



في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الزجل اللبناني، شهدت المملكة العربية السعودية أولى حفلات هذا الفن العريق، إذ أحيَا الشاعر شربل كاملة وفرقته «جوقة العمر»، المؤلفة من الشعراء ناجي أبو عسّاف، ميلاد ضو، وسالم غانم، أمسيتَين مميزتَين في جدة من تنظيم المغترب نزار التيماني.
حفاوة استقبال وأصداء واسعة
أُقيمت الحفلة الأولى في 16 كانون الأول 2025 في مطعم «أيام اللولو»، وهو مطعم لبناني يحتضن الجاليات العربية في المملكة، فيما كانت الأمسية الثانية في القنصلية اللبنانية العامة بجدة في 18 كانون الثاني 2025.
ويتحدّث كاملة لـ»الجمهورية» عن هذه التجربة بحماسة، واصفاً إياها بأنّها «إنجاز تاريخي وسابقة مدهشة» في مسيرة الزجل اللبناني. ويضيف أنّ «ما ميّز الحفلَين هو الشغف الكبير الذي أبدته الجالية اللبنانية والمغتربون تجاه الزجل والتراث»، فتجلّت محبّتهم العميقة لتراثهم الفولكلوري.
حضور رسمي وإعجاب واسع
حَظِيَت حفلة القنصلية بحضور شخصيات بارزة، من بينها الأستاذ أحمد بن ظافر، مندوب المراسم الملكية في منطقة مكة المكرمة، والأستاذ عبد الخالق الزهراني، مدير عام فرع وزارة الإعلام في المنطقة، إلى جانب عدد من القناصل وأعضاء السلك الديبلوماسي وشخصيات إعلامية وثقافية مرموقة.
ويَصف كاملة المشهد قائلاً: «كان الذهول والدهشة والفرح مرسومة على وجوه الحاضرين، فقد كانت افتتاحيّتي عن حُبّ اللبنانيّين لسمو الملك وولي العهد، وعن وحدة اللبنانيّين في حب وطنهم».
زجل يتخطّى الحدود بلا عوائق
على رغم من كونها التجربة الأولى للزجل في المملكة، يؤكّد كاملة أنّه لم يواجه أي تحدّيات أو صعوبات تُذكر، إذ إنّ الزجل اللبناني يمتلك قدرة فريدة على ملامسة مشاعر الجاليات العربية كافة، بلغة عامية سهلة ومفهومة.
كما أنّ توظيف الأغاني التراثية الشهيرة، إلى جانب التزاوج بين الإيقاع والشعر، أضفى رونقاً خاصاً على العروض.
انطلاقة نحو مزيد من الحفلات في السعودية
يرى كاملة أنّ هذه الخطوة ستمهّد الطريق لإقامة حفلات زجلية أخرى في المملكة، لا سيما أنّ الشعب السعودي يحمل في قلبه محبة كبيرة للبنان وثقافته وتراثه.
ويشير إلى أنّ المزج بين الحضارات المختلفة هو أمر مَحطّ اهتمام وثقة لدى المسؤولين السعوديّين، ممّا يفتح آفاقاً جديدة أمام انتشار هذا الفن في المملكة.
رسالة حُبّ ووفاء للمملكة
كان الزجل الذي قدّمه كاملة في الحفلَين مشبّعاً بروح المحبة والوفاء، إذ خصّص قصائد شكر للمملكة وقادتها، معبّراً عن فخره وامتنانه لحكمة قيادتهم.
كما تطرّق إلى «رؤية السعودية 2030» التي اعتبرها خطوة رائدة تحمل في طيّاتها إنجازات واعدة لشعوب المنطقة.
امتداد الزجل اللبناني في العالم العربي
لطالما كان للزجل اللبناني حضور قوي في دول عربية عدة، إذ سبق لكاملة أن أقام حفلات زجلية في كل من الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، قطر، والأردن.
إلّا أنّ حفله في السعودية كان له وقع خاص، كونه الأول من نوعه، ما جعله حدثاً استثنائياً في مسيرة الزجل اللبناني، وعلامة فارقة في انتشاره خارج حدود الوطن.
بهذه الخطوة، يُثبّت الزجل اللبناني مجدّداً أنّه فنّ يتجاوز الجغرافيا، وأنّ صوته قادر على أن يَصدح في أي مكان يجد فيه قلوباً توّاقة للشعر، وآذاناً تصغي إلى ألحان التراث الأصيل.








