هل سيشيع رؤية لاعبين.. يستمرون حتى الأربعينات؟
هل سيشيع رؤية لاعبين.. يستمرون حتى الأربعينات؟
سارة شيبارد- نيويورك تايمز
Friday, 20-Jun-2025 06:30

هل أصبحت الأربعينات هي الثلاثينات الجديدة بالنسبة إلى لاعبي النخبة؟ تقليدياً، كان يُنظر إلى سنّ الـ30 دائماً على أنّه علامة فارقة لِمَن يلعبون على أعلى المستويات. كان اللاعبون الذين يقتربون من هذا العمر «المُخيف» عادةً ما يُعرض عليهم عقود قصيرة الأجل، تعكس اقترابهم من الخط الفاصل المخيف، وهو بلوغ الـ30.

حتى أنّ بعض الأندية تبنّت سياسة تقضي بمنح اللاعبين في الثلاثينات فقط تمديداً لعقد لمدة عام واحد (كما لا يزال يفعل ريال مدريد في الغالب). لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت أجراس الإنذار التي كانت تُدقّ كلّما نظر المدير التنفيذي إلى تمديد عقد لاعب تجاوز الـ30 أقل إثارة للقلق.

 

عام 2022، وقّع محمد صلاح عقداً لمدة 3 سنوات مع ليفربول براتب أسبوعي يَزيد عن 350,000 جنيه إسترليني (430,000 دولار) بعد وقت قصير من بلوغه الـ30. في العام السابق، حصل زميله فيرجيل فان دايك على عقد مدّته 4 سنوات عند بلوغه العمر عينه، ثم كرّر القائد جوردان هندرسون الأمر في سنّ 31.

 

ربما كانت هذه حالات استثنائية للاعبين متميّزين للغاية، لكن إذا نظرنا في أماكن أخرى، فسنجد المزيد من المؤشرات إلى انخفاض القلق بشأن الاحتفاظ باللاعبين الذين تجاوزوا الـ30: مانشستر يونايتد تعاقد مع لاعب الوسط البرازيلي كاسيميرو (30 عاماً) بعقد لمدة 4 سنوات في 2022، فولهام تعاقد مع راؤول خيمينيز (32) من ولفرهامبتون بعقد لمدة عامَين (مع خيار لثالث) عام 2023، وكايل ووكر (33) وقّع عقداً لمدة عامَين مع مانشستر سيتي في 2023، والقائد لويس دانك (31)، برايتون، وقّع عقداً لمدة 3 سنوات عام 2023.

 

أحد اللاعبين الذين يمكن اعتبارهم مسؤولين جزئياً على الأقل عن هذا التغيير في الموقف هو كريستيانو رونالدو، الذي تجاوز حاجز الـ40 الأسبوع الماضي. وسجّل أهدافاً في الثلاثينات من عمره (460 هدفاً) أكثر ممّا سجّل في العشرينات (440 هدفاً)، وشارك في أكثر من 30% من المباريات التي لعبها المنتخب البرتغالي على الإطلاق، ويقترب من مشاركته في كأس العالم السادسة، ويُعتبر مثالاً يُحتذى به للاعبين الشباب بسبب أخلاقياته في العمل وتفانيه.

 

في الليلة التي سبقت عيد ميلاده الكبير، نشر رونالدو قصة على «إنستغرام» وهو يضع ساقيه في لفائف العلاج بالتبريد المصمَّمة لتعزيز التعافي. وعلى رغم من أنّه يعلم أنّ التقاعد يقترب، إلّا أنّه صرّح في مقابلة مع الصحافي إيدو أغيري، بُثَّت على التلفزيون الإسباني خلال أسبوع عيد ميلاده، بأنّه لا يُفكّر فيه «بشكل واعٍ» بل يُفكِّر في «الاستمرار لأطول فترة ممكنة، حتى لا أتمكن من العطاء بعد الآن».

 

يُنظر إلى رونالدو باعتباره استثناءً، إلى جانب ليونيل ميسي، الذي فاز بجائزة الكرة الذهبية للمرّة الثامنة عام 2023 وهو في سنّ الـ 36.

 

ويتضح من متوسط أعمار لاعبي الـ»بريميرليغ» لكل مركز عبر كل موسم منذ عام 2010، أنّه على مدار الـ15 عاماً الماضية، ظلّت أعمار المدافعين ولاعبي الوسط مستقرّة نسبياً، بينما كانت أعمار المهاجمين وحراس المرمى أكثر تقلّباً.

