
في مشهد لبناني متعدد الأبعاد، تتقاطع الدعوات الروحية مع الهواجس الوطنية، في محاولة لبلورة خطاب جامع يستنهض الضمير العام في ظل أزمات متراكمة وظروف إقليمية دقيقة.
ففي قداس الأحد في الديمان، أعاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التذكير بجوهر الرسالة الوطنية والروحية، مؤكدًا أن لبنان لا يمكن أن يقوم إلا على روح الخدمة والانفتاح والشراكة. انتقد غياب الحس بالمسؤولية لدى عدد من المسؤولين، مشددًا على أن الوطن لا يُبنى بالمصالح بل بالتضحية والانخراط في الرسالة العامة. ودعا إلى استعادة القيم المؤسسة للبنان: المحبة، الكرامة، والعيش المشترك.
من جهته، شدد متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظته على أن الخلاص لا يُقاس بالانتماء الطائفي أو الشكل الخارجي للممارسات الدينية، بل بالإيمان الحقيقي المترجم بالمحبة والتواضع. واستشهد بإيمان قائد المئة الأممي كبرهان على أن جوهر الدين يتجاوز الشعارات إلى المواقف العملية. كما انتقد بشدة من يرتكب الجرائم باسم الدين، داعيًا إلى يقظة روحية عنوانها الإيمان الصادق والمحبّة الفاعلة.
في البقاع، تجلى بعد آخر من مشهد الشراكة الوطنية، عبر وضع حجر الأساس للمركز الإسلامي في البقاع الأوسط، برعاية رئيس الحكومة نواف سلام ومشاركة مفتي الجمهورية. الحدث اكتسب رمزية تتعدى البناء الديني، ليعكس التزامًا بالتربية والاعتدال والوحدة الوطنية. وأكد النائب حسن مراد أن المشروع يجسد حلم المفتي الراحل خليل الميس، داعيًا إلى التمسك باتفاق الطائف والاحتكام لدولة المؤسسات.
على المقلب السياسي، جدّد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في خطاب عاشورائي تمسك الحزب بخيار المقاومة، معتبرًا أن التهديدات لن تثنيهم عن الدفاع عن لبنان ورفض التطبيع مع إسرائيل. وأعلن الاستعداد للسير في طريقين: إما السلام والاستقرار، أو المواجهة والصمود، مشددًا على أن الكرامة الوطنية غير قابلة للتفاوض.
في موازاة ذلك، أعرب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن قلقه إزاء ما وصفه بتجاوز المؤسسات الدستورية في التعامل مع المبادرات الأميركية الأخيرة بشأن الوضع الحدودي مع إسرائيل. وحذّر من العودة إلى ما سماه “بدعة الترويكا”، داعيًا الحكومة إلى اجتماع فوري لاتخاذ موقف وطني موحد يُعيد للدولة دورها في اتخاذ القرار السيادي.
كما حمل لقاء النائب ملحم خلف وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى في بلدة شارون دعوة صريحة إلى تحصين الوحدة الوطنية عبر شراكة روحية وطنية، مؤكدين أن الخطر الداهم يتطلب تجاوز الخلافات وإطلاق موقف جامع يحمي صيغة العيش المشترك.
وفي تطور إقليمي قد تكون له تداعيات مباشرة على لبنان، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر إسرائيلية أن حركة حماس تطالب، في إطار صفقة تبادل الأسرى، بالإفراج عن قيادات فلسطينية بارزة من مختلف الفصائل، من بينهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي، ما قد يعيد الزخم إلى ملف الأسرى ويؤجج التجاذبات في المنطقة.








