

يأمل القساوسة الأوكرانيّون وأعضاء البرلمان والقساوسة العسكريّون الذين سيحضرون الإفطار الوطني للصلاة، أن تلقى رسالة مكافحة الاضطهاد الديني صدى لدى مسؤولي إدارة ترامب وأعضاء الكونغرس الذين سيحضرون أيضاً الحدث.
يُعدّ الإفطار الوطني للصلاة، الذي يُنظَّم منذ عام 1953، حدثاً رئيساً في الأجندة الاجتماعية لواشنطن، لأنّه يُتيح الفرصة لرجال الأعمال والقادة الدينيّين والديبلوماسيّين التواصل مع نظرائهم المؤثرين في الحكومة والتأثير على السياسات. وعلى رغم من أنّ الاجتماع مفتوح لجميع الأديان، فإنّ هدفه، وفقاً لموقعه الإلكتروني: «الاجتماع بروح يسوع الناصري».
سيحاجج الأوكرانيّون أمام الحاضرين بأنّ أي تقدّم روسي إضافي سيؤدّي إلى توسيع منطقة القمع التي تستهدف طوائف مسيحية عدة، بالإضافة إلى تدمير ونهب الكنائس واعتقال القساوسة والكهنة - وهي أفعال وثّقتها منظمات حقوق الإنسان في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الروسي.
وأكّد رومان لوزينسكي، عضو البرلمان عن حزب «هولوس» المعارض: «روسيا لا تقتل الناس فحسب، ولا تدمّر مدننا فقط، بل إنّها تدمّر وتحظر الجماعات الدينية أيضاً» في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
لوزينسكي عضو في الكنيسة الكاثوليكية اليونانية، وهي جزء من الكاثوليكية الشرقية التي تتبع الفاتيكان، تتعرّض إلى اضطهاد في المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا. وأشار إلى ترحيل صديقه الكاهن الكاثوليكي اليوناني، من مدينة ميليتوبول التي تسيطر عليها روسيا، كمثال على القمع الذي تتعرّض له الطوائف الكاثوليكية تحت الاحتلال.
وفقاً لبافلو أونغوريان، النائب السابق في البرلمان ومنظم الجهود الأوكرانية، فإنّ أكثر من 100 قسّيس وسياسي وأكاديمي عسكري أوكراني، بمَن فيهم رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، المطران إبيفانيوس الأول، موجودون في واشنطن للمشاركة في الإفطار الوطني للصلاة، إلى جانب فعاليات أخرى طوال الأسبوع.
تستهدف القوات الروسية في شرق أوكرانيا القساوسة الأرثوذكس الأوكرانيِّين وأبرشياتهم. وأوضح المطران إبيفانيوس الأول إنّ ما يُقدّر بنحو 50 قسيساً في المناطق المحتلة - بمَن فيهم أعلى مسؤول كنسي في خيرسون، الذي رفض الانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية - قُتلوا خلال السنوات الثلاث الماضية. كما أُجبر آخرون على المغادرة أو على إقامة القداديس سراً.
كما يعتزم الأوكرانيّون تسليط الضوء على معاناة الطوائف الإنجيلية، وفقاً لأونغوريان، الذي ينتمي إلى الطائفة المعمدانية. فداخل حدود روسيا، تعرّض المسيحيّون الإنجيليّون إلى تحقيقات.
وأضاف أونغوريان: «أوكرانيا هي قلب الحزام الإنجيلي في أوروبا. جزء من هذه الحرب روحي. من المهم أن تعرف أميركا ذلك»، مؤكّداً أنّ ممارسات الإيمان الإنجيلي هناك باتت مهدّدة الآن. وأضاف أنّ حوالي مليون أوكراني يحضرون الصلوات الإنجيلية أسبوعياً.
تحتل روسيا نحو 19% من الأراضي الأوكرانية، وتحرز تقدّماً بطيئاً لكن ثابتاً. وتدافع أوكرانيا عن نفسها في معارك خنادق شرسة تمتد على جبهة يبلغ طولها نحو 600 ميل.
يسعى الأوكرانيّون المشاركون في الإفطار الوطني للصلاة إلى إبراز حيوية الكنائس المسيحية في بلادهم، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنّ حوالي 70% من السكان يعتبرون أنفسهم متديّنين. وتهدف هذه الجهود إلى التأثير على أنصار دونالد ترامب، الذي أعرب عن تشكيكه في حجم المساعدات العسكرية والمالية التي تقدّمها إدارة بايدن لأوكرانيا. وأعلن ترامب هذا الأسبوع إنّ استمرار المساعدات قد يكون مشروطاً بالحصول على وصول أميركي إلى المعادن الأوكرانية.
وأسفرت الجهود السابقة للتواصل الديني في الولايات المتحدة بالفعل عن نتائج إيجابية لأوكرانيا. ففي الصيف الماضي، ألقى رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، خطاباً عبر الفيديو في تجمّع مسيحي في أوكرانيا. كما ناشد المعمدانيّون الأوكرانيّون جونسون لتقديم دعم عسكري وديبلوماسي لبلادهم. وجعل جونسون، المعمداني الجنوبي، من إيمانه المسيحي المحافظ محوراً لمسيرته السياسية.
أرسلت الكنائس الأوكرانية وبرلمان البلاد وفوداً إلى الإفطار الوطني للصلاة منذ أوائل الألفية الجديدة، لكنّها زادت من حضورها في السنوات الأخيرة، واصفةً الزيارة السنوية إلى واشنطن بأنّها «أسبوع أوكرانيا». في السنوات الماضية، حضر العشرات من القادة الدينيِّين والسياسيِّين، لكنّ الوفد الأكبر هذا العام، وفقاً لأونغوريان، يعكس أهمية المسيحية بالنسبة إلى أنصار ترامب.
وأضاف أونغوريان، الذي يروّج لسياسات اجتماعية محافظة في أوكرانيا: «هذه قضايا في غاية الأهمية، ويمكنها أن توحّد أوكرانيا، البلد المسيحي المحافظ جداً، مع أميركا المسيحية المحافظة جداً».
شارك القساوسة البروتستانت الأوكرانيّون على نطاق واسع كقساوسة عسكريِّين خلال الحرب، وفقاً للباحثة الدينية الأوكرانية ليودميلا فيليبويتش. كما افتتح الإنجيليّون الأوكرانيّون نحو 100 كنيسة في دول أوروبية أخرى لتوفير خدمات باللغة الأوكرانية للاجئين، بحسب فيليبويتش.
في روسيا، سعت حكومة الرئيس فلاديمير بوتين إلى تهميش أو حظر الكنائس التي لا تنتمي إلى الديانات الـ4 «التقليدية» المعترف بها من قِبل الكرملين (الأرثوذكسية المسيحية، اليهودية، الإسلام، والبوذية). وصنّفت الحكومة الأميركية روسيا على قائمتها لـ «الدول المثيرة للقلق بشكل خاص» بسبب القيود المفروضة على حرية الدين.
في الأراضي الأوكرانية المحتلة شرقاً وجنوباً، تواجه الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية «تهديدات واستجوابات واعتقالات تعسفية»، وفقاً لتقرير صدر في كانون الثاني عن منظمة «ميشن أوراسيا»، التي تروّج للمسيحية الإنجيلية في دول الاتحاد السوفياتي السابق.








