قد لا تحمل المناظرة بين نائب الرئيس، السيناتور جي دي فانس من أوهايو، والحاكم تيم والز من مينيسوتا، نفس إثارة المواجهة التي جرت الشهر الماضي بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس، لكنّها قد تكون حاسمة، كونها آخر مناظرة مُجدوَلة في تقويم انتخابات 2024.
بالنسبة إلى الحملتَين، تُعتبر المناظرة صراعاً بالوكالة حول مَن يمكنه بشكل أفضل تحديد والدفاع عن رؤى المرشحَين الرئيسيَّين على بطاقة الانتخابات، وكشف التناقضات.
وتبادل والز (60 عاماً) وفانس (40 عاماً) الهجمات الكلامية من بُعد، إذ اختير الحاكم بعدما وصف فانس والفريق الجمهوري بأنّه «غريب». كلاهما خدم في القوات المسلحة، وسرعان ما طعن فانس في سجل الخدمة العسكرية لوالز، بعدما اختير، وهو ما يُتوقّع أن يكون جزءاً من الهجوم خلال المناظرة التي تستضيفها CBS News.
سيقف المرشحان في المناظرة، وعلى عكس المواجهة الرئاسية، لن تُقطع الميكروفونات، ممّا يفتح المجال لاحتمالية تبادل الأفكار والإهانات بشكل حَي.
أي شخصية ستطغى: الشخصية الودودة أم الهجومية؟
يُعَدّ كل من فانس ووالز متحدّثَين بارعَين ويتمتعان بسرعة بديهة في المناظرات.
من العوامل التي ساهمت في صعود والز إلى الساحة الوطنية أسلوبه العفوي في الحديث، سواء في ظهوره على التلفزيون الوطني أو في تفاعلاته الخاصة مع هاريس.
منذ ذلك الحين، اعتمدت حملة هاريس على شخصيّته «كأب من الغرب الأوسط»، فيُقدّم نائب الرئيس والز بلقب «المدرب والز» ويُروَّج لفترة تدريبه كمدرب كرة قدم.
ستكون المناظرة الفرصة المثلى لوالز لإظهار هذا الجانب منه بعيداً من اللحظات المكتوبة في المؤتمر الديمقراطي ومقاطع الفيديو الدعائية المعدّة بعناية، مثل الفيديو الذي يظهر فيه وهو يأخذ المشاهدين إلى تفاصيل داخل سيارته من طراز 1979 International Harvester Scout.
أمّا فانس، فظهر في عدد من المقابلات أكثر من أيّ شخص آخر في كلا الفريقَين، وكان سعيداً بالصدام مع وسائل الإعلام الرئيسة في البرامج الإخبارية التلفزيونية وعلى أرض الواقع. وبرز من خلال نسخة محافظة ومقاتلة للغاية على الإنترنت، قد تبدو قاسية وغير جذابة لجمهور أوسع وأكثر اعتدالاً.
لكنّه كان حريصاً على الظهور بشكل أكثر رزانة وتهذيباً على التلفزيون، وهي مهارة أظهرها خلال مناظراته في سباق مجلس الشيوخ عام 2022. كما عمل فانس على تطوير مهارته من خلال تجنيد النائب توم إمر ليمثّل والز، وهو أيضاً من مينيسوتا، في تدريبات مناظرة وهمية.
أي هجوم سيكون أكثر تأثيراً: «ليبرالي بشكل خطير»
أم مجرّد «غريب»؟
تُعتبَر مناظرات نواب الرئيس بطبيعتها صعبة على المشاركين، إذ يُصوِّت معظم الناخبين بناءً على المرشح الرئيسي. وهذا يعني أنّ المرشحَين يجب أن يتجنّبوا أي زلّات كلامية مُدمِّرة مع التركيز على هجماتهم وليس على الخصم أمام المنصة الأخرى، بل على رفيق خصمهم في الترشح.
وقد حاول كلا الرجلَين حتى الآن تحقيق هذا الهدف من خلال هجمات واسعة بما يكفي لتشمل الفريق كله.
بالنسبة إلى والز، كان ذلك يعني وصف فريق ترامب-فانس بـ»إنّهم أشخاص غريبون في الجانب الآخر. يريدون منع الكتُب. يريدون التواجد في غرفة فحصك الطبي».
يُعدّ هذا جزءاً من الجهد الأوسع للديمقراطيِّين لتصوير الفريق الجمهوري على أنّه متطرّف، ومُركِّز على قضايا غريبة ومثيرة للانقسام بدلاً من الاحتياجات الحقيقية للأميركيِّين العاديِّين. لدى والز الذي قلبَ دائرة انتخابية يُسَيطر عليها الجمهوريّون في عام 2006، خبرة خصوصاً في تقديم الطعون للناخبين المعتدلين من خلال المناظرات، حتى مع تطويره سجلاً أكثر تقدّمية كحاكم.
