كاريراس لمدريد: مرونة وتأثير في حقبة ألونسو
كاريراس لمدريد: مرونة وتأثير في حقبة ألونسو
Saturday, 12-Jul-2025 07:18

المعلّمون، الأهل، ومدرّبو كرة القدم... لا يُفترض أن ينعموا بلاعبين مفضّلين. لكن إذا استمعت إلى الطريقة التي كان يتحدّث بها تشابي ألونسو عن أليكس غريمالدو طوال موسم باير ليفركوزن التاريخي من دون هزيمة - حين قدّم 10 أهداف و13 تمريرة حاسمة في الـ»بوندسليغا» من مركز الظهير الجناح الطائر - فسيكون من العادل أن نفترض أنّ الإسباني كان الأول في الصف.

شرح ألونسو في كانون الأول 2023 أنّ «غريمالدو، يمكنه اللعب في خط دفاع رباعي كظهير، لكنّه أحياناً يكون جناحاً، وأحياناً لاعب وسط. لذا، يمنحك الذكاء ليكون في المكان المناسب حين تكون لديه البديهة».

 

نجحت صفقة التعاقد مع ظهير أيسر من بنفيكا مع ألونسو إلى حدٍ كبير، لدرجة أنّه عاد الآن ليجلب النموذج التالي إلى ريال. فعلى رغم من أنّ ألفارو كاريراس لم يصل بعد إلى المستويات الإبداعية لغريمالدو، إلّا أنّه يَعِد بالمرونة والتدمير الهجومي الذي يتوق إليه مدربه الجديد.

 

كاريراس (22 عاماً) لاعب قوي، طويل، ومتين، عدّاء تقليدي على الخط يستخدم زخمه إلى الأمام لتجاوز التحدّيات والانطلاق على الجناح. لكنّه قادر أيضاً على الدخول إلى العمق، مرتاح بالتنقل والمراوغة في المساحات الصغيرة وسط الملعب بالكرة تحت قدمَيه، أو حتى التراجع وخلق فرص لزملائه من خلال تمريرات خلف الدفاع أو تغييرات في اتجاه اللعب.

 

السؤال التكتيكي الذي سبق أولى مباريات ألونسو مع ريال دار حول نظامَين أساسيَّين، إمّا بـ3 مدافعين أو 4، وكلاهما جرّبه في كأس العالم للأندية. لكنّ التعاقد مع كاريراس، الذي كان معروفاً باسمه العائلي «هيرنانديز» خلال صعوده في مانشستر يونايتد، يطمس هذه الحدود. يمكنه اللعب في مراكز متعدّدة ضمن تشكيلات مرنة، ويساعد ريال الجديد على أن يكون غير متوقّع، ويُغيّر شكله عدة مرّات خلال المباراة.

 

المهارة الأساسية لكاريراس هي التداخل من مركز الظهير الأيسر، كان مصدراً ثابتاً لبنفيكا الموسم الماضي من خلال خطواته الطويلة نحو المساحات على الطرف.

 

هناك أمثلة لا تُعدّ، تمريرته الحاسمة للمهاجم فانجيليس بافليديس في الخسارة 5-4 أمام برشلونة تُعدّ نموذجاً قوياً، إذ وفّر العرض على الجناح بوصوله إلى تمريرة طولية من توماس أراوخو قبل أن يُرسِل عرضية من لمسة واحدة. وكرّرها مجدداً، ضدّ فارينسي في الدوري، إذ لاحظ الفرصة للهجوم فوراً عندما مرّر بافليديس الكرة في الوسط.

 

سجّل أحد أهدافه الأربعة الموسم الماضي بهذه الطريقة، إذ استلم الكرة ثم أطلق تسديدة قوية تجاوزت الحارس ريكاردو فيلهو من الزاوية القريبة.

 

يتألّق كاريراس بدنياً، وحالته الجسدية تُمكّنه من تكرار الركض عالي الكثافة واستغلال المساحات على الأطراف. وفقاً لبيانات SkillCorner، لم يتفوّق عليه سوى ظهيرَين فقط في الدوري البرتغالي من حيث المسافة المغطاة خلال الركض بسرعات تفوق 25 كم/ساعة، ممّا يجعل من الصعب إيقافه حين يكون الزخم في صالحه.

 

لكن، في حين كان كاريراس يملك معظم الجهة اليسرى بمفرده في بنفيكا، فإنّ الأمور ستكون أكثر ازدحاماً في مدريد، مع فينيسيوس جونيور وكيليان مبابي اللذَين يتجهان أحياناً نحو هذا الطرف للبحث عن الكرة.

