I’m Still Here: عندما تغزو السياسة المنزل السعيد
I’m Still Here: عندما تغزو السياسة المنزل السعيد
Tuesday, 11-Mar-2025 06:08

حقّق I’m Still Here، الفيلم البرازيلي الحائز على جوائز، نجاحاً كبيراً في بلده الأم - ومن السهل معرفة السبب. قد تكون هذه الحقيقة بديهية، لكنّها تظل عميقة: إحساسنا بالذات يتحدّد بتراكم ذكرياتنا.

لطالما شغل الخيال العلمي بفكرة تقنيات محو أو تغيير الذاكرة، ممّا يؤدّي إلى تغيّر هوية الأفراد. لذا، فإنّ رؤية أحد أحبائنا يفقد ذكرياته ويصبح شخصاً آخر تُعدّ تجربة مدمِّرة.

 

ينطبق ذلك على المجتمعات أيضاً، إذ تقوم هويّتها على الذكريات المشتركة. وقد أدرك صنّاع الأفلام، خصوصاً في أميركا الجنوبية، هذه الحقيقة أخيراً، مشيرين إلى إمكانية إعادة تشكيل الهوية الجماعية عبر العبث بالذاكرة، وهو ما يدفع الحكومات أحياناً إلى طمس الماضي.

 

تناولت أفلام مثل «آزور» و«الذاكرة الأبدية» و«الأرجنتين، 1985» تأثير الاختفاءات الجماعية في ظل الديكتاتوريات العسكرية في تشيلي والأرجنتين، موضّحة آثار إنكار هذه الجرائم على الناجين.

 

وينضمّ «أنا ما زلت هنا»، الفيلم البرازيلي من إخراج والتر ساليس، إلى هذا الاتجاه، مقتبساً من مذكرات مارسيلو روبنز بايفا، ابن السياسي روبنز بايفا، الذي تعرّض إلى التعذيب خلال الديكتاتورية البرازيلية (1964-1985).

 

يبدأ الفيلم في ريو دي جانيرو عام 1970، حيث تعيش عائلة بايفا بسعادة على رغم من تهديد الجيش المتزايد. يعود روبنز إلى الوطن بعد 6 سنوات من المنفى، ويعيش مع زوجته وأطفاله الخمسة حياة مليئة بالحب. لكنّ استقرارهم ينهار بعد توقيف ابنتهم وتفتيشها، ثم يزداد الوضع سوءاً عقب اختطاف نشطاء يساريِّين لسفير سويسري. يُستدعى روبنز إلى الاستجواب ولا يعود أبداً، ممّا يدفع زوجته يونيش وابنتها إليانا إلى التحقيق.

 

يركّز الفيلم على يونيش، التي تتحوّل من ضحية إلى مقاومة، رافضة الاستسلام للخوف. في أداء استثنائي لفرناندا توريس، تُظهر يونيش قوة الأمومة، متشبّثة بالفرح وسط الخوف، والأمل وسط الألم. الفيلم لا يروي فقط قصة امرأة قوية، بل يفضح الأساليب الاستبدادية للسيطرة، إذ يُجبر الناس على الشك في الحقيقة عبر إنكار الواقع الصارخ.

 

يمتد السرد عبر عقود، موضّحاً كيف يستمر أثر الاختفاءات حتى مع محاولات البعض نسيان الماضي. حين يُطلب من يونيش التركيز على المستقبل بدل «إصلاح الماضي»، ترفض بشدة، مؤكّدة أنّ المحاسبة ضرورية لمنع تكرار الجرائم.

 

صدر الفيلم في تشرين الثاني 2024، وعلى رغم من دعوات مقاطعته من اليمين المتطرّف، حقق نجاحاً كبيراً، ليصبح الأعلى دخلاً في البرازيل منذ الجائحة. ويبرز الفيلم كتحذير من إعادة كتابة التاريخ، ويؤكّد أنّ السينما «أداة ضدّ النسيان»، بحسب ساليس.

theme::common.loader_icon