أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنّ عشرات الإسرائيليِّين اشتبكوا مع جنود إسرائيليِّين خارج قاعدة عسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وأضرموا النار في منشأة أمنية قريبة ليلاً، في أحدث موجة من العنف نفّذها متطرّفون يهود من اليمين المتطرّف في المنطقة.
كانت احتجاجات من قبل اليمين المتطرّف على تعامل الجيش الإسرائيلي مع هجمات المستوطنين الإسرائيليِّين على بلدة فلسطينية، قد تحوّلت إلى أعمال شغب. وأعلن الجيش أنّ متطرّفين هاجموا قوات الأمن برذاذ الفلفل وخرّبوا مركبات عسكرية.
ووقعت المواجهة على خلفية تصاعد التوتر بين المستوطنين وقوات الأمن بسبب ردّ الجيش الإسرائيلي على الاشتباكات بين المستوطنين والفلسطينيِّين، واحتُجِز ما لا يقلّ عن 11 إسرائيلياً في حوادث عدة.
وبحسب مسؤولي المستوطنين، فقد أُصيب مراهق إسرائيلي بطلق ناري خلال اشتباكات مع الجنود يوم الجمعة، ما أثار مزيداً من الغضب بين المستوطنين المتشدّدين تجاه سلوك الجيش الإسرائيلي.
وقد ازدادت الهجمات التي يشنّها المستوطنون الإسرائيليّون ضدّ الفلسطينيِّين بشكل حاد في الضفة الغربية، حيث يعيش نحو 3 ملايين فلسطيني و500 ألف إسرائيلي.
الأربعاء الماضي، قُتل ما لا يقلّ عن 3 فلسطينيِّين خلال مواجهة في بلدة كفر مالك قرب مدينة رام الله، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أنّ جنوده تعرّضوا إلى إطلاق نار، بعدما أضرم مثيرو شغب إسرائيليّون النار في ممتلكات فلسطينية، ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات بين المتظاهرين والفلسطينيِّين، تبادل فيها الطرفان رشق الحجارة. وذكر الجيش أنّه اعتقل 5 إسرائيليِّين.
بحسب شهود عيان فلسطينيِّين، اقتحم متطرّفون إسرائيليّون بلدة كفر مالك حوالي الساعة السابعة مساءً، سيراً على الأقدام وفي مركبات. وكان كثير منهم ملثمين، وعدد منهم كان مسلحاً. وألقوا زجاجات مولوتوف على المباني والسيارات، متسبِّبين في إشعال النيران في أنحاء القرية، بحسب الشهود.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ «إرهابيِّين» أطلقوا النار من داخل كفر مالك، ما دفع قوّاته إلى الردّ بإطلاق النار. أمّا الشهود الفلسطينيّون فأكّدوا أنّهم لم يسمعوا أي إطلاق نار على الجنود الإسرائيليِّين قبل أن يبدأ الجنود بإطلاق النار.
بعد يومَين من مقتل الفلسطينيِّين الثلاثة، اندلعت اشتباكات جديدة بين عشرات المدنيِّين الإسرائيليِّين والقوات الإسرائيلية قرب كفر مالك، شملت رشق الجنود بالحجارة، بحسب ما أفاد به الجيش الإسرائيلي.
وبحسب مسؤولي المستوطنين، فقد أُصيب المراهق الإسرائيلي خلال ذلك الحادث. ولم يردّ الجيش الإسرائيلي فوراً على طلب للتعليق.
وقد اشتدّت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة خلال الحرب الإسرائيلية على حركة «حماس» في غزة، التي بدأت عقب هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد قُتل أكثر من 850 فلسطينياً و40 إسرائيلياً في الضفة الغربية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، شنّ الجيش الإسرائيلي حملة واسعة النطاق ضدّ مسلحين فلسطينيِّين في شمال الضفة الغربية، ما أدّى إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيِّين من مدينتَي جنين وطولكرم.
في الوقت عينه، كثّف متطرّفون يهود هجماتهم العنيفة على بلدات فلسطينية في أجزاء أخرى من الضفة الغربية، حيث أقدمت حشود على إحراق مركبات ورشق السكان بالحجارة.
ولا تقوم السلطات الإسرائيلية عادة بمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ممّا يخلق ثقافة من الإفلات من العقاب تُسهّل تكرار هذه الهجمات، بحسب الفلسطينيِّين ومنظمات حقوقية إسرائيلية. وقد وجدت منظمة «يش دين»، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية درست أكثر من 1600 حالة عنف من قبل المستوطنين في الضفة الغربية بين عامي 2005 و2023، أنّ 3% فقط من تلك القضايا انتهت بإدانة.
لكنّ الهجمات التي ينفّذها متطرّفون إسرائيليّون ضدّ الجيش والشرطة الإسرائيلية تُعدّ نادرة. وقد أثار العنف يوم الأحد إدانات من كبار السياسيِّين في البلاد، بمَن فيهم قادة المستوطنين، إلّا أنّ معظمهم لم يذكر الهجمات على الفلسطينيِّين.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس: «لا يمكن لأي دولة فاعلة أن تتسامح مع أعمال عنف وفوضوية مثل إحراق منشأة عسكرية، وإلحاق أضرار بممتلكات الجيش الإسرائيلي، والاعتداء على عناصر الأمن من قبل مواطني الدولة أنفسهم».
وأعلنت الأمم المتحدة أنّ عدد الهجمات التي يشنّها متطرّفون يهود على الفلسطينيِّين في الضفة الغربية قد ازداد في ظل الحرب الدائرة في غزة. وأضافت أنّ أكثر من 220 فلسطينياً أصيبوا جراء هجمات المستوطنين خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، وهي النسبة الأعلى منذ سنوات.
وقد أثارت كل من هجمات المتطرّفين اليهود، وردّ الحكومة الإسرائيلية الفاتر، إدانات دولية. فقد فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات على مستوطنين إسرائيليِّين يُعتقد أنّهم متورّطون في أعمال العنف. كما فرضت إدارة بايدن عقوبات أميركية مماثلة على بعض المستوطنين، لكنّ الرئيس ترامب سرعان ما تراجع عن ذلك القرار.