 

وهنا تتجلّى جاذبية تعدّد أدواره، إذ سبق أن أثبت امتلاكه «البديهة» التي تحدث عنها ألونسو لتغيير نهجه الهجومي وفقاً لما يحدث أمامه.

 

وتُشير خريطة ركضه من دون كرة بحسب بيانات SkillCorner، إلى أنّه يفعل كل شيء. يمكنه التداخل من الداخل ومهاجمة نصف المساحة إلى جانب ركضاته المميّزة خارج الأجنحة. كما أنّه يرتاح عند التراجع لتقديم الدعم، وقادر على شغل مركز قلب دفاع على الجهة اليسرى في ثلاثَي دفاعي للسماح للآخرين بالتقدّم.

 

ضدّ أتلتيكو مدريد في تشرين الأول، لعب كاريراس هذا الدور تحديداً. تمركز كقلب دفاع عريض بحسب الموقف بجانب نيكولاس أوتامندي وأراوخو، ممّا شجّع الظهير ألكسندر باه والجناح كيريم أكتوركوغلو على التقدّم.

 

إنّها بنية تبدو واعدة من منظور مدريدي. فإلى جانب قلب دفاع قوي (أنطونيو روديغر، إيدير ميليتاو، أو حتى أوريلين تشواميني) وبوجود سرعة روديغر، دين هويسن أو راؤول أسينسيو على الجانب الآخر من الثلاثي الدفاعي، سيكون بإمكان ترينت ألكسندر-أرنولد التقدّم على الجهة اليمنى، بينما ينجذب فينيسيوس جونيور ومبابي نحو الجهة اليسرى للتنسيق في ما بينهما.

 

ما يدعو إلى المزيد من التفاؤل هو مدى سلاسة أداء كاريراس في هذا الدور ضدّ أتلتيكو، إذ أكمل 74 من أصل 78 تمريرة، وفاز في جميع التحامات الأرض الـ8، ودافع جيداً في المساحات الواسعة.

 

كما أنّ دوره الدفاعي لم يُقلّل من تأثيره في التقدّم إلى الأمام. في لقطة من المباراة، افتكّ الكرة من أنخيل كوريا، مراوغاً خصمه ثم اقتحم العمق ومرّر إلى بافليديس على الجهة، وتابع ركضه إلى داخل منطقة الجزاء.

 

بأسلوب يشبه طريقة استخدام يوشكو غفارديول في مانشستر سيتي، فإنّ اللعب على الجهة اليسرى من ثلاثي دفاعي خلال الاستحواذ قد يكون مقيِّداً للتموضع. لكن، عندما تتسع المساحات، فإنّ لاعباً قوياً وطموحاً في المراوغة من هذا الموقع يمكنه التسبّب بمشاكل للخصم.

 

هذا الدور يتطلّب من كاريراس الكثير: تمريرات دقيقة، اختيار اللحظات المناسبة للهجوم، وتغطية مساحات شاسعة خلفه إذا خسر الفريق الكرة. لكنّ سرعته في الارتداد جيدة، ومرتاح في الدفاع على الأطراف، ويستمتع بالمواجهات ضدّ الأجنحة المراوغين.

 

إنّه مدافع شرس، وعلى رغم من أنّه يُفرط أحياناً في الحدّة، إلّا أنّ أسلوبه يخدمه عموماً، لا سيما عندما يتمكن من التقدّم لاعتراض تمريرات الخصم إلى الجناح.

 

ستكون هناك أخطاء، بطاقات صفراء، بل وحتى لحظات يقرأ فيها الأجنحة السريعون اندفاعه ويخطفون الكرة. لكنّ كاريراس صمد أمام لامين يامال الموسم الماضي، واجه ماغنيس أكليوش (موناكو) ومايكل أوليزي (بايرن ميونيخ) في دوري الأبطال، ويمكن الوثوق به في حماية الطرف بمفرده.

 

هذا المزيج من الجرأة الهجومية والصلابة الدفاعية يعني أنّ كاريراس قادر على لعب أدوار متعدّدة. وعلى رغم من صعوبة تحديد ما يُخطِّط له ألونسو بالضبط، إلّا أنّ كاريراس يمكن أن يتوقع الدفاع على الجهة اليسرى في خط رباعي، والهجوم في ثلاثي دفاعي.

theme::common.loader_icon