منحت اللجنة الأولمبية الدولية، أمس، استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية 2030 لجبال الألب الفرنسية، لكن شرط أن تُقدّم فرنسا التزاماتٍ مالية.
جاء القرار بعدما أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية أنّه سيطلب من رئيس الوزراء المقبل تقديم «ضمانة» مالية لاستضافة الألعاب. بالتالي، ستكون الدورة الأولمبية الثانية في غضون 6 سنوات التي تستضيفها فرنسا بعد أولمبياد 2024 الذي ينطلق غداً في باريس.
وأعلن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، أنّ فرنسا «ستُنظِّم دورة الألعاب الشتوية الـ26 «بشرط تقديم ضمانات مالية من الدولة والمناطق. سيتعيّن على رئيس الوزراء الفرنسي المقبل أن يقدّم للجنة الأولمبية الدولية ضمانة الدولة قبل الأول من تشرين الأول»، مشيراً إلى أنّه يجب أن يصادق البرلمان على هذه الضمانة «في موعد أقصاه الأول من آذار».
وكانت فرنسا المرشحة الوحيدة لاستضافة النسخة الـ26 من الألعاب الشتوية، لكن التمويل كان موضع تساؤل، إذ لا توجد حكومة حالياً إثر انتخابات مبكرة غير حاسمة. لكنّ ماكرون الذي تدخّل شخصياً للدفاع عن ترشيح فرنسا، أبلغ أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية أنّه سيطلب من رئيس الوزراء تقديم «التزام مالي» وإنشاء قانون أولمبي أيضاً.
وأوضح ماكرون، أنّ فرنسا تريد أن تُظهِر «لبقية العالم أنّ الألعاب الأولمبية الشتوية ليست مجرّد تاريخ، نحن فخورون بأن نكون جزءاً منها، بل إنّها جزء من مستقبلنا».
وكان باخ حذَّر من أنّه لا يمكن أن يكون هناك، كما كان مُخطّطاً في البداية، تصويتاً غير مَشروط «من دون ضمانة مؤكّدة». كما حذَّر نائبه جون كوتس من أنّ «اللجنة الأولمبية الدولية لن توقّع عقد المدينة المضيفة حتى نحصل على الضمانات».
بعد التصويت، عاد ماكرون إلى المنصة وشكر أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية على «الثقة التي أظهرتها أصواتكم اليوم، وأؤكّد لكم بتصميم كبير أنّنا سنكون حاضرين في الموعد». علماً أنّه أشار إلى أنّه لا ينوي تعيين حكومة جديدة قبل انتهاء الألعاب الأولمبية الصيفية.
أولمبياد 2034 في الولايات المتحدة
منحت اللجنة الأولمبية الدولية حقّ تنظيم أولمبياد 2034 الشتوي إلى سولت لايك سيتي الأميركية، بعد احتضان لوس أنجليس ألعاب 2028 الصيفية.
ولم يكن اختيار سولت لايك سيتي التي استضافت نسخة 2002 وتمتلك كل البنى التحتية، مفاجئاً، إذ دخلت الأولمبية الدولية في تشرين الثاني في «حوار هادف» معها، فحصلت على 83 صوتاً مقابل 6 أصوات سلبية و6 امتناعات.
وأكّد رئيس ملف الترشح فريزر بولوك لأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية في باريس: «نحن جاهزون، كل شيء في مكانه».
واختيرت سولت لايك سيتي على وقع الاشتباك الرياضي الحاصل بين العالم الأولمبي والولايات المتحدة، الذي أرخى بظلاله على المناقشات وقرار اختيار المدينة المضيفة، بشأن قضية السبّاحين الصينيِّين الـ23 الذين ثَبُتَ تناولهم للمنشطات في عام 2021 من دون أن يتعرّضوا إلى عقوبات.
من ناحيته، أوضح نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جون كوتس، أنّه في خطوة غير مسبوقة، أدرجت اللجنة الأولمبية الدولية في الاتفاق مع سولت لايك سيتي بند الإلغاء «في حال عدم احترام السلطة العليا للوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بشكل كامل».
وأثار فتح السلطات القضائية الأميركية تحقيقاً جنائياً في إدارة القضية مِن قِبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا)، قلق الهيئة التي مقرّها في لوزان والاتحادات الدولية، خوفاً من أن تُنصِّب الولايات المتحدة نفسها كشرطي لمكافحة المنشطات باسم قانون «رودتشنكوف» الذي يمنحها ولاية قضائية خارج الحدود الإقليمية.
كما أوصت اللجنة الأولمبية الدولية كلاً مِن المنظمين للألعاب الشتوية المقبلة واللجنة الأولمبية الأميركية «المشاركة في المناقشات التي يجب إجراؤها مع السلطات المختلفة في الولايات المتحدة» بهدف الضغط على رئيس مكافحة المنشطات الأميركي ترافيس تيغارت والحكومة «لاحترام كامل لسلطة الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات»، وفقاً لما أضاف كوتس.
في المقابل، أكّد بولوك ورئيس اللجنة الأولمبية الأميركية جين سايكس، الذي من المقرّر أن يُنتخب لعضوية اللجنة الأولمبية الدولية، على دعمهما لدور الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات «باعتبارها السلطة النهائية لمكافحة المنشطات».
عين ألمانيا على 2040
من جهة أخرى، دعمت الحكومة الألمانية تقديم عرض استضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية الصيفية في عام 2040، مشيرةً إلى أنّها اختارت موعداً فيه تجنّباً لمئوية النسخة التي أقيمت في بلادها تحت الحكم النازي عام 1936.
وأوضحت الحكومة في بيان، إنّها وقّعت مذكّرة تفاهم بشأن عرضٍ مشترك مع الاتحاد الألماني للألعاب الأولمبية والمناطق والمدن المهتمة. إذ كانت برلين والعديد من الولايات الألمانية الأخرى ناقشت في وقت سابق تقديم عرض لاستضافة دورة ألعاب 2036، بعد مئة عام من استضافة العاصمة لدورة 1936 التي عُرِفت بالألعاب النازية، إلّا أنّ حكومة المستشار أولاف شولتس «تُفضّل عام 2040 لاستضافة الألعاب في ألمانيا - أي بعد 50 عاماً من إعادة توحيد ألمانيا (في 1990)».
وأضافت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في البيان، أنّ الذكرى السنوية تمثّل فرصة لإظهار «على أيّ قِيَم تقوم ديمقراطيتنا الليبرالية»، مشيرةً إلى أنّ بلادها التي استضافت كأس أوروبا 2024 كانت «مضيفة رائعة».
وأكّدت الحكومة دعمها العرض بمبلغ يقارب 7 ملايين يورو (7,6 مليون دولار) بين عامَي 2024 و2027.
وكانت ألمانيا استضافت الألعاب الأولمبية عام 1972 التي طغت عليها واقعة خطف رهائن من أعضاء البعثة الأولمبية الإسرائيلية على يَد مجموعة «فدائية» فلسطينية، في عملية قُتل فيها 11 إسرائيلياً من أعضاء البعثة وشرطي ألماني.