أخصائية تغذية
مرض السكري من النوع الثاني هو حالة مزمنة تؤثر على كيفية استخدام الجسم للسكر (الغلوكوز)، وهو مصدر الطاقة الرئيسي للخلايا. ويتميّز هذا المرض بارتفاع مستويات السكّر في الدم بسبب مقاومة الإنسولين، وهو هرمون ينظّم مستويات السكر في الدم، أو عدم قدرة البنكرياس على إنتاج كمية كافية من الإنسولين. إذا لم يتمّ التحكّم فيه بشكل صحيح، يمكن أن يؤدّي السكّري من النوع الثاني إلى مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب، السكتات الدماغية، ومشاكل في الكلى.
أهمية النظام الغذائي في إدارة ومنع مرض السكّري
في ظلّ الارتفاع المستمرّ في حالات مرض السكّري من النوع الثاني على مستوى العالم، أظهرت الأبحاث الحديثة الدور الحاسم الذي يلعبه النظام الغذائي في إدارة هذا المرض ومنعه. كما تُوفّر رؤى مهمّة حول تأثير الأنماط الغذائية على نتائج المرض، ممّا يُبرز أهمية تناول وجبات متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية.
في هذا المقال، نناقش أحدث النتائج والدراسات التي توضح كيفية تأثير الأنظمة الغذائية المختلفة في تقليل معدل حدوث وشدّة مرض السكري.
فوائد الأنظمة الغذائية النباتية منخفضة الكربوهيدرات
أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Diabetes Care (2023) أنّ الأنظمة الغذائية النباتية منخفضة الكربوهيدرات، الغنية بالخضروات، الحبوب الكاملة، والبقوليات، لها تأثير كبير في تحسين التحكّم في مستويات السكّر في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني. وساهمت هذه الأنظمة في تحسين الحساسية للإنسولين وتنظيم نسبة السكّر في الدم، ممّا يجعلها خياراً فعّالاً لإدارة المرض.
بالإضافة إلى ذلك، توصّلت الدراسة إلى أنّ هذه الأنظمة الغذائية يمكن أن تقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن معدّلات الوفيات، ممّا يجعلها خياراً طويل الأمد لدعم الصحة العامة.
ارتباط النظام الغذائي السيّئ بارتفاع حالات السكري:
كشفت دراسة عالمية نُشرت في مجلة The Lancet (2023)، بالتعاون مع جامعة توفتس، عن دور النظام الغذائي غير الصحي في ارتفاع حالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
ووفقاً للدراسة، ارتبطت الأنظمة الغذائية التي تفتقر إلى الفواكه، الخضروات والحبوب الكاملة، لكنّها غنية بالأطعمة المصنّعة والمشروبات السكرية، بحوالى 14 مليون حالة جديدة سنوياً على مستوى العالم.
وتُسلّط الدراسة الضوء على الحاجة الماسّة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية التغذية السليمة ودورها في الوقاية من السكّري، مع التأكيد على تجنّب الأطعمة المكرّرة والمُعالجة (مثل الخبز الأبيض، الأرز الأبيض، المعكرونة البيضاء، السكّر الأبيض، رقائق البطاطس، والحلويات التجارية) التي ترفع مستويات السكّر في الدم وتؤدّي إلى زيادة الوزن.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإنّ خفض استهلاك السكّريات والأطعمة المصنّعة وتعزيز تناول الأطعمة الطبيعية الكاملة مثل الحبوب الكاملة والخضروات، يُساعد في تحقيق استقرار مستويات السكّر في الدم وتحسين صحة المرضى.
من جهةٍ أخرى، أشارت جمعية السكّري الأميركية (ADA) في تقريرها لعام 2023 إلى أنّ الابتكارات الغذائية والاهتمام بالصحة النفسية والتدخّلات الافتراضية تُعتبر مِحوَرية في تحسين حياة مرضى السكّري.
وتُسلّط الجمعية الضوء على الحاجة إلى تدخّلات غذائية مخصّصة، يمكن أن تتضمّن برامج تعليمية افتراضية وإرشادات غذائية دقيقة، ما يُساعد في إدارة السكّري بشكلٍ أكثر فاعلية.
علاوةً على ذلك، أظهرت هذه الدراسات أنّ التركيز على الصحة السلوكية والغذائية معاً يمكن أن يُسهم في تحسين نوعية حياة المرضى، خصوصاً في المجتمعات التي تعاني من ضعف الوصول إلى الرعاية الصحية.
توصيات غذائية عملية:
من الضروري زيادة تناول الألياف من خلال الأطعمة مثل الحبوب الكاملة (كالبرغل والشوفان)، والفواكه ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض (مثل التفاح، الفراولة والكرز)، والخضروات غير النشوية (مثل السبانخ والبروكلي)، لتحسين حساسية الإنسولين وتنظيم مستويات السكّر في الدم.
ويُفضّل تقليل استهلاك الكربوهيدرات المكرّرة، المتواجدة في الأطعمة المصنّعة (الوجبات السريعة والخبز الأبيض)، والتركيز على تناول البروتينات النباتية في البقوليات (العدس والفاصوليا) والمكسّرات (مثل اللوز والجوز) لتقليل الدهون المشبّعة.
من المهم أيضاً تقليل السكريات المضافة (المشروبات الغازية والحلويات)، والتحكّم في حجم الحصص لتجنّب زيادة الوزن، الذي يُعتبَر عامل خطر رئيسي لمرض السكّري.
ويُنصح بتناول الطعام في أوقات منتظمة على مدار اليوم، بما يشمل تناول وجبة خفيفة متوازنة تحتوي على بروتين وألياف قبل النوم (قطعة جبنة القليلة الدسم أو بعض الفواكه الطازجة) لتفادي انخفاض مستويات السكّر خلال الليل.
تعكس هذه الدراسات الموثوقة مدى تأثير النظام الغذائي في الوقاية من داء السكري وتحسين إدارة الحالة الصحية. ومن المهمّ اتباع النصائح الغذائية المثبتة علمياً لتحقيق نتائج أفضل في التحكّم بمستويات السكر في الدم والوقاية من مضاعفات السكري.