الشرع يزور السعودية في أول زيارة خارجية
الشرع يزور السعودية في أول زيارة خارجية
إسماعيل ناعر وكريستينا غولدباومر- نيويورك تايمز
Monday, 03-Feb-2025 06:49

رحلة أحمد الشرع إلى الرياض، حيث قضى طفولته، تقدّم أدلة حول رؤيته لسوريا ما بعد الأسد.

وصل الرئيس السوري الموقت الجديد، أحمد الشرع، إلى السعودية يوم أمس، في أول زيارة خارجية له منذ أن أطاح تحالفه المعارض بالديكتاتور بشار الأسد الذي حكم لمدة طويلة الأمد.

 

حطّت طائرة الشرع في مطار الرياض، عاصمة السعودية، في وقت مبكر من بعد ظهر أمس الأحد. ورُفِع العلم الجديد لسوريا إلى جانب العلم السعودي في المطار.

 

في وقت لاحق، التقى الشرع بولي عهد المملكة الغنية بالنفط، الأمير محمد بن سلمان، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية السورية والسعودية. ومن المتوقع أن يبحث الزعيمان في تعزيز العلاقات وكيفية كسب الدعم لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بحسب تقارير إعلامية سعودية.

 

اعتُبر اختيار السعودية كوجهة أولى للشرع في زياراته الخارجية انعكاساً للتحوّلات السياسية في سوريا تحت قيادتها الجديدة، إذ تبتعد عن إيران، الحليف الرئيسي لنظام الأسد، وتتّجه نحو الخليج.

 

تأتي هذه الزيارة بعد سلسلة من الاجتماعات الديبلوماسية في العاصمة السورية، دمشق، خلال الأسابيع الأخيرة. فمنذ أن سيطر تحالف المعارضة على السلطة في كانون الأول، تدفّق الديبلوماسيّون من أوروبا والولايات المتحدة والخليج وروسيا إلى دمشق للقاء الشرع وإقامة اتصالات مع حكومته.

 

ستُحدّد نتائج هذه التحرّكات الديبلوماسية الملامح السياسية الجديدة لسوريا وديناميكيات القوة في الشرق الأوسط، وهو إقليم يشهد إعادة تشكيل في أعقاب حروب إسرائيل في غزة ولبنان، وانهيار حكومة الأسد.

 

تراجع نفوذ إيران في المنطقة بشكل حاد نتيجة لحروب إسرائيل، التي استهدفت وكلاء طهران. كما تواجه روسيا تحدّياً خطيراً لاستراتيجيتها العسكرية في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط بعد أن فقدت حليفها الرئيسي في المنطقة، الأسد. في المقابل، برزت تركيا، التي دعمت المعارضة، كقوة رئيسية في سوريا.

 

على رغم من أنّ دول الخليج كانت في البداية حذرة تجاه الفصائل الإسلامية التي استولت على السلطة في سوريا خلال كانون الأول الماضي، إلّا أنّها زادت منذ ذلك الحين من انخراطها ودعمها للشرع وحكومته الموقتة. في بداية الأمر، حثّت دول الخليج القادة الجدد في سوريا على إظهار الشمولية والتسامح تجاه مختلف الطوائف في البلاد.

 

يوم الخميس، التقى أمير قطر بالشرع في دمشق، في أول زيارة لزعيم خليجي إلى العاصمة السورية منذ أن سيطر تحالف المعارضة على الحكم. وقد سلّطت الزيارة الضوء على اهتمام دول الخليج بلعب دور في رسم ملامح سوريا ما بعد الأسد تحت قيادة الشرع.

 

بالنسبة إلى السعودية، شكّلت الأحداث الأخيرة فرصة حاسمة لاستعادة نفوذها في كل من سوريا ولبنان، وهما دولتان فقدت فيهما المملكة نفوذها لصالح إيران خلال العقد الماضي.

 

وتسعى السعودية إلى دعم الحكومة السورية الجديدة، كما تدعو إلى إزالة العقوبات الغربية والأوروبية المفروضة على حكومة الأسد السابقة. وعقب تعيين الشرع رئيساً موقتاً الأسبوع الماضي، بعث الملك السعودي وولي العهد برسائل تهنئة إليه، متمنّين له التوفيق في قيادة سوريا.

 

وأشار الشرع أيضاً إلى أهمية العلاقة مع السعودية، إذ منح أول مقابلة حصرية له مع وسيلة إعلام عربية لقناة «العربية» السعودية، بدلاً من «الجزيرة» القطرية، التي ظهر عليها مرّات عدة خلال العقد الماضي.

 

وأكّد الشرع في تصريحاته لـ«العربية» أنّ «السعودية تلعب دوراً رئيساً في مستقبل سوريا، وأشعر بالفخر بكل ما قدّمته لنا»، مستذكراً سنوات طفولته التي قضاها في الرياض قبل أن تعود عائلته إلى سوريا.

 

لطالما كانت سوريا أقرب حليف عربي لإيران في الشرق الأوسط، ولعبت دوراً رئيساً في الصراع الإقليمي على النفوذ بين طهران والدول الخليجية.

 

بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، كانت السعودية والإمارات من أشدّ معارضي الأسد. وأغلقت الدولتان سفارتَيهما في دمشق عام 2012 وسط حملة القمع الوحشية التي شنّها الأسد ضدّ المعارضين، ممّا جعله منبوذاً إقليمياً.

 

إلّا أنّ مواقف دول الخليج بدأت تتغيّر بعد عقد من الحرب، إذ سعت السعودية والإمارات إلى إعادة الأسد إلى الحظيرة العربية - وهو تحرّك كان مدفوعاً جزئياً بالرغبة في كبح النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة آنذاك.

 

في أوائل عام 2023، قدّمت السعودية مساعدات إنسانية لنظام الأسد بعد زلزال مدمّر ضرب تركيا وسوريا. وفي وقت لاحق من ذلك العام، أُعيدت سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد عقد من العزلة.

إلّا أنّ الإطاحة بالأسد أدّت إلى تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، ويبدو أنّ السعودية اغتنمت الفرصة لترسيخ نفوذها في دمشق.

theme::common.loader_icon