

منذ أن خلف الإيطالي كارلو أنشيلوتي في منصب المدير الفني لريال مدريد أواخر الشهر الماضي، شدّد شابي ألونسو مراراً على أهمية الوقت في أرضية التدريب من أجل تطبيق أفكاره الجديدة.
لم تُتَح لألونسو (43 عاماً) سوى فرصة إجراء عدد محدود من الحصص التدريبية في مركز فالديبيباس قبل مغادرته إلى كأس العالم للأندية، وحتى في تلك الفترة، كان عدد من الأساسيِّين غائبين. وبدلاً من ذلك، بدأ كل شيء بجدّية في الولايات المتحدة.
غالباً ما كان المدرب الإيطالي المخضرم يراقب الحصص التدريبية من جانب الملعب، بينما كان مساعداه دافيدي أنشيلوتي وفرانشيسكو ماوري يُديران التمارين والأنشطة.
أمّا في مقر التدريب الموقت قرب ميامي، فكان ألونسو حاضراً بشكل دائم وسط اللاعبين، دائم الحركة والكلام، عندما يؤدّون تمارين القوة باستخدام الحزام المطاطي، كان ألونسو يرمي الكرة إلى لوكاس فاسكيز ليُعيدها برأسه في نهاية كل عدو. وخلال مباريات التمرين المصغّرة، كان على أرض الملعب مع الفريق، يتابع اللعب، ويوقفه عند الضرورة لإعطاء التعليمات.
في لقطات شاركها النادي، يظهر ألونسو وهو يُمرّر الكرة في تمارين الـ»روندو»، أو يُمهِّد الكرة لجود بيلينغهام لتسديدها خلال تمرين إنهاء الهجمات.
بدأت أولى حصص التدريب في الولايات المتحدة بمناداة المدرب المساعد سيباس باريّا، لأرقام يتوجّب على اللاعبين تشكيل مجموعات بحجمها فوراً. أمّا مَن لم يكن سريعاً بما فيه الكفاية للانضمام إلى مجموعة، فكان عليه أداء تمرينات ضغط. كانت الفكرة أن يكون الجميع في كامل التركيز منذ الدقيقة الأولى.
وأكّد الظهير الأيسر الإسباني أليكس غريمالدو (ليفركوزن)، لـ»ذا أثليتيك» في آذار 2024، أنّ «شابي لا يزال في لياقة جيدة، كان بإمكانه الاستمرار في اللعب بسهولة. في كل مرّة ينخرط في تمرين تكتيكي أو تمرين استحواذ، يُسرّع الإيقاع، حتى يرى الفريق الوتيرة التي يجب أن نلعب بها».
يُركِّز ألونسو وطاقمه باستمرار على أهمية كل تفصيل. ولا يكون راضياً عندما يفقد اللاعبون تركيزهم أو يتوقفون عن أداء ما هو مطلوب منهم. فخلال مسيرته التدريبية، لم يتردّد يوماً في لفت نظر اللاعبين الذين يتهاوَنون خلال الحصص، ليعلموا أنّ هذا غير مقبول. وأضاف غريمالدو: «شابي يُطالِب بالكثير، لكن باحترام. إذا أخطأت في تمريرة خلال التدريب، يقول لك: هيا، لا يمكنك ارتكاب هذا الخطأ».
كان ليفركوزن بقيادة ألونسو معروفاً بتنظيمه المحكم، ضغطه المرتدّ السريع، ونمطه المدروس في تحريك الكرة بدقّة وهيكلية. وكان ذلك يتطلّب الكثير من التكرار في التدريب، مع التزام اللاعبين الكامل بما يطلبه الجهاز الفني.
جلب ألونسو معظم طاقمه معه من ليفركوزن إلى مدريد، بما في ذلك باريّا، المحلل ألبيرتو إنثيناس، ومدرب اللياقة البدنية إسماعيل كامنفورتي لوبيز. إلى جانب بينيات لابايين (محلّل ومدرب مساعد) والمدرب لويس يوبّيس (مدرب الحراس في مدريد منذ 2021)، ليُشكّلوا طاقماً مترابطاً يُخطِّط لكل حصة بهدف واضح، يتضمّن شيئاً معيّناً يُريدون من اللاعبين تحسينه أو تغييره.
