

دعا النائب علي فياض، خلال مشاركته في مؤتمر «التجدد للوطن» بعنوان «لبنان في ظل النظام الإقليمي الجديد»، إلى «منهجية جديدة في مقاربة الأزمة اللبنانية على قاعدة تَبادل الهواجس والضمانات من أجل إعادة بناء التفاهمات الوطنية».
قسّم النائب فياض مداخلته إلى ثلاثة عناوين كبرى: العنوان الأول خارجي وفحواه انّ "المنطقة أمام صعود جيو استراتيجي لمحور المقاومة، مقابل تراجع لإسرائيل التي أصبحت أكثر ضعفاً بعد حرب غزة، وتراجع لأميركا التي فقدت قدرة إمساكها بملفات المنطقة، فخرجت من افغانستان، وعلى وشك الخروج من العراق بصفر نتائج"، واعتبر انّ "المَيل الطبيعي للأمور ان يُعاد تشكيل توازنات جديدة في الشرق الأوسط لا خرائط"، وانّ "التوتر في المنطقة سيكون محصوراً بالصراع مع إسرائيل".
العنوان الثاني تشخيصي لواقع الحال في لبنان، وفقاً لوجهة نظر فياض طبعاً، وضَمّنه الآتي: "الصيغة اللبنانية هَشة وبإمكانها ان تتحول سريعاً إلى أزمات مفتوحة، كما انّ هذه الصيغة قوية إلى درجة انه لا يستطيع اي مكوّن إحداث تغييرات فيها". وشَخّص هواجس الطوائف كالتالي:
"الهاجس السني هو الحفاظ على اتفاق الطائف وحمايته كَونهم يفترضون انه أعطى رئاسة الحكومة موقعاً مميزاً في البنية الدستورية.
الهاجس الدرزي هو الحفاظ على الدور وتفعيله في ظل حالة اللاإستقرار التي تهيمن على لبنان والمنطقة.
الهاجس المسيحي هو حماية الوجود واستعادة الصلاحيات والدور في ظل إشكالية التضاؤل الديموغرافي.
الهاجس الشيعي هو حماية الوجود في ظل المخاطر الإسرائيلية ولأسباب وطنية ومبدئية".
ورأى انّ "هواجس السنّة والدروز طبيعية، فيما هواجس المسيحيين والشيعة وجودية وتستدعي معالجةً من خارج المنطق الطبيعي للدولة"، واعتبر انه "في العام 1920 أخطأ قسم من اللبنانيين في قراءة النظام الإقليمي الذي كان قيد التشَكُّل، فدفع ثمناً سياسياً باهظاً على رغم أنه جَنى مكاسب أخلاقية ومعنوية، وأخشى في العام 2024 ألّا يقرأ قسم من اللبنانيين التحولات التي تجري على المستوى الإقليمي فيدفع ثمناً، ونحن لا نريد لأيّ قسم من اللبنانيين ان يدفع اي ثمن".
العنوان الثالث الحلّ للأزمة اللبنانية، ودائماً وفق تصور النائب فياض، وقد شدّد على فكرتين أساسيتين:
الفكرة الأولى: "إذا بَدّك تضلّ تقِلّي سلاحك بيرعبني وانا ما بدّي سلاحك، لن نصل الى نتيجة، لأنّ موضوع السلاح عندي هو موضوع وجودي، له علاقة بحاضري ومستقبلي. تعا نِتفاهم انا ويّاك على وظيفة هذا السلاح، لك كل الحق كلبناني ان اتناقش انا ويّاك في تبادل الهواجس والضمانات، ضَع هواجسك على الطاولة لأعطيك ضمانات، وأضع هواجسي على الطاولة لتعطيني ضمانات".
