مصر والأردن تحاولان التملّص من نيران ترامب لاستقبال الغزيّين
مصر والأردن تحاولان التملّص من نيران ترامب لاستقبال الغزيّين
فيفيان يي وأليسا ج. روبن - نيويورك تايمز
Thursday, 13-Feb-2025 05:35

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مراراً من الحليفَين الشرق أوسطيَّين استقبال مليونَي فلسطيني من غزة. وتحاول كل من مصر والأردن تقديم مساعدات بديلة لترامب.

وجدت الأردن ومصر نفسَيهما في مرمى نيران الرئيس ترامب المتقلبة، وهما تتحرّكان بسرعة، مع فُرَص غير مؤكّدة للنجاح، لإثنائه عن إجبارهما على استقبال فلسطينيِّين من قطاع غزة. بالنسبة إلى الحكومتَين العربيتَين، اللتَين تعتبران اقتراح ترامب باستقبال مليونَي فلسطيني تهديداً وجودياً، يبدو أنّ استراتيجيّتهما تكمن في استرضاء الرئيس الأميركي بعروض للعمل المشترك لإعادة إعمار غزة، وتحقيق السلام في المنطقة، وتوسيع الجهود الإنسانية.

 

ويرى المحلّلون أنّ ذلك قد يساعدهما في كسب الوقت، ربما لدرجة أن يتخلّى ترامب عن الفكرة باعتبارها معقّدة للغاية، أو أن يُدرك العواقب الاستراتيجية والأمنية لزعزعة استقرار اثنَين من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

 

استخدم العاهل الأردني الملك عبد الله نبرة تصالحية خلال اجتماعه مع ترامب في المكتب البيضاوي، وأخبر الرئيس الأميركي أنّ بلاده ستستقبل 2000 طفل فلسطيني مصاب بالسرطان وأمراض أخرى. ومع ذلك، لم يُقدِّم أي تنازل آخر بشأن مسألة إعادة توطين مزيد من الغزيِّين، وأعاد لاحقاً التأكيد على رفض الأردن للخطة في بيان.

 

يُعالج الأردن بالفعل بعض مرضى السرطان من غزة منذ أشهر عدة، ما يجعل هذا العرض أقرب إلى بادرة رمزية منه إلى تنازل حقيقي. لكنّ ترامب وصفه بأنّه «لفتة جميلة».

 

وجد زعماء عالميّون آخرون أنّ إطراء ترامب يَميل إلى مساعدتهم في تحقيق أهدافهم. ويبدو أنّ الملك عبد الله تبع نهجهم، فأكّد أنّ ترامب «شخص يمكنه إيصالنا إلى خط النهاية لتحقيق الاستقرار والسلام والإزدهار» في الشرق الأوسط.

 

حتى عندما رفض الملك خطة ترامب علناً، أكّد أنّ: «تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتَين هو السبيل لضمان الاستقرار الإقليمي. وهذا يتطلب قيادة أميركية».

 

كما أعلنت مصر أنّها ترغب في العمل مع ترامب «لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة من خلال التوصّل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية».

 

لكنّ البيان لم يُشر إلى المشاركة في اقتراح ترامب، بل كرّر موقف مصر بأنّ السلام لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال منح الفلسطينيِّين دولتهم المستقلة.

 

بدلاً من ذلك، سعت مصر إلى تقديم خطة بديلة لترامب، مشيرةً إلى أنّها ستُقدّم «رؤية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة بطريقة تضمَن بقاء الشعب الفلسطيني في وطنه». وانضمّت السلطة الفلسطينية إلى الجهود بخطتها الخاصة لمساعدة غزة في التعافي من الحرب أمس.

 

الأحد، ظهر رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، الذي يمتلك سلسلة من العقارات والفنادق مثل ترامب، في برنامج إخباري مسائي ليعرض اقتراحاً بقيمة 20 مليار دولار لبناء 200 ألف وحدة سكنية في غزة، في محاولة واضحة لمخاطبة ترامب بأسلوب رجل أعمال لرجل أعمال.

 

لكنّ مصطفى، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكّد أنّ خطته لإعادة إعمار غزة لا تتضمّن نقل أي فلسطيني خارج القطاع.

 

خلال الاجتماع، أشار الملك عبد الله مرّات عدة إلى الحاجة إلى التشاور مع مصر ودول عربية أخرى قبل الردّ على اقتراح ترامب، مذكّراً باجتماع مرتقب في الرياض مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. كما دعت مصر إلى قمة للقادة العرب لمناقشة القضية في القاهرة يوم 27 شباط. على رغم من رفض مصر والأردن للاقتراح، يبدو أنّ ترامب ما زال متمسكاً بجوهر خطته غير التقليدية، التي تتضمّن «امتلاك» الولايات المتحدة لغزة وإعادة تطويرها إلى «ريفييرا» سياحية تخلق وظائف وفرصاً اقتصادية. خلال اجتماعه مع الملك عبد الله وولي عهده الأمير حسين، أعلن: «سنحصل على غزة وسنأخذها».

 

لكن بدا أنّه يُخفّف من تهديده السابق بقطع التمويل عن الأردن ومصر إذا لم يقبلا فلسطينيي غزة، قائلاً: «نحن فوق ذلك». كما أشار ترامب إلى أنّه: «لدينا دول أخرى تريد المشاركة»، وعندما سأله صحافي عمّا إذا كانت ألبانيا وإندونيسيا من بينها، فردّ: «نعم، بالتأكيد» (رفض قادة كلا البلدَين هذه الفكرة تماماً).

 

أوضح بريان كاتوليس، الباحث في معهد الشرق الأوسط والمتخصّص في شؤون مصر وإسرائيل والأردن والفلسطينيّين: «الطريقة التي يتحدّث بها عن هذه العلاقات توحي وكأنّ هذه الدول مجرّد مستفيدين، وأنّنا لا نحصل على الكثير منهم».

 

تتلقّى مصر 1,3 مليار دولار سنوياً من المساعدات العسكرية الأميركية لشراء الأسلحة، ممّا يجعلها ثاني أكبر متلقٍ لهذا النوع من التمويل بعد إسرائيل، وعملت مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة الإرهاب.

 

أمّا الأردن، فكان بوابة أميركية إلى الشرق الأوسط لعقود، ويستضيف قاعدة عسكرية أميركية ومحطة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية وكمركز ديبلوماسي. وكما مصر، يتشارك النظام الملكي الأردني وجهة النظر الأميركية بأنّ الإسلام المتشدّد يشكّل تهديداً رئيساً، ودعم الولايات المتحدة في محاربة القاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية.

 

لكن يرى المحلّلون أنّ البلدَين يفضّلان المخاطرة بفقدان المساعدات الأميركية على أن يظهرا وكأنّهما متواطئان في التطهير العرقي لغزة.

theme::common.loader_icon