

كان مينو رايولا أحد «الوكلاء الخارقين» الأصليِّين في عالم كرة القدم. لكن بعد وفاته عن عمر يناهز 54 عاماً في نيسان 2022، خضعت وكالته التي كان يُديرها فعلياً بمفرده، إلى تغيير جذري.
إنتقل بعض عملاء رايولا، مثل إرلينغ هالاند، إلى شريكته السابقة رافاييلا بيمينتا، المحامية البرازيلية السابقة، بينما اختار ابن عمه فينتشنزو (إنزو) رايولا وخوسيه فورتيز رودريغيز، الذي كان الذراع اليمنى لمينو في هولندا، ليكونا جزءاً من منظمة جديدة تُدعى «فريق رايولا».
يحظى «فريق رايولا» بدعم شركة «رايولا غلوبال مانجمنت»، التي أسسها عام 2023 نجل مينو، ماريو، والمتخصِّصة في مجالات مثل البيانات والتحليلات. معاً، يحاولون إحداث ثورة في طريقة تحديد وتوظيف أفضل المواهب في أوروبا.
بدأ مينو رايولا، بشخصيته الصلبة، حياته بتنظيف الأرضيات والعمل كنادل في مطعم البيتزا الخاص بوالده في هولندا، قبل أن يُصبح أحد صانعي القرار الرئيسيِّين في كرة القدم. كان شخصية مثيرة للجدل وأحد أبرز الوكلاء في الرياضة.
كان محبوباً من قِبل بعض أكبر نجوم اللعبة، مثل زلاتان إبراهيموفيتش وهالاند، لكنّه دخل في العديد من النزاعات العلنية مع مدربين مثل بيب غوارديولا والسير أليكس فيرغسون، الذي وصفه ذات مرّة بـ»النذل».
كانت أول صفقة له في عام 1992 عندما نقل برايان روي من أياكس أمستردام إلى فودجا الإيطالي. ولم يعبأ بالانتقادات التي اعتبرته رمزاً للجشع والتضخّم والإفراط في كرة القدم، مؤكّداً أنّ ولاءه كان دائماً لعملائه.
كشف رايولا في مقابلة مع «ذا أثلتيك» عام 2021: «قال لي والدي عندما كنتُ طفلاً صغيراً إنّ 50% من الناس في حياتك سيُحبّونك و50% سيكرهونك. لذلك، لستُ هنا لأكون محبوباً من الجميع. أنا هنا لأكون محبوباً من عائلتي ولاعبيّ. والبقية لا تهمني على الإطلاق. لا بُدّ أنّ هناك سبباً يجعل الناس ما زالوا يشترون سيارات رولز رويس وبنتلي وفيراري وبورشه. يجب أن يكون هناك جودة. إذا كان اللاعبون يثقون بوكالتي وبما أفعله، فلا بُدّ أنّني أقوم بشيء جيد، لأنّ الأمر بالتأكيد ليس بسبب مظهري».
بسبب نفوذه الواسع وقوته، أدّت وفاته قبل 3 سنوات إلى إعادة هيكلة عمليات الوكالة.
تشمل قائمة اللاعبين الذين يمثلهم «فريق رايولا» كلاً من رايان خرافنبيرخ (ليفربول)، وجاستن كلويفرت (بورنموث) - وهما من أبرز اللاعبين في الـ»بريميرليغ» - بالإضافة إلى المدافع ميكي فان دي فين (توتنهام)، المهاجم الإيطالي ماريو بالوتيلي (جنوى)، والحارس جيانلويجي دوناروما (باريس سان جيرمان).
وضعت الوكالة لنفسها هدفاً يتمثل في امتلاك أفضل 11 لاعباً في كل فئة عمرية تمتد لثلاث سنوات عبر أسواقها الرئيسية، التي تشمل إيطاليا، الدول الاسكندنافية، هولندا، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا والمملكة المتحدة، التي بدأ في استهدافها بشكل أكثر نشاطاً.