الفكرة الثانية: "تصلح علاقتنا بالحكومة اللبنانية كنموذج للاستلهام، نحن جزء من الحكومة، ولكن للحكومة خصوصيتها ودورها وموقعها التفاوضي وقدرتها على التحرّك، ولقد استفادَت من المقاومة ورسَمت الفاصلة بينهما، ونجحنا في استعادة المنطقة الاقتصادية الخالصة، وفي ترسيم الخط الازرق. ونحن في المقاومة لطالما نظرنا الى خطورة أن نسعى للمطابقة بين المقاومة والدولة، ولم نَسع الى أخذ الدولة او البلد الى تَموضع جيو استراتيجي على المستوى الاقليمي حيث نحن. وعلى هذا الأساس اعتقد ان الدور التكاملي لا الاحتوائي ولا التصارعي يَصلُح لنموذج تحتاجه الساحة الفلسطينية لمعالجة هذه الفجوة بين المقاومة والسلطة، ونحتاجه على المستوى الاقليمي لمعالجة العلاقات العربية - العربية".
وقد ارتأيتُ نقل القسم الأكبر والأساسي من مقاربة النائب فياض لسببين: الأول، كَون فياض من العاملين في مجال الفكر في "حزب الله" لا الشعبوية ويعكس بدقة رؤية الحزب وأهدافه. والثاني، على طريقة "إعرف خصمك" لتعرف كيف يجب مواجهته. وجوهر ما يقوله فيّاض في العناوين الثلاثة يكمن في التالي: محور المقاومة في حالة صعود على مستوى المنطقة، وعلى المسيحيين الذين تحوّلوا إلى رأس حربة في مواجهة محور المقاومة بعد الانكفاء النسبي للسنة والدروز أن يقرأوا جيداً هذا المُعطى، وانّ سلاح "حزب الله" غير قابل للنقاش، وما هو قابل للنقاش فقط وظيفة السلاح، ومُلمِّحاً الى أنه على استعداد لمناقشة هواجس المسيحيين ومَنحهم الضمانات التي تُريحهم وقاصداً، من دون ان يقول، اللامركزية، أي نُوافِق على اللامركزية ومناقشة وظيفة السلاح لكن شرط ان يتم وضع نزع هذا السلاح جانباً.
ومن خلال تحييده السنة والدروز كأنه يقول ضِمناً إنّ اي تسوية اليوم بحاجة لتفاهم مسيحي-شيعي بشكلٍ أساسي على غرار التفاهم المسيحي-السني في العام 1943، والتفاهم المسيحي-الدرزي في العام 1860، وانّ هذه التسوية يفترض أن تأخذ في الاعتبار ثلاثة عناصر أساسية:
العنصر الأول: انّ مَطلب نزع سلاح "حزب الله" غير واقعي ولن يتحقّق ولن يتخلّى الحزب عن سلاحه، وانه على المسيحيين ان يختاروا بين مواجهة من دون أفق، وبين تسوية تضمن لهم عدم استخدام هذا السلاح ضدهم.
العنصر الثاني: انّ مطلب المسيحيين باللامركزية لضمان ديموغرافيتهم مفهوم ومبرّر ولكن ترجمته لن تكون مجانية، فمقابل الموافقة على اللامركزية على المسيحيين الموافقة على بقاء السلاح.
العنصر الثالث: تطمين المسيحيين بأنّ الحزب لا يريد ان يكون الدولة، ولكن المطلوب من هذه الدولة ان تكون في حالة تكاملية معه لا صراعية، وهو يقول بهذا المعنى في حال أردتم أن تستمر الحالة الصراعية فستبقى الدولة مشلولة، ولن يسمح الحزب بأن تكون الدولة أداة ضده.
وبين سطور ما يقوله النائب فياض انّ أمام المسيحيين فرصة اليوم للموافقة على التسوية التي يعرضها، وإذا أخطأوا التقدير بانتظار تحولات الخارج فإنّ محور المقاومة الذي سينتصر لن يكون مضطراً إلى معالجة معادلة "الهواجس والضمانات"، إنما سيحكم على غرار النظام السوري بين عامي 1990 و 2005.
