القلق لا يأتي من فراغ: نقص الماغنيسيوم أو أوميغا 3؟
القلق لا يأتي من فراغ: نقص الماغنيسيوم أو أوميغا 3؟
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Wednesday, 18-Jun-2025 06:13

في زحمة الحياة اليومية، يزداد عدد الأشخاص الذين يعانون من قلق مزمن، نوبات توتر، أو تقلّب في المزاج من دون سبب واضح. وعلى رغم من أنّ العلاج النفسي والأدوية ضرورية في بعض الحالات، إلّا أنّ الدراسات الحديثة تكشف عن عامل غالباً ما يتمّ تجاهله: نقص عناصر غذائية أساسية تلعب دوراً في تنظيم كيمياء الدماغ.

نقص الماغنيسيوم وأوميغا 3 قد يكون أحد الأسباب الصامتة وراء الشعور المستمر بالتوتر، والعصبية، وحتى نوبات الهلع.

 

ماذا يقول العلم؟

1- الماغنيسيوم: يُعدّ عنصراً أساسياً في أكثر من 300 تفاعل إنزيمي، خصوصاً تلك التي تنظّم الجهاز العصبي.

 

وجدت دراسة في مجلة Nutrients عام 2024 أنّ «الأشخاص الذين يعانون من نقص مزمن في الماغنيسيوم كانوا أكثر عرضةً للقلق بنسبة 31% مقارنةً بمَن لديهم مستويات كافية». الماغنيسيوم يساهم في تهدئة الجهاز العصبي (المسؤول عن الاستجابة للتوتر)، تحسين جودة النوم، وتقليل التوتر العضلي والصداع الناتج من التوتر.

 

2- أوميغا 3: تُشكل هذه الأحماض الدهنية (خصوصاً EPA وDHA) نسبة كبيرة من نسيج الدماغ. ونقصها مرتبط باضطرابات مزاجية متعدّدة، من بينها القلق والاكتئاب.

 

أظهر تحليل شامل نُشر في مجلة Journal of Psychiatric Research أنّ «تناول مكمّلات EPA بجرعة 1000–2000 ملغ يومياً خفّض أعراض القلق بنسبة تصل إلى 20% في دراسات سريرية». وتعزّز أوميغا 3 إنتاج النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين.

 

تدلّ الأعراض إلى احتمال وجود نقص غذائي وراء القلق مثل التوتر الدائم من دون سبب عضوي واضح، قلة النوم أو النوم المتقطّع، صداع عضلي أو الشدّ في الرقبة والظهر، التغيّر في الشهية أو الرغبة الشديدة في السكّريات، والاضطراب في التركيز أو فقدان الحافز.

 

تحاليل دم يُنصح بها: مستوى الماغنيسيوم في الدم (أو بشكل أدق: ماغنيسيوم RBC). وأوميغا 3 Index (تحليل نسبة EPA وDHA في كريات الدم). وفيتامين D وB12 (يؤثران أيضاً على المزاج).

 

التغذية العلاجية: كيف نعيد التوازن بهدوء؟

 

مصادر الماغنيسيوم: اللوز، بذور اليقطين، السبانخ، التمر، الشوكولا الداكنة 85%، ماء معدني غني بالماغنيسيوم، ومكمِّل ماغنيسيوم (سيترات أو غليسينات) بعد استشارة مختص.

 

مصادر أوميغا 3: السلمون، السردين، بذور الكتان، الجوز، ومكمّلات زيت السمك أو زيت الطحالب (مصدر نباتي للنباتيِّين).

 

ملاحظة مهمّة: الكافيين الزائد، والسكر الأبيض، ونقص النوم كلها تقلّل من استفادة الجسم من هذه العناصر ما يزيد القلق بدلاً من تهدئته.

 

القلق ليس دائماً نتاجاً من ضغوط الحياة فقط. في كثير من الأحيان، يكون الجسم يصرخ بهدوء طالباً عناصر غذائية أساسية توازن جهازه العصبي. وقبل اللجوء إلى الحلول السريعة أو المهدّئات، لا بُدّ من العودة إلى الأساس: تغذية الدماغ من الداخل.

theme::common.loader_icon