وقد يشمل ذلك العمل مع لاعب معيّن، مجموعة من اللاعبين، أو بحسب خطوط اللعب. ومن أهداف الحصص الأولى جعل الفريق أكثر ترابطاً وتماسكاً في الهجوم والدفاع على حدٍّ سواء، فيُفكِّر اللاعبون ويتحرّكون كجسد واحد، واختُتِمت بعض الحصص بمباريات من 7 ضدّ 7 في مساحات صغيرة.
أبرز التغييرات الملحوظة تحت قيادة ألونسو، جاءت في الإحماء والعمل البدني. ففي المواسم الأخيرة، كانت هذه الجوانب تحت إشراف أنطونيو بينتوس، الذي كان يعتمد أساليب قديمة تشمل الجري لمسافات طويلة لبناء اللياقة.
وتشير مصادر مطلعة على أسلوب مدرب اللياقة إسماعيل كامنفورتي، الذي لديه خلفية في أكاديمية «لا ماسيا» التابعة لبرشلونة، إلى اهتمامه وفهمه لتكتيكات كرة القدم. إذ يُصمَّم كل تمرين بدني لتحضير الفريق أيضاً لمواقف معيّنة في المباريات، ممّا يجعل التمارين أكثر إثارة للاعبين، لكنّه يتطلّب أيضاً تركيزاً ذهنياً كاملاً طوال الحصة.
غالباً ما يستخدم ألونسو الفيديو لتعليم لاعبيه ما يُريده، فتصوِّر المسيّرات الحصص التدريبية، ويُسجِّل المحلّلون كل مباراة من أعلى نقطة في الملعب.
وأكّد ألونسو لـ»ذا أثليتيك» أنّ «الفيديو يلعب دوراً أساسياً. بعد الظهر، في الفندق، نستخدم الفيديوهات كثيراً، جماعياً، بحسب الخطوط، أو فردياً. إنّها ديناميكية لن تكون موقتة، بل للموسم بأكمله».
السؤال الكبير هو: كيف سيكون ردّ فعل ريال، المليء بالنجوم، على متطلبات مدربهم الجديد؟ إذ أنّ المدربين الذين يُركِّزون على التفاصيل ويُديرون التدريبات بدقّة، عانوا تاريخياً من صعوبة في نَيل قبول غرفة الملابس في الـ»برنابيو». كان لكل من أنشيلوتي وزين الدين زيدان أفكارهما التكتيكية، لكنّهما أظهرا مرونةً ومنحا اللاعبين المهمّين حرّية اتخاذ قراراتهم، فقادا الفريق إلى الفوز بعدة ألقاب في دوري الأبطال.
وأوضح ألونسو: «أنا أحترم وأقدّر عمل كارلو كثيراً، لكنّنا الآن نبدأ مرحلة جديدة. لدينا قاعدة جيدة للعمل، لكنّنا سنقوم بالأشياء بطريقتنا. هناك أشياء سنُصحِّحها لجعل الفريق أفضل».
بعد التعادل افتتاحاً ضدّ الهلال 1-1، أكّد الحارس تيبو كورتوا أنّ «ألونسو يُريد رؤية أسلوبه في اللعب، طريقة مختلفة للدفاع والهجوم. كنّا مع أنشيلوتي لـ4 سنوات. التغيير لما يُريده المدرب الجديد لا يحدث في 4 أيام».
في الفوز 3-0 على سالزبورغ، غيّر ألونسو شكل الفريق من 4-3-3 إلى 3-5-2، فاعتبر فينيسيوس جونيور، بعد تسجيله الهدف الأول وصناعته الثاني، أنّ «كل شيء جديد جداً. شابي جاء بأفكار جديدة، ويُقدّمها لنا شيئاً فشيئاً».
فيما تساءل مصدر مقرّب من لاعب في الفريق عمّا إذا كانت هذه الحدّة وكثرة التعليمات الدقيقة ستكون «قابلة للاستمرار» على المدى الطويل، خصوصاً إذا ما كان اللاعبون المخضرمون سيملكون «التواضع» لتقبّل جميع أفكار ألونسو.