فالنائب فيّاض يقول عملياً انّ نزع سلاحه خارج النقاش، وانّ الدولة يجب ان تكون في حالة تكاملية مع المقاومة، وانّ هذه الدولة لن تتمكّن من مواجهة التحديات في حال لم تستند إلى قوة المقاومة، وانّ الأخيرة في حالة صعود جيو استراتيجي، ولكن بمعزل عن الخلاف في القراءة الإقليمية لجهة انّ حرب "طوفان الأقصى" أضعفَت محور المقاومة الذي دخل في مرحلة العدّ العكسي لدوره، وانه في حالة تراجع لا صعود، وانّ هذا التراجع سيتواصل حتى الانتفاء كَون إسرائيل المدعومة أميركيّاً لن تقبل باستمرار الدور الإيراني المهدِّد لوجودها، وبمعزل أيضاً عن الخلاف في توصيف وظيفة السلاح. فهل يوظّف لمصلحة لبنان أم المحور؟ ومن يتخِّذ القرار باستخدامه؟ علماً انّ التجربة دَلّت على انه سلاح للمحور لا للبنان. وبالتالي، وبمعزل عن كل ذلك فإنّ السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بقوة: هل يمكن بناء دولة فعلية تُرسي الاستقرار وتوفِّر الازدهار في ظل عرض النائب فياض؟
والإجابة بالتأكيد هي كلا. والأمثلة أقوى دليل على ذلك، فالحالة التكاملية بين الدولة الإيرانية والحرس الثوري لم تحوِّل إيران إلى نموذج يُحتذى، والحالة التكاملية بين الدولة العراقية والحشد الشعبي المُقَونَن في الدستور لم يحوِّل العراق إلى نموذج يُحتذى، والحالة التكاملية القائمة أساساً في لبنان منذ العام 2011 بين الدولة و"حزب الله" لم تحوِّل لبنان إلى نموذج يُحتذى، وجُلّ ما يعرضه فيّاض هو تحييد المسيحيين وإخراجهم من المواجهة مع الحزب على غرار الكتلة الأكبر من السنّة والدروز، ومُتكئاً على التفاهم السعودي-الإيراني، والذي سيتوسّع على حدّ قوله، لإبقاء السنّة خارج الصراع، ما يعني انّ المسيحيين لن يجدوا حليفاً إقليمياً ولا داخلياً وازِناً لكي يكون إلى جانبهم في المواجهة مع محور المقاومة.
وأهمية المقاربة التي قدّمها النائب فياض تكمن في بُعيدن: الأول انه أعاد التأكيد لمن لا يريد ان يسمع بأنّ سلاح "حزب الله" غير قابل للبحث والنقاش، وانّ رهان من لا يريد ان يسمع هو على لا شيء او على وقت مفتوح او على تحولات انقلابية في المشهد الخارجي، ولا مؤشرات قريبة لذلك. ما يعني انّ المطالبة بتطبيق الدستور والقرارات الدولية لن تجد طريقها إلى التنفيذ، ويعني انّ المزيد من التمسُّك بالصيغة القائمة يخدم "حزب الله" كَونه يمارس دوره من دون ضوابط ولا كوابح. والبُعد الثاني انه بادرَ إلى فتح باب النقاش في جوهر الأزمة اللبنانية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يجب ملاقاته في منتصف الطريق؟ وهل حان الوقت لفتح هذا النقاش؟ وما المقاربة المضادة المُفترَض تقديمها كون العرض المقدّم من قبله لا يبدِّد الهواجس ولا يعطي الضمانات؟ وهل يتراجع عن مبادرته بفتح النقاش بحجّة انّ ما أعلنه يعبِّر عن شخصه لا حزبه، وتحديداً عندما يجد انّ الفريق المقابل لا يكترث، وفقاً لتجربته التاريخية الطويلة، بمعادلة "take it or leave it"؟
يُتبع...










