ستارمر يتوجّه للقاء ترامب مع هدية ورسالة صعبة
ستارمر يتوجّه للقاء ترامب مع هدية ورسالة صعبة
مارك لاندلر - نيويورك تايمز
Friday, 28-Feb-2025 06:45
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خفّض المساعدات الدولية لزيادة الإنفاق العسكري. ويأمل في تقديم حجّته بشأن أوكرانيا في البيت الأبيض.

الآن جاء دور كير ستارمر، بعدما اجتاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعه مع الرئيس ترامب يوم الاثنين، مُتجنِّباً أكبر المطبّات لكن من دون تحقيق تقدّم يُذكر، سيلتقي ستارمر مع ترامب اليوم لمناشدته بعدم التخلّي عن أوكرانيا.

 

سيواجه ستارمر التحدّي عينه المتمثل في تحقيق التوازن، كما فعل ماكرون، لكن من دون الاستفادة من سنوات من التفاعلات التي تعود إلى عام 2017، عندما استقبل ترامب الرئيس الفرنسي بمصافحة قوية كانت الأولى في سلسلة من لحظات المصافحة القوية والمبتسمة التي لا تُنسى.

 

على عكس ماكرون، سيصل ستارمر إلى المكتب البيضاوي وهو يحمل تعهّداً بزيادة الإنفاق العسكري لبلاده إلى 2,5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وإلى 3% خلال عقد من الزمن. وهذا يتماشى مع إحدى الشكاوى الأساسية لترامب: ادّعاؤه بأنّ الأوروبيِّين يتطفّلون على مظلّة الأمن الأميركية من دون أن يتحمّلوا نصيبهم من العبء.

 

ولتمويل عملية إعادة التسلح، سيُقلِّص ستارمر المساعدات الإنمائية الخارجية لبريطانيا، وهي خطوة تعكس - لكن على نطاق أكثر تواضعاً - تفكيك ترامب للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. دافِع ستارمر لهذه الخطوة مالي وليس أيديولوجياً - يَعتبر إنّ التخفيضات مؤسفة – لكن من المحتمل أن تحظى بموافقة ترامب.

 

يعتقد مسؤولون بريطانيّون أنّ ستارمر سيجمع بين هذه الإيماءات لبناء الثقة في مجال الدفاع مع عرض قوي لدعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتحذير بعدم التسرّع في التوصّل إلى اتفاق سلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يضمَن أمن أوكرانيا.

 

وأوضح بيتر ماندلسون، الذي أصبح سفير بريطانيا لدى واشنطن قبل 3 أسابيع، وساعد في ترتيب الزيارة: «الشيء الأساسي هو أنّنا لا نريد تكرار الأخطاء السابقة في التعامل مع بوتين، بالسعي إلى هدنة أو وقف إطلاق نار لا يتحوّل إلى سلام دائم».

 

وأشار ماندلسون إلى أنّ ستارمر لديه أسلوب مختلف عن ماكرون، الذي خاطب ترامب بـ «عزيزي دونالد» وربّت على ركبته، حتى أثناء تصحيحه لمزاعمه بأنّ أوكرانيا ستُسدِّد المساعدات الأوروبية. لكنّ ماندلسون يؤكّد أنّ النهج الأقل تعبيراً الذي يتبعه رئيس الوزراء سيكون فعّالاً أيضاً.

 

وأضاف ماندلسون: «رئيس الوزراء لديه علاقة شخصية خاصة مع الرئيس ترامب، بُنِيَت من خلال سلسلة من المكالمات والاجتماعات. كير ستارمر شخص صريح ومباشر تماماً، وهو قادر تماماً على قَول الحقيقة للسلطة، والقيام بذلك باحترام، بطريقة تُمكِّن الرئيس من رؤية الفائدة التي تعود عليه وعلى الولايات المتحدة من أي موقف».

