أخصائية تغذية


مع تزايد الاهتمام بتأثير التغذية على المناعة، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Cell Host & Microbe في شباط 2025، عن دور أساسي للنظام الغذائي في حماية القولون من الالتهابات، خصوصاً عدوى Clostridioides difficile (CDI)، وهي عدوى معوية خطيرة غالباً ما ترتبط باستخدام المضادات الحيوية وتُسبّب إسهالاً حاداً.
تركّزت الدراسة على أهمية الألياف الغذائية، مبيّنةً أنّ نقص الألياف يجعل الجسم أكثر عرضةً للعدوى المعوية الشديدة.
فعندما تقلّ نسبة الألياف في النظام الغذائي، تتغيّر بطانة القولون بطريقة تُحفّز الالتهاب، ما يؤدّي إلى تفاقم العدوى وإبطاء الشفاء.
في المقابل، أظهر النظام الغني بالألياف تأثيراً معاكساً، إذ يُخفّف الالتهاب ويعزّز قدرة الجسم على مقاومة الأمراض.
آلية عمل الألياف بسيطة لكنّها فعّالة: عند تناولها، تحلّلها البكتيريا المفيدة في الأمعاء، منتجةً مادة «الأسيتات»، وهي نوع من الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة. هذه المادة بدورها تُحفّز الجهاز المناعي لإنتاج بروتين IL-22، الذي يُقلّل من الالتهابات ويقوّي الحاجز المعوي ضدّ العدوى.
الألياف إذاً ليست مجرّد مكوّن غذائي لتحسين الهضم، بل هي داعم أساسي لصحة المناعة المعوية. من خلال تغذية البكتيريا النافعة، تُنتج مركبات تحفّز دفاعات الجسم الطبيعية وتحمي من الالتهابات.
وتبرز أهمية هذه النتائج خصوصاً لدى الفئات المعرّضة للخطر مثل كبار السن أو مَن يتناوَلون المضادات الحيَوية لفترات طويلة.
لذلك، يُنصَح بإدخال مصادر غنية بالألياف إلى النظام الغذائي، مثل البروكلي، السبانخ، الجزر، التفاح بقشره، الكمثرى، التين، الشوفان، العدس، الفاصوليا، والخبز الكامل.
وأظهرت الدراسة أنّ الأسيتات الناتجة من هضم الألياف لا تُقوّي فقط مناعة الأمعاء، بل تساعد أيضاً في ضبط استجابة الجهاز المناعي، ممّا يمنع التهيّجات المزمنة.
المميّز في هذه الدراسة، أنّها استندت إلى تجارب على الفئران وتحليل عيّنات بشرية، ما يعزّز صدقية نتائجها.
وتؤكّد النتائج أنّ الإهمال في تناول الألياف قد لا يُسبِّب فقط مشاكل هضمية بسيطة، بل يُضعِف قدرة الجسم على مقاومة العدوى.
خلاصة القول: إنّ النظام الغذائي الغني بالألياف لم يَعُد خياراً لتحسين الهضم فحسب، بل أصبح ضرورة علمية لتعزيز المناعة وصحة الأمعاء من الداخل.








