللاعبين في القائمة المبكرة يعكس صعوبة المهمّة في سوق الانتقالات. هل يختار المراوغ السريع، أم الجناح القوي، أم الهدّاف المتربّص؟