Mission Impossible: توم كروز يتحدّى كل شيء
Mission Impossible: توم كروز يتحدّى كل شيء
مانوهلا دارغيس- نيويورك تايمز
Monday, 16-Jun-2025 06:35

لما يقارب 3 عقود، ظلّ توم كروز يركض، يُحلّق، يتصارع، ويتشبّث بأطراف أصابعه في سلسلة «المهمّة المستحيلة».

كانت الرحلة ممتعة، أحياناً، وأقل من ذلك أحياناً أخرى، لكن ليس مستغرباً أن يبدو منهَكاً على ملصق الجزء الأحدث، «الحساب النهائي». بدا كروز طويلاً بمنأى عن تأثير الزمن العادي، بصبيانية امتدّت حتى منتصف العمر، فقد منحه مجده المبكر نوعاً من الخلود.
ومع تعمّق الخطوط على وجهه بشكل غير ظاهر، واستمراره في دفع نفسه إلى أقصى حدود الجنون في هذه السلسلة، بدا وكأنّه يتحدّى الموت الجسدي.
يعود كروز للمغامرة مجدّداً في «الحساب النهائي 2»، ليغوص في أعماق المياه، يتشبّث بطائرة محلّقة، ويواصل تحدّي الصعاب، بل وتحدّي مَوته المحتمل. لا تزال أسباب تغيير العنوان بين الجزءين غير واضحة.
ربما كان القرار تسويقياً؛ فـ«الميّت» كلمة ثقيلة، وتوحي بأنّ إيثان هانت، العميل الأميركي الخارق الذي يُجسّده كروز، يتّجه نحو نهاية قاتمة مشابهة لتلك التي أنهت مشوار دانيال كريغ في دور جيمس بوند. أياً يكن السبب، فإنّ التغيير يَليق بشخصية إيثان، التي باتت قدراته متصاعدة إلى حدّ شبه صوفي منذ انطلاق السلسلة عام 1996.
انتهى فيلم «الحساب الميّت» بمحاولة إيثان وفريقه إيقاف ذكاء اصطناعي يُدعى «الكيان» يسعى لتدمير الأرض. (لماذا؟ ولِمَ لا؟) خطة الذكاء الاصطناعي تمثل استحواذاً نهائياً على السلطة، على رغم من أنّها قد تبدو مبالغة، بالنظر إلى أنّ البشرية تتّجه نحو تدمير ذاتها. لكنّ مهمّة «الكيان» الممكنة جداً تُبقي الجميع منشغلين، بمَن فيهم المساعدان الذكيان لإيثان، لوثر (فينغ رامز) وبنجي (سيمون بيغ)، بالإضافة إلى حبيبته المحتملة، غريس (هايلي أتويل)، وآلة الدمار البشرية المنفردة الفوضوية باريس (بوم كليمنتييف). لكن في الغالب، تعني خطط «الكيان» الفانية أنّ على إيثان أن يرتقي من مجرّد بطل خارق إلى منقذ عالمي.
هكذا، ينطلق إيثان ورفاقه مجدّداً في مواجهة الكارثة، في محاولة لوقف «الكيان»، الذي غرق العالم في الفوضى، وألهم عبادة يوم القيامة، ويحاول الاستيلاء على الأسلحة النووية في العالم. ومن مزايا الإنتاجات الكبرى الجيدة أنّها غالباً ما تضمّ عدداً من الممثلين الموهوبين القادرين على قول الهراء بوجه جاد، بل وأحياناً يمنحون المشاهد بعض الإحساس الحقيقي.
ومع اقتراب العدّ التنازلي، تدخل شخصيات وتخرج، من بينها رئيسة الولايات المتحدة المتجهّمة أنجيلا باسيت، وجيش من الممثلين الداعمين الجذابين: تراميل تيلمان، جانيت مكتور، شيا ويغهام، هولت مكالاني، نيك أوفرمان، وهانا وادينغهام.
إنّه الفيلم الرابع من سلسلة «المهمّة المستحيلة» الذي يُخرجه كريستوفر ماكوايري، الذي يحافظ على دوران العجلة بسلاسة، حتى أثناء التنقل بين خطوط أحداث متعددة.
بذكاء، يستخدم أحياناً الأسلوب عينه عندما يُبطئ الإيقاع وتبدأ الشخصيات بشرح ما يحدث ولماذا، فينتقل بين الوجوه، كل منها يقدّم جملة أو اثنتَين تُفسّر ما يجري. هذا التناوب في الحوار يمنح الطاقة للمَشاهد المشبّعة بالمعلومات، ويساعد في دفع السرد إلى الأمام. لا شيء من ذلك منطقي بالطبع، مهما حاول الممثلون قول حواراتهم بإخلاص، ومع ذلك، كل شيء يتدفّق بسلاسة.
المنطق ليس السبب في وجود أفلام كهذه، ولا في ذهابنا لمشاهدتها، وإحدى الملذات المستمرة في سلسلة «المهمّة المستحيلة» هي التزامها بتجاوز المعقول. لطالما كانت حركات كروز البهلوانية من
أكثر عوامل الجذب اللافتة والراسخة في السلسلة، التي انطلقت أساساً من مسلسل تلفزيوني في الستينات بالاسم نفسه.
دخل كروز السلسلة بهروب من جدار ماء، وهبوط كالعنكبوت إلى غرفة بيضاء شديدة الأمان، معلّقاً بحبل رفيع بشكل مزعج. كان كل شيء ينبض بحركات مبهرة، مواقع تصوير مذهلة، أحداث غريبة، وعرض استعراضي مكثف من كروز بأدائه البدني.
يمكن أن تكون الـ«فلاشباكاس» في السلاسل وسيلة فعّالة لجلب المشاهدين الجدد والعائدين إلى سرعة السرد. وتقوم الـ«فلاشباكاس» هنا بذلك، لكنّها في مجموعها تؤدّي دور عرض مطوّل لأبرز لحظات كروز. هذه الومضات من الماضي تعزّز استمرارية السلسلة، لكنّها تحمل أيضاً نغمة استعراضية واثقة.

لماذا يستمر؟
شارك كروز في أفلام أفضل وتقييمها النقدي أعلى، لكنّ شهرته الأوسع تتجسّد بشكل أفضل من خلال أفلام «توب غن» وسلسلة «المهمة المستحيلة». في كل منهما، يُظهر أبطاله قدرات استثنائية، بل وسخيفة أحياناً، ومع ذلك لا تنجح الأفلام إلّا لأنّ كروز يحرص دائمًا على أن تراه يتعرّق. يبذل الجهد الحقيقي في هذه المغامرات، ويُريدك أن تلاحظ ذلك، سواء كان إيثان يعرض جسده شبه العاري، أو كان يتشبّث بطائرة ذات جناحَين في الجو، والرياح تشوّه وجهه كأنّها لوحة لفرانسيس بيكون

theme::common.loader_icon