عندما سجّل إرلينغ هالاند هدفاً بتسديدة ساقطة فوق روبرت سانشيز، الحارس المتقدّم، في فوز مانشستر سيتي 3-1 على تشلسي، كان التركيز في الغالب على خطأ آخر ارتكبه الحارس. لكن ربما كان ينبغي علينا الانتباه إلى نظيره في الفريق، لأنّ هذا الهدف يعني أنّ إيدرسون، الذي تسبّبت تمريرته الطويلة من منطقته في حالة من الارتباك انتهت بتسجيل هالاند، فأصبح الآن يمتلك 5 تمريرات حاسمة في الدوري الإنكليزي الممتاز، معادلاً الرقم القياسي لعدد التمريرات الحاسمة المسجّلة باسم حارس مرمى في تاريخ البطولة.
إيدرسون يتساوى الآن بعدد التمريرات الحاسمة مع مواطنه الجناح أنطوني. قد يكون هذا انعكاساً لمستوى جناح مانشستر يونايتد الذي رحل موقتاً، لكنّه أيضاً يُسلّط الضوء على المهارة الاستثنائية للحارس البرازيلي.
يتمتع إيدرسون (31 عاماً) بقدرة مذهلة على اللعب بالقدمَين، لدرجة أنّ البعض يقترح أحياناً أنّه يمكنه اللعب كلاعب ميداني. بل إنّ المدرب بيب غوارديولا فكّر ذات مرّة، ولو على نحو متردّد، في جعله منفّذ ركلات الجزاء للفريق. وذلك لأسباب وجيهة.
إيدرسون حالة استثنائية من ناحية مهاراته، لكنّه جزء من توجّه عام في كرة القدم، إذ اتجهت العديد من الفرق إلى استقطاب حراس مرمى يُجيدون اللعب بالقدم.
كان هذا أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت مانشستر يونايتد للتعاقد مع أندريه أونانا. كما سعى راسل مارتن بقوة لجلب آرون رامسديل إلى ساوثهمبتون لهذا السبب.
لكن كل هذا لم يُترجَم بالضرورة إلى تمريرات حاسمة، إذ لا تزال هذه الظاهرة نادرة للغاية: حتى لحظة كتابة هذا المقال، شهد الدوري الإنكليزي الممتاز تسجيل 34,043 هدفاً، ولم يَكن سوى 107 منها - أي ما يعادل 0,3% فقط - من صناعة حُرّاس المرمى. أمّا أكثر موسم شهد تمريرات حاسمة من حُرّاس المرمى، فقد بلغ العدد فيه 8 تمريرات.
من بين 3,034 هدفاً سُجِّل في الدوريات الـ5 الكبرى في أوروبا هذا الموسم، لم يكن سوى 11 منها بصناعة حُرّاس مرمى. لكن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في هذه الظاهرة هذا الموسم في الـ»بريميرليغ» إلى 5، وهو أكثر من الموسمَين الماضيَين مجتمعَين، والأعلى منذ موسم 2010-11.
في العديد من الحالات، يكون مفهوم «التمريرة الحاسمة» لحارس المرمى مضلّلاً. فعلى رغم من أنّ الإحصائيات تُسجِّل تمريرة حاسمة عندما يكون اللاعب آخر مَن لمس الكرة قبل تسجيل الهدف، إلّا أنّ الفكرة الضمنية عادة هي أنّ التمريرة تكون متعمّدة. لكن في معظم الحالات، لا تكون التمريرات الحاسمة من الحرّاس مقصودة بالطريقة التي يُمرِّر فيها جناح إلى مهاجم ليسجّل.
بعد دراسة معظم التمريرات الـ107 التي سُجِّلت لحرّاس المرمى في الدوري الإنكليزي، نجد أنّ معظمها كان مجرّد كرات طويلة إلى الأمام تعتمد على مهارة المهاجم أو أخطاء دفاعية أو مجرّد صدفة إحصائية منحت الحارس التمريرة الحاسمة.
جاءت جميع تمريرات إيدرسون الحاسمة من رؤية واضحة وقدرة فائقة على تنفيذ تمريرات طويلة دقيقة إلى مهاجم في وضع مناسب.
يشرح مات بيزدروفسكي، خبير حراسة المرمى في «ذا أثليتيك»: «لا يهمّ إن كان يُمرّر لمسافة 5 ياردات أو 70 ياردة، فهو يضع الكرة في المكان المثالي».
ربما اللاعب الوحيد الذي يمكن مقارنته بإيدرسون هو مواطنه أليسون بيكر، حارس ليفربول الذي يمتلك 3 تمريرات حاسمة في الدوري الإنكليزي، جميعها جاءت بالطريقة عينها تقريباً: التقاط الكرة، ثم تمريرها بسرعة إلى محمد صلاح، الذي يقوم بالباقي.
لكن هنا يكمن الفارق: بينما يمتلك أليسون وإيدرسون القدرة على التمرير الدقيق، فإنّهما يستهدفان مهاجمَين من الطراز العالمي، مثل صلاح وهالاند، ممّا يجعل نسبة تحويل هذه التمريرات إلى أهداف أعلى بكثير.