

كان من المفترض أن يكون هذا الصيف هو الأجمل في حياة ديوغو جوتا. تُوّج البرتغالي للتو بلقبه الأول في الدوري الإنكليزي الممتاز مع ليفربول، النادي الذي خدمه بتميّز منذ عام 2020. وبعد أقل من شهر، رفع جوتا لقباً آخر (دوري الأمم الأوروبية) مع منتخب بلاده.
تزوّج من روت كاردوسو، شريكة حياته منذ 13 عاماً ووالدة أطفاله الثلاثة، في 22 حزيران، وكان يتطلّع للعودة إلى ليفربول الأسبوع المقبل للمشاركة في انطلاق فترة التحضيرات للموسم الجديد. لكن جاءت بعد ذلك أقسى فصول القصة.
أصاب الخبر عالم كرة القدم بصدمة عارمة. جوتا لم يكن قد تجاوز الـ28 من عمره، وكان في أوج عطائه، وفاز بـ5 ألقاب كبرى مع ناديه ومنتخب بلاده. وكان من المفترض أن يكون أحد الركائز الأساسية في منتخب البرتغال المرشح للتألق في كأس العالم المقبلة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. لكنّ قصّته انتهت بشكل مأساوي ومبكر.
كما قال زميله في المنتخب كريستيانو رونالدو في بيانه: «هذا لا يُعقل». كان جوتا مهاجماً موهوباً متعدّد القدرات، ذكياً، مراوغاً بارعاً يَصعُب إيقافه، وهدافاً خطيراً داخل منطقة الجزاء. أطلق عليه مشجّعو ليفربول لقب «جوتا القاتل» بسبب هدوئه في اختيار الزاوية الدقيقة التي يضع فيها الكرة في الشباك.
لكنّ كرة القدم لم تكن سوى جزء من قصّته. فقد كان محبوباً ليس فقط لمهاراته كمهاجم، بل لدفئه وطيبته كإنسان. زميله الأوروغوياني داروين نونيز أشار إلى أنّه سيظل يتذكر «ابتسامته، كزميل رائع داخل الملعب وخارجه»، ولم يكن الوحيد.
بدأت مسيرة جوتا في غوندومار في مدينة بورتو، قبل أن ينضم إلى فئة الشباب في باكوش دي فيريرا عام 2013. وهناك انطلق في مسيرته الاحترافية، فظهر لأول مرّة مع الفريق الأول في تشرين الأول 2014 كبديل في كأس البرتغال.
موسمه الكامل الأول مع الفريق جذب انتباه أتلتيكو مدريد الإسباني، الذي ضمّه رسمياً في صيف 2016. لكنّه لم يلعب أبداً، إذ أُعير مباشرةً إلى بورتو لموسم 2016-2017، ثم إلى وولفرهامبتون الإنكليزي موسم 2017-2018.
في الـ»تشامبيونتشيب»، لعب جوتا دوراً رئيساً في صعود وولفز إلى الدوري الممتاز، مسجّلاً 17 هدفاً في 44 مباراة، قبل أن يشتريه «الذئاب» بشكل نهائي مقابل حوالى 14 مليون يورو.
تأقلم بسرعة في الـ»بريميرليغ» وبدأت سمعته تتصاعد. في الموسمَين التاليَين، سجّل 16 هدفاً وصنع 6، وساهم في احتلال وولفز المركز السابع مرّتَين متتاليتَين، فتأهل إلى الدوري الأوروبي وتألّق بتسجيله 9 أهداف حتى ربع النهائي.
جذب أداؤه انتباه ليفربول ومدربه يورغن كلوب، الذي ضمّه في 2020 مقابل 41 مليون جنيه إسترليني، ليعزّز خط الهجوم الذي ضمّ محمد صلاح، روبيرتو فيرمينو وساديو ماني.
كتب كلوب، الذي غادر ليفربول العام الماضي، أمس على «إنستغرام»: «قلبي مكسور بعد سماعي خبر وفاة ديوغو وشقيقه أندريه. لم يكن ديوغو مجرّد لاعب رائع، بل كان صديقاً حميماً وزوجاً وأباً مُحِبّاً! سنفتقدكَ بشدة!».
تألّق جوتا وسط النخبة، ولقّبه مساعد المدرب بيباين ليندرز بـ«الوحش الضاغط» نظراً لطاقته الهائلة وضغطه المتواصل. سجّل هدفه الأول في الفوز 3-1 على أرسنال، وواصل تألّقه ضدّهم. وكان حاضراً دائماً في اللحظات الكبيرة، مثل هدفَي نصف نهائي كأس الرابطة ضدّ أرسنال، والهدف الحاسم في مرمى ليستر سيتي من ركلة ترجيح.
أحرز الهدف الأول تحت قيادة المدرب الجديد أرنه سلوت، كما سجّل هدف التعادل الحاسم ضدّ نوتنغهام فورست في كانون الثاني، وهدف الفوز الأخير له مع ليفربول كان في الدربي ضدّ إيفرتون، بمراوغة مميّزة وإنهاء هادئ.
خلال 5 سنوات مع ليفربول، فاز بكل الألقاب المحلية (الدوري، كأس الاتحاد، وكأس الرابطة)، سجّل 65 هدفاً في 182 مباراة، وهو رقم كان يمكن أن يكون أعلى لولا الإصابات.
لكن في كل مرّة كان على أرضية الملعب، كان يُشكّل تهديداً، وغالباً ما كان وجوده يُعزّز الفريق.
أن تقول إنّه محبوب من جماهير ليفربول لا يكفي. البعض يعتبر كرة القدم وظيفة فقط. لكنّ جوتا فهم روح ليفربول: مدينة صاخبة، قاسية، تعشق كرة القدم بجنون. لعب بشغف، بإصرار على أن يكون الأفضل، بروح مرحة وابتسامة.
أغنيته Oh his name is Diogo، على لحن Bad Moon Rising، أصبحت من أشهر الأهازيج في الملاعب. كان محبوباً خلف الكواليس أيضاً. محترفاً من الطراز الرفيع، محبوباً من جميع الزملاء، خصوصاً نونيز ولويس دياز وماك أليستر.
وكان شغفه بالألعاب الإلكترونية مذهلاً. تصدّر تصنيف FIFA 21 عالمياً على «بلايستيشن»، وفاز ببطولة ePremier League في 2020. وشارك لاحقاً في دوري أبطال أوروبا الإلكتروني على «بلايستيشن 5».
أسّس فريقه الإلكتروني الخاص، الذي سُمّي أولاً باسمه، ثم أعيدت تسمِيَته إلى Luna Galaxy تيمّناً بكلبته «لونا».
على رغم من كل هذه النجاحات، لم يتردّد في الحديث عن الصحة النفسية. في مقابلة عام 2024 مع موقع ليفربول، تحدّث عن أهمية طلب المساعدة والحديث بصراحة عن المخاوف: «التحدّث بصوت عالٍ عن المشاكل يساعد. أحياناً أشعر بالخوف، لكن عندما أعبّر عنه، يتغيّر إحساسي. ولهذا من المهم أن تتحدّث مع أحد».








