

يأتي شهر شباط متسلّلا بصفاء صيفيّ، كأنّه " مهما شبط ولبط ريحة الصيف فيه"، حسب تجربة أجدادنا، فماذا يقولون عنه اليوم؟ هذا الحسّ التفاؤليّ شعبيّا يقابله نقيضه عند العامة بقولهم:" شباط أوعالو ( أو يا خالو) لا يغرك اعتدالو"، إذ لا يأمنون له، كما في مثلهم:" امش على غيم كانون ولا تمش على غيم شباط"، وذلك لأنَّ شهر كانون أكثر استقرارًا للحالة الجويَّة من شهر شباط. يعمد الفلاحون في هذا الشهر إلى زراعة الشجر وخاصة العنب:" بين شباط وآذار تأخرت كتير يا زارع الأشجار"، وسرحنا في شباط على زراعة العنبات"، كما أنّ الراعي يحبس قطيعه في الحظيرة للسلامة، لأنّ "شباط إن عوىّ يخلي الراعي يتلوىّ".
لكن، أمام هذه التغييرات المناخيّة التي يحذّر منها العلماء، ما زال الفلاحون يتلون صلوات الاستسقاء رأفة بالنبات والزرع حماية من الحشرات والجفاف، إذ جاء في المثل:" برد شباط بيمنع الجراد والقحاط"، إضافة إلى أنّه يحلّ شؤمًا على كبار السنّ لشدّة صقيعه وسيول أمطاره، فـ " شباط عدوّ ( أو دفّان) العجايز، لذا تردّد العجوز: "شمس شباط لَكَنتي، وشمس أذار لبَنتي، وشمس نيسان إلي ولشَيبتي"، لتحتفظ بالشهر الدافىء تاركة تقلّبات الطقس للصبايا، لأنّ "شباط بيخلي العجوز تتغطّى بالبساط". هكذا تبرز علاقة شهر شباط بالنساء، إذ " شباط بيضحك عالنسوان"، فكم أوقعهنّ في فخّ اتخاذ قرارهن بالقيام بأعمال البيت على الرّغم من معرفتهنّ بالمثل القائل:" حلف شباط وطلّق ما يخلي غسيل عالحبل معلّق"، كما يحسبن بدقّة زيادة المونة في شباط تفاديا لعدم الخروج والتعرّض للظروف المناخيّة القاسية، من هنا جاء المثل:" بين شباط وآذار بتفضى الجرار".
يبقى أنّ شباط يُتّخذ مثالًا للمتردّد والمتقلّب، كما في قولهم:" كلّ ساعة برأي مثل غيمة شباط."، أو" مثل شهر شباط ما على كلامه رباط"، أو في معرض إبراز قدراته: "متل هوا شباط ( أي قوي ومزعج)"، إلّا أنّ العامة لم تعمّم صفة الغدر على غيره، بل دعت الناس إلى الحذر منه تحضيرًا للشهر الذي يليه: " راح شباط الغدّار وإجا آذار الهدّار".








