الخطة العربية لغزة تترك قضايا شائكة بلا إجابة
الخطة العربية لغزة تترك قضايا شائكة بلا إجابة
فيفيان يي - نيويورك تايمز
Thursday, 06-Mar-2025 06:24

عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه يُريد نقل جميع سكان غزة البالغ عددهم نحو مليونَي نسمة إلى مصر والأردن وتحويل القطاع إلى «ريفييرا» سياحية على شاطئ البحر، واجه القادة العرب، الذين أصيبوا بالذهول من الفكرة، ضغوطاً لوضع خطة كبرى خاصة بهم.

في قمة عربية طارئة عُقِدت في القاهرة يوم الثلاثاء، عرضوا رؤيتهم: إعادة بناء غزة من دون إجبار الفلسطينيِّين على مغادرتها، تهميش حركة «حماس»، الجماعة المسلحة التي تسيطر حالياً على القطاع، وتعيين لجنة من البيروقراطيِّين المؤهلين لإدارته لمدة 6 أشهر قبل تسليم السلطة للحكومة الفلسطينية المعترف بها دولياً في الضفة الغربية. ثم إعادة توحيد غزة مع الضفة الغربية كدولة فلسطينية واحدة - وهو حلم طالما راود الفلسطينيِّين وكثيراً من العرب في الشرق الأوسط.

 

على رغم من كل الحديث عن الدولة الفلسطينية والمناقشات التفصيلية حول وحدات الإسكان الموقتة للفلسطينيِّين، لا يبدو أنّ مستقبل غزة بعد الحرب أقرب إلى الحل.

 

وعلى رغم من أنّ الدول العربية قدّمت جبهة موحّدة ضدّ فكرة التهجير القسري للفلسطينيِّين، وطرحت خطة إعادة إعمار مفصّلة بقيمة 53 مليار دولار، إلّا أنّ خطتهم تترك العديد من الأسئلة المركزية من دون إجابة. كما أنّ العرب لديهم تأثير محدود يمكنهم استخدامه لدفع إسرائيل أو «حماس» لكسر الجمود بشأن عدة قضايا رئيسة، خصوصاً مع دعم إدارة ترامب الصريح لإسرائيل.

 

الحل السياسي لم يكن أبداً في أيدي العرب، وفقاً للمحلّلين. فالحل النهائي يجب أن يأتي من إسرائيل، «حماس» والولايات المتحدة. والثلاثة لا يزالون في طريق مسدود، ممّا يُثير مخاوف من انفجار القتال مجدّداً في غزة.

 

وكان عدم قدرة الدول العربية على سدّ الفجوات واضحاً بشكل جلي في بيان القمة. إذ جاءت الخطة أقرب إلى قائمة أمنيات منها إلى خارطة طريق، وتجاوزت كيفية نقل السلطة في غزة من اللجنة الإدارية الموقتة إلى السلطة الفلسطينية، واكتفت بالتأكيد على ضرورة منح الفلسطينيِّين دولتهم الخاصة، وهي إمكانية ترفضها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشدّدة.

 

كما تجنّب البيان، الذي وقّعته الدول العربية، معالجة مسألة نزع سلاح «حماس» بشكل مباشر، وهي قضية محورية. فبينما تؤكّد كل من إسرائيل وإدارة ترامب أنّ تفكيك الجناح العسكري لـ«حماس» غير قابل للتفاوض بسبب التهديد الذي يُشكّله على إسرائيل، فإنّ نزع السلاح يُعدّ خطاً أحمر بالنسبة إلى «حماس».

 

وأبعد ما وصل إليه البيان هو إشارة غامضة إلى أنّ الأمن في غزة يجب أن يُدار من قبل «قوة مسلحة واحدة وسلطة شرعية واحدة». وفي مكان آخر، دعا إلى أن تحكم السلطة الفلسطينية غزة إلى جانب الضفة الغربية في المستقبل، ممّا يعني ضمنياً أنّها ستكون الجهة المسؤولة عن الأمن، وليس «حماس».

 

لكن هذا لا يعني أنّ الدول العربية تُريد أن تحتفظ «حماس» بأسلحتها. فمصر، التي استضافت القمة الطارئة وتحدّ غزة جنوباً، لديها مخاوف أمنية وطنية جدّية بشأن «حماس». كما أنّ السعودية والإمارات وبعض الدول العربية الأخرى تريد أيضاً التخلّص منها. وقد رحّبت «حماس» بالبيان، لكنّها لم تُبدِ أي استعداد للتخلّي عن أسلحتها.

 

هناك أيضاً مأزق جوهري آخر يتعلق بمسألة الدولة الفلسطينية. فمن المؤكّد أنّ دعوات الدول العربية لإقامة دولة فلسطينية ستواجه رفضاً إسرائيلياً صارماً.

 

وعلى رغم من أنّ الولايات المتحدة لم تتخلَّ صراحةً عن دعمها التقليدي لحل الدولتَين، إلّا أنّ إدارة ترامب تبدو متماشية تماماً مع إسرائيل في العديد من القضايا، ممّا يُثير تساؤلات حول التزامها بقيام دولة فلسطينية. ومع ذلك، فإنّ إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، وهو ما يمنح ترامب مجالاً للضغط على إسرائيل.

 

ويرى بول سالم، الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن أنّ: «الشيء الوحيد الذي يهمّ في هذه المرحلة هو: ماذا سيقترح ترامب؟».

 

يريد ترامب تحقيق «صفقة كبرى» تُطبَّع بموجبها العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاق أمني بين الرياض وواشنطن. لكنّ السعودية جعلت أي اتفاق مشروطاً بقيام دولة فلسطينية، ممّا يقلّل من فرص نجاح الصفقة. لكن مع تعثر وقف إطلاق النار في غزة وتشديد إسرائيل قبضتها على الضفة الغربية، رأى سالم أنّ الفلسطينيِّين في وضع ضعيف للغاية، ممّا قد يجعلهم مضطرّين لقبول أمور لم يكونوا ليقبلوها من قبل.

 

أمّا الخطة العربية، فهي أكثر تفصيلاً عندما يتعلق الأمر بإعادة إعمار غزة، إذ تنصّ الوثيقة أنّ عملية إعادة البناء قد تستمر حتى عام 2030 وتُكلّف 53 مليار دولار.

theme::common.loader_icon