يتولى إنزو رايولا (الذي يُركّز بشكل أساسي على إيطاليا) ورودريغيز (هولندا) قيادة «فريق رايولا»، بينما نيمة مودير هو أول وكيل عُيِّن في خطة التوسع الدولي، وهو المسؤول عن السوق الاسكندنافية. أمّا دور «رايولا غلوبال مانجمنت» فهو تعظيم استخدام البيانات والتحليلات لمساعدة الكشافة وتزويدهم بمعلومات دقيقة.
يشرح مارك نيرفينا، الرئيس التنفيذي للشركة في المملكة المتحدة، لـ»ذا أثلتيك»: «البيانات لن تحل محل الغريزة والخبرة التي يمتلكها الكشاف أو المدير الرياضي عند مشاهدة اللاعب شخصياً. ومع ذلك، فإنّها توفّر رؤى قيمة تُكمّل تقييماتهم. عند استخدامها بشكل متوازن وصحيح، تُعزّز البيانات عملية اتخاذ القرار ويمكن أن تمنح ميزة تنافسية».
إذاً، كيف يتمكنون من العثور على أكثر المواهب إثارة في اللعبة؟ يوضح نيرفينا: «في السابق، كان هناك أسلوب قديم في تخزين المعلومات. غالباً ما كان الكشافة يقدّمون تقاريرهم بشكل غير رسمي - أحياناً عبر تطبيق «واتساب» أو باستخدام الورقة والقلم التقليديَّين - ممّا يعني أنّ المعلومات القيّمة قد تضيع أو يتمّ تجاهلها. لذلك، أردنا فرض المزيد من التنظيم والانضباط».
أدّى التغيير إلى جمع كل المعلومات في قاعدة بيانات واحدة، تشمل تقارير الكشافة، تقييمات اللاعبين، وبيانات الأداء. وبهذه الطريقة، أصبح هناك تعاون بين ما يراه الكشافة على أرض الملعب وما يَرصده فريق المحلّلين، الذين يتابعون أكثر من 50,000 لاعب من حوالي 100 مسابقة كل موسم باستخدام أدوات مثل «ستاتس بومب»، «سكيل كورنر» و»ويسكوت».
ويُضيف نيرفينا: «الأمر لا يتعلق فقط بجمع المعلومات، بل باستخدامها بشكل استراتيجي، سواء لتتبع المواهب الناشئة، أو تقييم الصفقات المحتملة، أو بناء استراتيجيات مهنية طويلة الأمد».
بعد ذلك، وبعد المزيد من البحث والتحليل بالفيديو، تُرسَل قائمة «الأولوية» إلى الكشافة كل 6 أشهر، وتضمّ حوالي 20-30 لاعباً لمتابعتهم، بالإضافة إلى أي لاعبين إضافيِّين تعرّفوا إليهم أثناء المباريات.
بعد ذلك، تسعى الوكالة إلى ضمّ اللاعبين بناءً على المراكز، الفئات العمرية، والجنسيات غير الممثلة في قائمتها، مع التركيز على كل من المواهب الشابة والمحترفين ذوي الخبرة. هذه عملية مستمرة تهدف إلى الحفاظ على قائمة عملاء متوازنة وتنافسية من دون تداخل كبير في المراكز أو الجنسيات.
عند البحث عن أفضل المواهب الشابة، يُصنَّف اللاعبون بحسب البلد والفئة العمرية في قائمة «أفضل 30»، يُقيَّمون بناءً على تصنيفَين: إمكاناتهم الحالية والمستقبلية. وهم متحمِّسون بشكل خاص للاعبين مثل ماتيو كوكي، سيدو فيني، جاسبر هارتوغ، توتشي تشوكواني، محمد ناصوح، وفيليبو سكوتي.
في فرنسا، التي تمتلك ثروة من المواهب الشابة، تُستخدَم منصة الذكاء الاصطناعي «آي بول» لدعم عملية الكشافة. بدأت «آي بول» بالعمل مع 50 نادياً للهواة في فرنسا (ثم توسعت إلى دول أخرى) لتقديم تحليل شامل بالفيديو لكرة القدم الشبابية واكتشاف أفضل المواهب.
يؤكّد إنزو رايولا: «عندما نختار تمثيل لاعب كرة قدم، فإنّنا نختار مرافقته في رحلة حياته، وليس فقط مسيرته المهنية».








