عندما يكون أخوك سلاحَك
عندما يكون أخوك سلاحَك
جوزف الهاشم
Friday, 13-Jun-2025 07:51

كلّما حاولنا أنْ نفصلَ موضوع السلاح عن الإصلاح، يتبيّن أنّهما أخوانِ ملتقصان بالولادة، وأَنّ أيَّ فصلٍ بينهما محفوفٌ بالخطر.

 

وكلّما حاولنا أنْ نبرِّئَ ذمَّةَ السلاح من خطر التسبّب بالعدوان الإسرائيلي، يتذرّعُ الإسرائيلي بالمعادلة اللبنانية: «بتسخِّنْ منسخِّنْ».

 

على أنّ حصرية السلاح بالدولة، ليست خدمةً تُسدى كرمى لعين العدو الإسرائيلي، بلْ هي حصراً كرمى لعَين الشرعية اللبنانية وخطاب القَسَم والبيان الوزاري ودستور الطائف وشتّى الإتفاقات الدولية والمواثيق التي تحفظ كيانات الأمم.

 

ولم نكنْ ننتظر الإختراقات اليومية والقصف المجنون على الضاحية الجنوبية الأسبوع الفائت، لنتذكّر أنّنا دولة سيادية تحتكر شرعية السلاح، وبهذه الشرعية كان ردُّ رئيس الجمهورية وأهل الحكم وقيادة الجيش، أجدى على الصعيد الدولي من الردّ على القصف بالقصف.

 

ما دام المفكّرون المقاومون، والمفكّرون العسكريّون، وحتى الذين لا يفكرّون، باتوا على اقتناع بأنّ لبنان اليوم لم يَعُد قادراً على الدفاع عن نفسه بسلاح المقاومة، بقدر ما بات هذا السلاح يشكّل ذريعةً يستغلّها العدو الإسرائيلي لمواصلة إحتلاله واعتداءاته... فلماذا إذاً لا نُسقط هذه الذريعة؟

 

وما دام الكيان الإسرائيلي قد بلغ عنده الخُبثُ حدَّ ادّعائه بأنّهُ لا يستهدف لبنان بقدر ما تقتصرُ اعتداءاتُهُ على المناطق التي تشكّل بيئة جغرافية مسلّحة لـ«حزب الله».

 

فلماذا أيضاً لا نُسقط هذه الذريعة الكاذبة؟

 

أمّا أنْ تعتصم المقاومة بما تبقَّى لديها من سلاح في انتظار أنْ تتمكن الدولة اللبنانية منْ أنْ تمتلك القوة العسكرية المدافعة والرادعة، في موازاة ما تتمتع به إسرائيل من قدرات، فهذا يحتاج إلى تراكمٍ زمني مُبْهم، وإلى كلِّ آبار البترول العربية وغير العربية، مع أنّ جبابرةَ الحرب في المنطقة يسيرون نحو التطبيع النووي والتطبيع الإبراهيمي.

 

لا أحبُّ أنْ أُصدّق ما يُقالَ: «بأنّ سلاح «حزب الله» مرهونٌ بأمرٍ إيراني ومفاوضات البرنامج النووي»، مع أنّ وزير الخارجية الإيرانية قد منَحنَا مناعةً وطنية حين صرّح في زيارته لبنان الأخيرة: «بأنّ نزْعَ سلاح حزب الله قرارٌ لبناني...».

 

ولا أصدّق ما شاعَ من كلام: بأنّ هناك مماطلةً في تسليم السلاح حتى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، من أجل أن يكون لكاتمِ الصوت صوتٌ إنتخابي.

 

ولا أريد أن أصدّق أنّ هذا السلاح إنْ لم يكن له جدوى على الصعيد الخارجي فقد يكون له جدوى على الصعيد الداخلي.

 

إذا سلّمنا بأنّ هناك هواجس معيّنة لـدى الفريق الذي يمتلك السلاح، فإنّ هذا السلاح يشكّل أيضاً هواجس معيّنة لدى الفريق الآخر.

 

مع أنّ السلاح ليس شرطاً للمحافظة على استقرار الدول وكياناتها، بدليل أنّ هناك 129 دولة في العالم تُعتبرُ دولاً صغيرة وهي تحافظ على أمنها واستقرارها بغير سلاحها، فهذا لا يعني عدم التمني بأنّ تمنَّ الأقدار على لبنان بفُرصٍ تخوِّلُه بأنْ يردع الحرب عنه بسلاح الحرب.

 

لكن في الإنتظار، هل سنظلّ نتخبّط في خضمّ حروب الآخرين، فإنْ أعلَنَ الآخر الحربَ علينا ننقسم باسم الآخر، وإنْ أعلنَّا الحرب على الآخر ننقسم على أنفسنا، كأنّ علينا أنْ نموت بالوكالة؟

 

عندما نلتقي جميعاً حول لبنان الذي كوّنَهُ لنا الله، وليس الذي يكوّنه كلُّ مكوِّن على هواه.

 

وعندما تُؤمنُ بأنَّ أخاك في الوطن هو أخٌ لك «ووليٌّ حميم» حتى ولو لم تلِدهُ أمُّك، إذّ ذاك يصبح سلاحُك أخاك على ما يقول الشاعر:

أخاك أخاكَ إنّ مَنْ لا أخاً لَهُ        كساعٍ إلى الهَيْجا بغير سلاحِ

theme::common.loader_icon