 

لكن هل من المتوقع أن يتغيّر ذلك خلال العقد المقبل؟ هل سنشهد المزيد من اللاعبين يواصلون اللعب حتى أواخر الثلاثينات وحتى الأربعينات مع استمرار تطوّر علوم الرياضة والتغذية؟

 

قضى العالم الرياضي روبن ثورب 10 سنوات في مانشستر يونايتد بين 2009 و2019، وترقّى من عالم رياضي بحثي إلى كبير علماء الأداء ورئيس قسم التعافي والتجديد. خلال وقته في يونايتد، تغيّر النهج تجاه اللاعبين والعمر، ويرجع ذلك أساساً إلى مجال مُحدَّد: التعافي.

 

عندما بدأ ثورب في يونايتد، أراد المدرب السير أليكس فيرغسون إجابات واضحة عن: «هل اللاعبون مستعدّون للعب؟ هل هُم جاهزون للتدريب بأفضل مستوى؟». ويُجيب ثورب: «لم تكن لدينا طرق دقيقة للتمييز بين اللاعبين الجاهزين وأولئك الذين قد يحتاجون إلى مزيد من الوقت للتعافي». لذلك، كان الحل الأبسط هو تصنيف اللاعبين بحسب العمر. ويشرح: «إذا كنّا نلعب يوم السبت، ثم نحصل على راحة يوم الأحد وكان يوم الاثنين هو اليوم الأول للعودة إلى التدريبات، كنّا نستخدم العمر كمؤشر لِمَن يمكنه التدريب ومَن يحتاج إلى يوم إضافي للتعافي. ربما كان اللاعبون الذين تجاوزوا 32 عاماً يحصلون تلقائياً على يوم إضافي للتعافي».

 

لكنّ فيرغسون أراد طريقة أكثر تخصيصاً لتحديد اللاعبين الجاهزين ومَن يحتاج إلى مزيد من الوقت للتعافي.

 

أجرى ثورب بحثاً مكثفاً (جزء من الدكتوراه التطبيقية) لمحاولة إيجاد إجابات. وكان الهدف الأول: فهم المتطلبات البدنية للاعبي كرة القدم الحديثة. فأوضح: «كنّا بحاجة إلى تحديد المتطلبات البدنية لمعرفة أين يجب تطبيق أدوات المراقبة والتتبّع. ثم بدأنا في قياس أنظمة مختلفة تُشكّل متطلبات اللاعب الذي يخوض مباراة واحدة أو اثنتَين أو 3 مباريات في الأسبوع. في ذلك الوقت، كانت المتطلبات تتزايد بشكل ملحوظ».

 

بعد سنوات من البحث، طُوِّرت خوارزمية قادرة على تحليل البيانات وتقديم إجابة بسيطة للمدربين حول مدى استعداد اللاعبين للمباراة التالية. وساعد ذلك في تحديد اللاعبين الذين يحتاجون إلى تعافٍ أطول، وأولئك الذين يمكنهم التدرب بشكل أكثر كثافة.

 

نتيجة لذلك، لم تَعُد تُتخذ القرارات بناءً على العمر فقط. أظهرت الأبحاث أنّه في بعض الأحيان، لم يكن مَن تجاوز الـ32 عاماً بحاجة إلى يوم إضافي من التعافي، فيؤكّد ثورب: «أصبحنا أكثر تركيزاً على الأفراد والسياق، ممّا أدّى إلى احتمالية أكبر لتمديد عمر اللاعب المهني».

 

مع تزايد المعرفة حول كرة القدم واحتياجات اللاعبين، لم يَعُد الأمر يقتصر على التعافي، بل يشمل تحسين اللياقة البدنية أيضاً، ما ساعد اللاعبين في الحفاظ على مستوياتهم لفترة أطول.

لكن، مع تزايد عدد المباريات التي تُلعب، هل تكفي التطوّرات العلمية لمواجهة هذا الضغط؟

 

وفقاً لثورب، فإنّ المعرفة المتزايدة حول علم الرياضة تمنح اللاعبين القدرة على التحمّل ومقاومة الإصابات: «الرياضيّون يمكنهم تخفيف بعض العوامل التي تُقصِّر حياتهم المهنية أو تؤثر على توقيت اعتزالهم من المستوى العالي».

 

لذلك، هل سنشهد مزيداً من اللاعبين يصلون إلى أواخر الثلاثينات وحتى الأربعينات وهم لا يزالون يلعبون على أعلى مستوى؟ وحده الزمن كفيل بالإجابة. لكن هناك بالتأكيد اعتقاداً متزايداً بأنّ ذلك ممكن، إذا قُيّمت العوامل بالطريقة الصحيحة.

theme::common.loader_icon