«نزهة عند صخرة هانجينغ»: عمل كلاسيكي عن الاختفاء يعاود الظهور
«نزهة عند صخرة هانجينغ»: عمل كلاسيكي عن الاختفاء يعاود الظهور
جي. هوبرمان- نيويورك تايمز
Tuesday, 04-Feb-2025 06:28

حصل فيلم «هانجينغ روك»، الذي يُعتبر أعظم فيلم أسترالي وفقاً لمعهد الأفلام الأسترالي، على ترميم جديد وعُرِض في مركز IFC.

ذات يوم في أستراليا: تختفي ثلاث طالبات ومعلمتهنّ في وضح النهار أثناء جولة في مشهد طبيعي ما قبل التاريخ. فيلم بيتر وير لعام 1975، «نزهة عند صخرة هانجينغ»، يُجسّد فكرة «الغموض غير الطبيعي في البراري»، حيث تبدو حضارة المستوطنين المتزنة وكأنّها مقامة على كوكب غريب.

مبني على رواية جوان ليندساي الصادرة عام 1967، التي استوحتها من حلم، يُعتبر «نزهة عند صخرة هانجينغ» كنزاً وطنياً، وصنّفه معهد الأفلام الأسترالي كأعظم فيلم في البلاد. والآن، يُعرض ترميم جديد بجودة 4K للنسخة التي أُعيد تحريرها عام 1998، ابتداءً من يوم أمس في مركز IFC في مانهاتن.

في يوم عيد الحُبّ عام 1900، تتأهّب الشابات في «كلية أبليارد»، وهي مدرسة راقية لإعداد الفتيات مزوّدة بديكورات فيكتورية زاخرة، لانطلاق رحلة تمتد ليوم كامل إلى صخرة هانجينغ، وهي تكوين بركاني صخري في وسط ولاية فيكتوريا يعود إلى العصر الميوسيني. تسبح البجع في البركة، وتتداول الفتيات رسائل الغرام، فيما يملأ عزف آلة الناي الروماني للموسيقي غيورغي زامفير الأجواء.

«ما نراه وما نظنّه ليس سوى حلم - حلمٌ داخل حلم»، تتأمّل ميراندا الجميلة والمحبوبة (آن-لويز لامبرت)، مستشهدةً بشكل غير دقيق بقصيدة لإدغار آلان بو. وعندما تصل المجموعة إلى الصخرة، يتوقف الزمن حرفياً...

تتجاهل المعلمة الفرنسية الشابة، مدموزيل ديان دي بواتييه (هيلين مورس)، أوامر المديرة الصارمة ذات الشخصية التنينية (رايتشل روبرتس)، وتسمح لعدة طالبات، بقيادة ميراندا، باستكشاف هذا التكوين الجيولوجي المحظور. تصف مدموزيل ميراندا بأنّها تشبه ملاكاً من لوحات بوتيتشيلي. تمرّ فترة بعد الظهر، ولا تعود الفتيات، بينما تغرق بقية الطالبات في حالة من النشوة الإيروتيكية. لكنّ التحقيق اللاحق لا يكشف الغموض المحيط بالاختفاء.

يستحضر «هانجينغ روك» أصداء فيلمي «المغامرة» و»سايكو»، اللذَين يخلقان فراغاً وجودياً عندما يختفي أحد الشخصيات الرئيسية قبل منتصف الفيلم. إلّا أنّ فيلم وير أكثر تهذيباً، ومع ذلك أكثر إثارة وحسية من أي منهما - فقد وصفه فينسنت كانبي في مراجعته بصحيفة «نيويورك تايمز» عام 1979 بأنّه «مخيف ومثير في آنٍ واحد».

وكحال الصخرة نفسها، فقد ترك الفيلم أثراً ساحراً لا يزال مستمراً. ذكرت الممثلة كلوي سيفيني أنّ «هانجينغ روك» من أفلامها المفضّلة، بينما يبدو أنّ صوفيا كوبولا، التي تدور أفلامها غالباً في عوالم مغلقة تسكنها شابات من طبقات مميّزة، قد تأثرت به بشدة. أمّا لينا دنهام، المعجبة بالفيلم بطريقة أقل تقديساً، فقد مازحت قائلةً إنّه خلال دراستها الجامعية، حاولت صنع نسخة ساخرة منه بعنوان «وقت الغداء عند الصخرة المتدلية».

في الواقع، أُعيد إنتاج «نزهة عند صخرة هانجينغ» عام 2018 كمسلسل تلفزيوني من 6 حلقات. وكتب مايك هيل في مراجعته بصحيفة «نيويورك تايمز»: «هناك الآن دراما ميلودرامية متأجّجة تنطوي على استكشاف جنسي وغيرة». وعلى رغم من كونه أقل وضوحاً، ينتهي فيلم وير أيضاً بمزيج ميلودرامي من الأحلام، الصور المشوّشة، المزارات السّرية، الانهيارات العصبية، الرؤى، والانتحارات. يُطرح نوع جديد من التلاقي الصوفي، لكنّه يُترك من دون تفسير.

لا يَخلو فيلم وير من الرموز والنذر، لكن لا أحد منها يشير إلى السكان الأصليّين لأستراليا، الذين اعتبروا الصخرة موقعاً مقدّساً وسكنوا المنطقة لآلاف السنين. وكما أنّ سكان هاملن لم يدفعوا للراعي العازف، فإنّ أرواح السكان الأصليّين لم تهدأ.

تناول وير هذا الجانب لاحقاً في فيلمه «الموجة الأخيرة» (1977)، وهو فيلم إثارة غامض صدر في الولايات المتحدة قبل «هانجينغ روك». ومع ذلك، وعلى رغم من غيابهم عن الفيلم، فإنّ السكان الأصليّين لأستراليا يلقون بظلالهم على النزهة.

وقد يكون غيابهم الفادح هو في الواقع الاختفاء الحقيقي الكامن في صميم هذه القصة.

theme::common.loader_icon