جدري القردة... فيروس جديد يهزّ العالم
جدري القردة... فيروس جديد يهزّ العالم
Saturday, 17-Aug-2024 06:58

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ فيروس جدري القردة المعروف أيضاً باسم MPox أصبح حالة طوارئ صحية عامة عالمية، ما يُسلِّط الضوء على الحاجة الماسة لتكثيف الجهود لاحتواء انتشاره المتزايد، خصوصاً في القارة الأفريقية إثر تحذير شديد اللهجة من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية في أفريقيا حول خطورة الفيروس واحتمالية انتشاره عبر الحدود الدولية.

اجتمعت منظمة الصحة العالمية مع خبراء لمناقشة الوضع وتقييم الأرقام المقلقة التي تشير إلى وجود أكثر من 14,000 إصابة و524 حالة وفاة مرتبطة بالفيروس فقط هذا العام، في زيادة ملحوظة عن العام الماضي، ممّا يعزّز المخاوف بشأن قدرة الفيروس على الانتشار والتسبّب في أضرار جسيمة، خصوصاً في ظل الانتشار السريع للنسخة المتحوّرة منه في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

 

ما هو الـ Mpox؟

 

يعود اكتشاف فيروس "إمبوكس" إلى عام 1958 في القردة، ومن هنا جاءت تسميته. في العقود التي تلت، كانت حالات الإصابة بين البشر تتركّز بشكل أساسي في وسط وغرب أفريقيا، وتحدث عادةً نتيجة الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة. إلّا أنّ الوضع تغيّر بشكل دراماتيكي منذ عامَين إثر اكتشاف أنّ الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ما أدّى إلى انتشار المرض في أكثر من 70 دولة لم تكن قد شهدت حالات إصابة سابقة.

 

ينتمي فيروس "إمبوكس" إلى عائلة الفيروسات التي تُسبّب الجدري، لكنّه يختلف عنه في كونه أقل حِدّة من ناحية الأعراض التي تتراوح بين الحمى، القشعريرة، وآلام الجسم. في الحالات الأكثر شدة، قد تظهر آفات جلدية على الوجه، اليدَين، الصدر، والأعضاء التناسلية، ممّا يزيد من تعقيد عملية التشخيص والعلاج.

 

مخاوف متزايدة في إفريقيا

 

تشير التقارير إلى أنّ "إمبوكس" انتشر في 13 دولة إفريقية بزيادة مقلقة بلغت 160% في عدد الحالات و19% في الوفيات مقارنةً بالعام الماضي. لكنّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ظهور نسخة جديدة من الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لأنّها أكثر قدرة على الانتشار بين البشر، ويمكن أن تصل نسبة الوفيات إلى 10% بين المصابين مع أعراض أكثر غموضاً مثل الآفات الجلدية الظاهرة بشكل أساسي على الأعضاء التناسلية، ممّا يصعب عملية الكشف المبكر عن الفيروس.

 

وسُجِّلت حالات إصابة جديدة مرتبطة بتفشي الكونغو في 4 دول شرق أفريقية، وهي بوروندي، كينيا، رواندا، وأوغندا، بينما ظهرت نسخة أقلّ خطورة من الفيروس في ساحل العاج وجنوب أفريقيا.

 

عام 2022، كانت الغالبية العظمى من الحالات بين الرجال المثليِّين وثنائيِّي الجنس، وكان الفيروس ينتقل بشكل رئيسي من خلال الاتصال الجسدي الوثيق، بما في ذلك العلاقات الجنسية. لكنّ في إفريقيا، يبدو أنّ الوضع مختلف إذ أصبح الأطفال تحت سن 15 عاماً الفئة الأكثر تعرّضاً إلى الإصابة، ويمثّلون الآن أكثر من 70% من الحالات و85% من الوفيات في الكونغو.

 

استراتيجيات لمواجهة الفيروس

 

سيطرت الدول الغنية على تفشي "إمبوكس" في عام 2022 بفضل توفّر اللقاحات والعلاجات، بالإضافة إلى حملات التوعية حول تجنّب السلوكيات المحفوفة بالمخاطر. لكن، لم تكن هذه الوسائل متاحة بشكل كافٍ في إفريقيا، حيث الحاجة مُلحّة لتوفير كميات كبيرة من اللقاحات للفئات الأكثر عرضة إلى الخطر، مثل العاملين في مجال الجنس والأطفال والبالغين في المناطق المتأثرة.

 

من جهتها، أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية بدأها محادثات مع الجهات المانحة للحصول على تبرّعات باللقاحات، فتلقت دعماً مالياً بسيطاً من بريطانيا والولايات المتحدة. كما خَصَّصت منظمة الصحة العالمية مبلغ 1,45 مليون دولار من صندوق الطوارئ لدعم جهود التصدّي للفيروس في إفريقيا.

 

على الجانب الاقتصادي، شهدت أسهم شركة Bavarian Nordic الدنماركية، المصنّعة للقاحات، ارتفاعاً بنسبة 17% بعد إعلان منظمة الصحة العالمية الطارئ. وهي واحدة من الشركات القلائل التي تمتلك لقاحاً معتمداً لمكافحة الفيروس، ما يعزّز مكانتها في السوق مع تزايد الطلب.

theme::common.loader_icon