اضطرابات الأكل للمراهقين: سلوك غذائي غير صحي
اضطرابات الأكل للمراهقين: سلوك غذائي غير صحي
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Friday, 16-May-2025 06:22

في ممارستي اليومية كاختصاصية تغذية، ألاحظ ازدياداً ملحوظاً في عدد المراهقين الذين يعانون من علاقة غير صحية مع الطعام.

تبدأ هذه العلاقة غالباً بمحاولة «بريئة» لتحسين نمط الأكل، لكنّها تتحوّل تدريجاً إلى سلوكيات مضطربة تؤثر سلباً على الصحة الجسدية والنفسية، حتى لدى أولئك الذين يملكون وزناً طبيعياً.

 

فالهوَس بالصورة المثالية للجسم يدفعهم إلى تقييد الطعام ومراقبة كل لقمة، وسط صراع داخلي تغذّيه الضغوط الاجتماعية والإعلامية.

 

اضطرابات الأكل ليست مجرّد مسألة وزن أو سعرات، بل انعكاس لأزمات أعمق تتعلق بالصحة النفسية والعاطفية.

 

لذلك، لا يمكن التعامل معها بحساب السعرات فقط، بل يبدأ العلاج بالإنصات، وفهم مشاعر المراهق وخلفيات سلوكياته.

 

تظهر هذه الاضطرابات تدريجاً، بداية بتقليل السكريات أو الامتناع عن الخبز، ثم تتطوّر إلى رفض الطعام مع العائلة، أو الانزعاج من الأكل أمام الآخرين.

 

ومن أشهر أشكالها: فقدان الشهية العصبي، الشره المرضي، واضطراب نهم الطعام، إلى جانب أنواع أقل شهرة مثل «الهوس بالأكل النظيف»، فيُستبعد الطعام لأسباب صحية ظاهرية تؤدّي في الواقع إلى نقص غذائي خطير.

 

بيولوجياً، تترك هذه الاضطرابات آثاراً غير مرئية في البداية، لكنّها مع الوقت تُضعف النمو، تؤثر على العظام، الدورة الشهرية، المناعة، والقدرات الإدراكية. وتتفاقم هذه التأثيرات خلال المراهقة، وهي مرحلة حرجة للنمو.

 

وسائل التواصل الاجتماعي، ضغوط المدرسة أو الأهل، والحميات الشائعة غير المراقبة مثل الكيتو أو الصيام المتقطّع، تلعب دوراً في تكريس أنماط غذائية مضطربة.

 

لذا، فإنّ المسؤولية جماعية، تبدأ بالمجتمع الذي يربط القبول بالشكل، والانضباط بالتحكم بالطعام.

 

عند ظهور مؤشرات مثل فقدان وزن سريع، أو استبعاد مجموعات غذائية من دون مبرّر، أو تجنّب الأكل في الأماكن العامة، يُصبح التدخّل العلاجي ضرورياً.

 

ويُفضّل أن يتمّ ذلك ضمن فريق متكامل يشمل اختصاصيِّين نفسيِّين وسلوكيِّين إلى جانب التغذية.

 

ختاماً، لا بُدّ من تعزيز التوعية المجتمعية، التدخّل المبكر، وبناء علاقة صحية مع الطعام، لحماية المراهقين من تبِعات قد تستمر معهم مدى الحياة.

theme::common.loader_icon