في ظلّ الحرب في قطاع غزة، تصاعد النزاع الموازي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، حيث يقوم المهاجمون العرب بشن هجمات أكثر تعقيدًا، ويوسّع الجيش الإسرائيلي نطاق غاراته على المدن الفلسطينية.
القدس – "الجمهورية"
وقع إطلاق نار من قبل مواطن أردني أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين يوم الأحد عند معبر حدودي محّصن بشدّة في الضفة الغربية، بعد ثلاث محاولات حديثة من قبل مسلحين فلسطينيين، بما في ذلك من "حماس"، لتفجير سيارات مفخخة في المنطقة. في الشهر الماضي، زعمت "حماس" وحليفها الجهاد الإسلامي الفلسطيني مسؤوليتهما عن محاولة تفجير انتحاري في تل أبيب، إسرائيل، وقالت الشرطة الإسرائيلية إن المهاجم جاء من الضفة الغربية. وبعد أقل من أسبوعين، أسفر إطلاق نار من سيارة مارة عن مقتل ثلاثة ضباط شرطة إسرائيليين في جنوب الضفة الغربية.
وبحسب المحللين، فإنّ هذا العنف يشكّل أعقد سلسلة من الهجمات المتعلقة بالضفة الغربية المتوترة منذ سنوات، مما يشير إلى أنّ الجماعات المسلحة قد طورت قدرات تقنية ولوجستية وتنظيمية جديدة، على الرغم من الجهود الإسرائيلية الواسعة للحدّ من تمرّدهم.
وقال إبراهيم دلالشة، المحلل السياسي في مركز "الأفق"، وهو مجموعة بحثية مقرها رام الله في الضفة الغربية: "إذا قارنت ما حدث في الأسابيع الأخيرة بما كان يحدث خلال العقد الماضي، يمكنك رؤية جهد أكثر تنظيمًا لتنفيذ الهجمات". وأضاف: "وجود قنبلة في حقيبة ظهر منفّذ تفجير يتجول في شوارع تل أبيب هو دليل على أن هناك شبكة تدعم شيئًا كهذا".
جاء التصعيد في وقت تكافح فيه إسرائيل لاحتواء معارك أوسع نطاقًا، ليس فقط في غزة ولكن أيضًا مع "حزب الله" في لبنان والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى راعيهم إيران.
وقعت العديد من الهجمات الأخيرة بينما كان الجيش الإسرائيلي ينفّذ بعض عملياته الأوسع نطاقًا منذ سنوات في مدن فلسطينية مثل جنين وطولكرم، وكذلك في وادي الأردن، وجميعها معاقل للجماعات المسلحة الفلسطينية.
قضى مئات الجنود الإسرائيليين أيامًا في كلتا المدينتين هذا الشهر، حيث اشتبكوا مع المقاتلين وقتلوا العشرات ودمّروا الشوارع والبنية التحتية، فيما قالت القيادة العسكرية الإسرائيلية إنه كان بحثًاً عن متفجرات وعبوات ناسفة مخبأة.
وقال المحللون العسكريون الإسرائيليون، إنّ الغارات تهدف إلى إحباط الهجمات التي زادت في الأسابيع الأخيرة.
كتب يوسي يهوشوا، مراسل لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الوسطية: "الجيش يعمل في ثلاثة قطاعات في وقت واحد - طولكرم وجنين وشمال وادي الأردن - لنزع فتيل القنبلة الاستراتيجية التي تزداد في يهودا والسامرة"، مستخدمًا مصطلحًا إسرائيليًا يشير إلى الضفة الغربية. وأضاف: "يهودا والسامرة قطاع مشتعل بحاجة لمنعه من الانفجار بشكل أكبر".
لم يتضح على الفور الدافع وراء هجوم المواطن الأردني في إطلاق النار الذي وقع على الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل من معبر جسر اللنبي بين الأردن والضفة الغربية. وقالت وزارة الداخلية الأردنية إنّ تحقيقًا أوليًا أشار إلى أنّ المهاجم، الذي قُتل في الموقع، تصرّف بمفرده.
بالنسبة للفلسطينيين، فإنّ الغارات الإسرائيلية - التي تقول الأمم المتحدة إنّها أسفرت عن مقتل أكثر من 600 شخص منذ تشرين الاول الماضي، وهو عدد يشمل المسلحين والمدنيين على حدّ سواء - تزيد فقط من كراهية الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي، ولم تفعل شيئًا يُذكر لتخفيف قدرات المسلحين.
وقال دلالشة: "قد تتمكن العمليات الإسرائيلية من تقليص عدد المسلحين هنا وهناك". "لكن الحقيقة هي أنّه في ظل الظروف الحالية، لا أعتقد أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تهدئة. في الواقع، أعتقد أنّ الأسوأ لم يأتِ بعد، ما لم تنته الحرب في غزة."