أمّا فانس فهاجم فريق هاريس-والز بوصفه «ليبرالياً بشكل خطير»، مستهدفاً سياسات نائب الرئيس المتعلّقة بالهجرة، مُتهماً إيّاها بالتساهل في التعامل مع الجريمة، وملقِياً عليها اللوم في «كل مشكلة نراها في هذا البلد خلال الثلاثة أعوام ونصف الماضية».
قد يعتمد النجاح في المناظرة على من يتمكّن من تصنيف الخصم بشكل أكثر فعالية.
هل سيتمكن فانس من إعادة تقديم قصته الحياتية المؤثرة؟
القصة الحياتية التي جعلت فانس شخصية وطنية، وسردها في مذكّراته الأكثر مبيعاً «مرثية هيلبيلي»، طغى عليها الجدل السياسي في السباق الوطني.
وتوفِّر المناظرة فرصة لفانس لإعادة تقديم قصّته المؤثرة حول نشأته في عائلة تعاني من إدمان المخدّرات، وتربيَته جزئياً على يَد جدّته، «ماماو» - «الإسم الذي نطلقه نحن الهيلبيلي على جداتنا»، كما شرح في خطابه في المؤتمر.
وعُومِلت مذكراته من قِبل العديد من الليبراليِّين على أنّها قراءة ضرورية بعد الانتخابات الأولى لترامب في عام 2016، ودليل لفهم الشعور بالخيبة في قلب أميركا الذي قاد إلى فوز ترامب على الرغم من كل الاستطلاعات التي أظهرت تأخّره.
حتى الآن، تُظهر معظم الاستطلاعات أنّ فانس لم يُستقبَل بشكل جيّد كما والز. ويُظهر متوسط الاستطلاعات من موقع FiveThirtyEight أنّ تصنيف فانس الإيجابي متأخّر بفارق 11 نقطة مئوية، بينما يُنظر إلى والز بشكل أكثر إيجابية بفارق 4 نقاط. ومن المحتمل أن يُعيد فانس دوره كقلب هجوم معيّن، لكن بعض اللحظات الشخصية الناعمة قد تُخفّف من صورته.
جزء آخر من ماضي فانس الذي من المتوقع أن يظهر، وهو انتقاداته السابقة لترامب، الذي وصفه بـ»الهيرويين الثقافي» في عام 2016 وقارنه بأدولف هتلر. وأجاب فانس عن هذه الأسئلة عدة مرات من قَبل، لكنّه سيفعل ذلك الآن أمام ما يُحتمل أن يكون أكبر جمهور له في الحملة.
هل ستكون الخدمة العسكرية نقطة إيجابية أم سلبية؟
سيكون أحد هذَين الرجلَين أول محارب قديم يفوز في انتخابات وطنية كنائب للرئيس منذ أن كان آل غور، الذي خدم في الجيش، على بطاقة الحزب الديمقراطي مع بيل كلينتون في 1992 و1996. وخدم والز لمدة 24 عاماً في الحرس الوطني، وخدم فانس 4 سنوات في المارينز.
كانت خدمتهما قضية في وقت سابق من السباق عندما اتهَم فانس خصمه بـ»سرقة الشرف»، مشيراً إلى مقطع قديم لوالز يتحدّث فيه عن دعمه لحظر نوع الأسلحة «التي حملتها في الحرب».
لم يكن والز، مثل فانس، في أيّ مواجهة قتالية على خط المواجهة. فتمركز فانس في العراق كجزء من فريق علاقات إعلامية، وتمركز والز في إيطاليا خلال عملية الحرية الدائمة في أفغانستان.
4 محاربين قدامى يحقّقون في الادّعاءات المتعلقة بالخدمة العسكرية الزائفة أخبروا صحيفة «نيويورك تايمز» أنّهم لا يعتقدون أنّ والز ارتكب «سرقة الشرف»، لكنّهم أشاروا إلى أنّه كان غير دقيق في بعض الأحيان في حديثه عن سجلّه.
وسُئل والز عن تعليقاته السابقة خلال مقابلة مع CNN، وأشار إلى أنّه ربما أخطأ في التعبير، لكنّه لم يوضّح ما الذي قصده بالتحديد، مضيفاً «قواعدي اللغوية ليست دائماً صحيحة».
مَن سيفوز في مواجهة القضايا الثقافية؟
بينما تبقى مواضيع مثل الاقتصاد دائماً في أذهان الناخبين - هنا يتمتع ترامب بميزة واضحة - إلّا أنّ مجموعة من القضايا الثقافية هيمَنت على الحملة الرئاسية. فكلا الطرفين يرى في هذه القضايا فرصاً.
يعمل والز وحزبه على استغلال الغضب الناتج من القيود الصارمة على الإجهاض في حشد الدعم للديمقراطيِّين، مشدّداً على أنّ القضية تتعلّق بالخصوصية والحرية الشخصية، مكرّراً «اهتم بشؤونك اللعينة». وبالنسبة إلى فانس، كانت مسألة حقوق الإجهاض صعبة عليه.