تشتبك دانييل ديدويلر مع آكلي لحوم البشر في فيلم إثارة ما بعد نهاية العالم، يبعث على القلق.
«هل تعتقدين أنّ الرصاص ينمو على الأشجار؟» تسأل هايلي فريمان (دانييل ديدويلر) ابنتها بعصبية. بعد مرور 11 عاماً على مجاعة عالمية حوّلت الأراضي الزراعية إلى المورد الأكثر قيمة في هذا المستقبل القريب، تقضي هايلي أيّامها في تدريب أطفالها على صدّ العصابات التي تتربّص بأرض العائلة الخصبة التي تعمل بها بلا كلل.
عنوان فيلم آر. تي. ثورن الجريء والمذهل «40 فداناً» مليء بالرمزية بطبيعة الحال. الاسم مستوحى من وعد الجنرال ويليام تي. شيرمان خلال الحرب الأهلية بمنح الأميركيِّين السود المحرَّرين من العبودية 40 فداناً. ملكية هايلي الريفية الخصبة في كندا، التي تعود لعائلتها منذ عام 1875، تُجسّد وعداً لم يُنفّذ قط في الولايات المتحدة. ومن اللافت أنّ أولئك الذين ينتهكون حرمة مزرعة هايلي، مثل فرقة القتلة في الاشتباك الدموي الافتتاحي للفيلم، جميعهم من البيض من دون استثناء.
لحماية هذه الأرض، تعتمد هايلي وشريكها من السكان الأصليِّين، غالين (مايكل غريآيز)، الذي يقدّر قيمة الأرض تماماً مثلها، على أبنائهما الأربعة. إيمانويل الطيب القلب (كاتايم أوكونور) يتولّى المراقبة، ورين الثاقبة النظرة (لينا روبنسون) تعمل قناصة، وتساعد الأختان الصغيرتان دانيس (جايدا لو بلان) وكوكي (هايلي أمار) حيثما أمكن.
تشمل وسائل التحصين الأخرى سياجاً كهربائياً، مركبات ATV للتجوال، مخزوناً من الأسلحة في ملجأ للطوارئ، وشبكة من الأنفاق تحت الأرض تذكّر بسكة الهروب السرّية. خلال النهار، يمارسون الرماية والقتال اليدوي، وفي وقت العشاء، تقدّم رين تقريراً عن «كتيّب البروليتاريا».
وعلى رغم من ميل هايلي للعزلة، تبرز تهديدات جديدة تختبر رغبتها في الانكفاء. عبر جهاز الراديو الخاص بها، تكتشف أنّ آكلي لحوم البشر قد ارتكبوا مجازر في العديد من المزارع المحيطة. وصديقتها الوحيدة أوغوستا (إليزابيث ساندرز) مفقودة أيضاً. من دون علم هايلي، يأوي إيمانويل، الذي يئس من العثور على الحُبّ وعلى رفقة من جيله، فتاة مصابة تُدعى داون (ميلكانيا دياز-روخاس) تظهر فجأة بحثاً عن المساعدة.
على رغم من أنّنا نتعرّف كثيراً إلى هذه العائلة خلال الفصول الخمسة للفيلم، يبقى عالمهم الخارجي غامضاً. تتحدّث هايلي عن فصيل عسكري يُعرف باسم «الاتحاد»، لكنّنا لا نراه مطلقاً. هل لا تزال هناك حكومة قائمة؟ هل توجد معارضة؟
وعلى رغم من أنّ آكلي لحوم البشر يمثلون تهديداً مرعباً، فإنّهم يظلّون بلا أسماء ومحدّدي الملامح. ومن خلال معاملة الجيش وآكلي لحوم البشر كتهديد واحد، يحدّ ثورن من الإمكانات الدرامية للفيلم التي يمكن أن تمزج بين العِرق والرعب والتاريخ.
ومع ذلك، فإنّ في «40 فداناً» جمالاً مشوباً بالتوتر. طاقة ديدويلر القوية تملأ الشاشة؛ من خلال وقفتها المتصلبة وخطابها الواضح، تمنح هذه الأم الصارمة المحبة قوة وروح دعابة.
ومن خلال اللقطات الواسعة والتصوير المتحرّك، يعكس مدير التصوير جيريمي بينينغ سحر ساعة الغروب الذهبي في قلب الريف مع العنف القاسي اللازم للدفاع عنه.
ذروة الفيلم النهائية، التي تجري في مواقع متعدّدة، تُشبِع رغبة المشاهد في الدموية، بينما يُضيف إخلاص هايلي الأخير لإيمانويل دفئاً إلى قصة نهاية العالم المثلجة.