ولفت ماندلسون إلى كلمات الثناء التي قالها وزير الدفاع بيت هِغسِث بعد إعلان ستارمر عن زيادة الإنفاق العسكري، ووصفها بأنّها «خطوة قوية من شريك دائم».

 

لكن ما إذا كان ذلك سيجعل ترامب أكثر تقبّلاً لحجج ستارمر بشأن أوكرانيا وروسيا هو مسألة أخرى، على رغم من أنّ الرئيس سيستمتع أيضاً بخبر آخر: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رضخ للضغوط الأميركية ووافق على صفقة تتعلق بعائدات بعض الموارد المعدنية.

 

أخبر ترامب الصحافيِّين أنّ زيلينسكي كان يسعى إلى عقد اجتماع خاص به في المكتب البيضاوي اليوم، فيمكنه والرئيس التوقيع على الصفقة. وإذا تأكّد ذلك الاجتماع، فسيُصبح ستارمر الحدث الفاصل بين لقاءَين رفيعَي المستوى مع ماكرون وزيلينسكي.

لكنّ التزام ستارمر المتسرِّع بزيادة الإنفاق الدفاعي قد يمنحه صدقية أمام ترامب، تفوق تلك التي يتمتع بها القادة الأوروبيّون الآخرون، لأنّه بمثابة تذكير بأنّ حزبه العمّالي فاز بأغلبية ساحقة في البرلمان في تموز.

 

وأشار المحلّلون إلى أنّه من الصعب تخيُّل فرنسا أو ألمانيا تتحرّكان بالسرعة عينها، نظراً لعدم الاستقرار السياسي في كلا البلدَين. فقد تآكلت سيطرة ماكرون على البرلمان الفرنسي منذ انتخابات الصيف الماضي، بينما يسعى فريدريش ميرز، المستشار الألماني المنتظَر، إلى تشكيل تحالف بعد فوزه يوم الأحد الماضي.

 

وأوضح مالكوم تشالمرز، نائب المدير العام للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، المجموعة البحثية في لندن: «الآن سينصبّ التركيز بحق على فرنسا وألمانيا لمعرفة ما إذا كان بإمكانهما تحمّل المسؤولية أيضاً. سيتعيّن على الأوروبيِّين أن يتحمّلوا المسؤولية الأساسية عن دفاعهم في وقت قريب جداً».

 

كما رسم ستارمر خطاً فاصلاً بينه وبين ميرز بشأن مستقبل التحالف عبر الأطلسي. فبعد فوزه، اعتبر ميرز إنّ إدارة ترامب «لا تهتم كثيراً بمصير أوروبا». وأكّد أنّ أولويته ستكون بناء «قدرة دفاعية أوروبية مستقلة».

أمّا ستارمر، على العكس، فأكّد مجدّداً على علاقات بريطانيا الوثيقة مع الولايات المتحدة، وأضاف في البرلمان يوم الثلاثاء: «يجب أن نرفض أي خيار زائف بين حلفائنا، بين أحد جانبَي الأطلسي والآخر. إنّها علاقة خاصة وقوية. أريدها أن تنمو من قوة إلى قوة».

 

ويعتقد المسؤولون البريطانيّون أنّ رئيس الوزراء يأمل أيضاً في الإعلان عن تعاون في مجال التكنولوجيا المتقدّمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، مع ترامب. وأكّدوا أنّ تركيزه سيكون على المستقبل، وليس على إعادة الجدل حول قضايا مثل وصف الرئيس لزيلينسكي بأنّه ديكتاتور أو زعمه بأنّ أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.

ويؤكّد ماندلسون: «ليس من أسلوب ستارمر الدخول في نقاشات حول الألفاظ أو المعاني. إنّه يُريد فقط إنجاز الأمور، والتأكّد من أنّه، باعتباره أقرب حلفاء بعضهم لبعض، نعرف ما سيفعله كل طرف».

theme::common.loader_icon