

شركاء رئيس الوزراء الإسرائيلي في الائتلاف الحاكم قد يدعمون اقتراحاً من المعارضة بشأن القواعد التي تعفي معظم الطلاب الدينيِّين من الخدمة العسكرية.
أعلنت أحزاب المعارضة الإسرائيلية، أنّها ستطرح اقتراحاً لحل البرلمان للتصويت أمس، ممّا يُمثل التحدّي الأشد حتى الآن لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية، ويزيد من احتمالية إجراء انتخابات مبكرة.
وإذا مُرِّر الاقتراح، فمِن غير المرجّح أن تسقط الحكومة على الفور. فقد تستغرق الإجراءات البرلمانية قبل أي تصويت نهائي عدة أشهر، ممّا يمنح رئيس الوزراء وقتاً لتعزيز ائتلافه الحاكم المتزايد الانقسام، أو لتهيئة ظروف أكثر ملاءمة له قبل العودة إلى صناديق الاقتراع. ومع ذلك، فإنّ ذلك سيوجّه ضربة قاسية لصدقيّته السياسية.
تستغل أحزاب المعارضة صراعاً داخل الائتلاف الحاكم حول سياسة مثيرة للجدل تعود لعقود، تعفي الرجال المتشدّدين دينياً الذين يدرسون الدين في المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وقد انخرط شركاء نتنياهو من الأحزاب المتديّنة، حزب «يهدوت هتوراة» وحزب «شاس»، في نزاع مع أعضاء آخرين في الحكومة بشأن مقترحات تهدف إلى تقييد الإعفاءات من الخدمة العسكرية، وتجنيد العديد من الرجال المتشدّدين دينياً ممَّن هم في سنّ التجنيد في القوات المسلحة. وأصبح هذا الموضوع أكثر إلحاحاً، وأثار غضباً شعبياً متزايداً وتدقيقاً عاماً متصاعداً، منذ الهجوم الذي قادته «حماس» في 7 تشرين الأول 2023 فأشعل الحرب الإسرائيلية في غزة.
وهدّد حزب «يهدوت هتوراة» بالتصويت إلى جانب المعارضة، قائلاً إنّه لا يمكنه قبول مبدأ تجنيد طلاب المعاهد الدينية. أمّا حزب «شاس» فأبقى خياراته مفتوحة، وعموماً فإنّ التهديدات بالانسحاب أو بحلّ الكنيست، كانت تُستخدم غالباً كتكتيك لمنع تجنيد طلاب المعاهد الدينية قسراً. لكن، إذا صوّت الحزبان إلى جانب المعارضة، فقد يوفّر ذلك الأغلبية المطلوبة لحل البرلمان.
وكان المتشدّدون دينياً معفيِّين إلى حدٍّ كبير من الخدمة العسكرية منذ تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. ومع ذلك، فقد ارتفع عدد طلاب المعاهد الدينية المتفرّغين من بضع مئات إلى عشرات الآلاف خلال تلك الفترة.
لطالما أبدى الإسرائيليّون استياءهم من غياب المساواة في المعاملة، في بلد يُجبَر فيه معظم اليهود الذين يبلغون 18 عاماً، من الذكور والإناث، على أداء خدمة عسكرية إلزامية تستمر لسنوات. وقد زاد الغضب نتيجة الحرب الطويلة في غزة، التي أكّدت حاجة الجيش إلى المزيد من الجنود. وقبل عام، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بوجوب إنهاء سياسة الإعفاء الجماعي.
وشكّل ائتلاف نتنياهو في عام 2022، ويملك أغلبية من 68 مقعداً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً. ويملك حزب «شاس» و«يهدوت هتوراة» معاً 18 مقعداً، ممّا يمنحهما نفوذاً قوياً. وإذا استمرّ الكنيست حتى نهاية مدّته الكاملة، فستجرى الانتخابات المقبلة في تشرين الأول 2026.
ولا ترغب الأحزاب المتديّنة في تفكيك الحكومة، التي تُعدّ الأكثر يمينية ومحافِظة دينياً في تاريخ إسرائيل. فقد حصلت قواعدهم الانتخابية على دعم مالي كبير وامتيازات أخرى، كما أنّه لا توجد مكاسب كبيرة محتملة من إجراء انتخابات مبكرة، إذ من غير المرجّح أن يحققوا نتائج أفضل في أي ائتلاف أو تشكيلة سياسية أخرى.
وأصبحت حكومة نتنياهو أكثر فأكثر غير شعبية منذ تشرين الأول 2023. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنّ الائتلاف لن يفوز في انتخابات تُجرى حالياً. ويشعر العديد من الإسرائيليِّين بالغضب من رفض رئيس الوزراء تحمّل المسؤولية الشخصية عن الإخفاقات الاستخباراتية والسياسية والعسكرية التي سبقت هجوم «حماس»، ولعدم قيامه بما يكفي لاستعادة الرهائن الذين خُطفوا في ذلك اليوم ولا يزالون في غزة.
لكنّ نتنياهو، الذي يُعدّ أطول رؤساء الوزراء خدمةً في تاريخ إسرائيل، وناجياً سياسياً، قد تجاوز أزمات حكومية عديدة خلال فترات ولايته السابقة في المنصب.
مع انطلاق الدورة البرلمانية أمس، كان حلفاء نتنياهو يجرون مفاوضات مع السياسيِّين المتشدّدين دينياً، لمحاولة تأجيل التصويت على حَلّ الكنيست لأسبوع، أو التوصّل إلى حل وسط بشأن تجنيد الطلاب الدينيِّين، من شأنه أن يُنهي أزمة الائتلاف بالكامل.
وفي الجمعية العامة، روّج حلفاء نتنياهو لمشاريع قوانين أخرى، وألقوا خطباً طويلة في محاولة واضحة لكسب الوقت. لكنّ الانقسام داخل الائتلاف منح أحزاب المعارضة الرئيسة - وهي مجموعة متنوّعة من الفصائل اليسارية والوسطية واليمينية - فرصة سياسية لتحدّي الحكومة. وكافحت المعارضة البرلمانية طويلاً من أجل التوحّد حول جدول أعمال مشترك يتجاوز عداءها المشترك لنتنياهو وائتلافه الحاكم. وبينما تدعم الأحزاب الرئيسة فيها خطوة تجنيد الطلاب الدينيِّين المتشدّدين، فإنّها تعتبر أنّ أولويتها هي إسقاط الحكومة والدعوة إلى انتخابات جديدة.
وإذا مُرِّر الاقتراح، فسيتعيّن إحالة مشروع القانون إلى لجنة برلمانية للمراجعة قبل إعادته إلى الجمعية العامة لمزيد من التصويت، ويمكن لنتنياهو وحلفائه السياسيِّين أن يُعطّلوا هذه العملية لأشهر. لكنّ المحللين يرَون أنّ حتى الموافقة المبدئية على حل البرلمان قد تؤدّي إلى زعزعة استقرار حكومة نتنياهو بشكل أكبر.
وأوضح أفيف بوشينسكي، المحلّل السياسي والمستشار الإعلامي السابق لنتنياهو: «سيدخل النظام بأكمله في وضع مختلف، وضع انتخابي». وأضاف، أنّ خسارة التصويت ستُظهر نقصاً في القيادة من جانب نتنياهو، وعدم قدرته على السيطرة على ائتلافه.