لذلك فإنّ توقعات روبيو الشديدة السواد حول المستقبل القريب لسوريا قد تكون بدّدت المشهد الواعد الذي خرج من السعودية قبل أيام معدودة. يومها ضجّت التسريبات حول التزام الشرع بالتطبيع مع إسرائيل، وبأنّ اجتماعات سرّية عُقدت في أذربيجان بين وفدين سوري وإسرائيلي في حضور وفد تركي في إطار ترتيب المشهد المقبل. أما المصادر الديبلوماسية الأميركية، فلم تتردّد في الكشف عن طلب ترامب ضرورة قيام سلطات دمشق ببسط سيطرتها الكاملة على سوريا، عبر إنهاء أي وجود لأي تنظيم مسلح خارج إطار الدولة السورية، واقتلاع المجموعات الإرهابية التي تتغلغل في سوريا، مستفيدة من الظرف الإنتقالي، مثل 'داعش'. ووفق هذه التسريبات، فإنّ الشرع أكّد قدرة أجهزته على تحقيق هذين الهدفين. لكن كلام روبيو يوحي بالعكس. فهو اعتبر أنّ في ظل التحدّيات التي تواجهها سوريا، قد نكون على بعد أسابيع من حرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمّرة تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد.
وجاء كلام وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ليزيد من منسوب الخطر القائم. فهو اعتبر أنّ بلاده تشعر بقلق عميق إزاء وجود نيات لتطهير عرقي حقيقي وعمليات قتل جماعي للناس، تقوم به الجماعات المتشدّدة وعلى أساس جنسيتهم وانتمائهم الديني.
وعلى أرض الواقع، فإنّ التطورات الأمنية تبعث على القلق وسط غموض للمسار المستقبلي للأوضاع. فشكوى لافروف ترافقت مع هجوم نادر تعرّضت له قاعدة حميميم الجوية العسكرية وبقيت تفاصيلها غير واضحة بسبب تكتم السلطات الروسية حولها. لكن الوسائل الإعلامية تحدثت عن سقوط قتلى في صفوف الجيش الروسي إثر محاولة تنظيم إرهابي لاقتحام القاعدة العسكرية الروسية.
وبالتأكيد فإنّ القلق من انفلات الأوضاع داخل سوريا ليس محصوراً بهذه الحادثة فقط. فعدا الجوانب الدموية التي رافقت أحداث الساحل السوري أولاً ومن ثم الأحداث مع الدروز، بدا أنّ هنالك نمواً مضطرداً لتنظيمات تتبنّى السلوك العنفي المتشدّد وسط تسجيل تهريب أسلحة إلى الداخل السوري. وهو واقع يشبه ولو من بعيد الواقع العراقي بعد إسقاط صدام حسين وبسط واشنطن نفوذها عليه. فالمصادر الرسمية السورية كانت قد تحدثت عن مصادرة شحنات أسلحة تتضمن مضادات للدروع وأخرى مزودة مناظير ليلية بالقرب من مدينة البوكمال شرق سوريا، وتحديداً بالقرب من الحدود مع العراق. وهنا يأتي السؤال الأهم عن الجهة التي تقوم بإمرار الأسلحة إلى داخل سوريا والقادرة على امتلاك هذا النوع من الأسلحة.
وخلال الأشهر الماضية شهدت سوريا 'ولادة' عدد من التنظيمات الدينية المتشدّدة، والتي تتوخّى الأساليب العنفية لتحقيق أفكارها. وأبرز ما سُجّل ولادة تنظيم حمل اسم 'سرايا أنصار السنّة'، والذي تبنّى عشرات العمليات التي هدفت إلى القتل والتصفية الجسدية. وفي أحد بياناته أعلن التنظيم في وضوح، أنّ هدفه 'النصيرية' و'الروافض' أينما وجدوا على الأراضي السورية، وأنّ التنظيم لن يترك لهم فرصة ليعيدوا بناء مجدهم. طبعاً فالبيان يتحدث هنا عن العلويين. وتابع البيان بأنّ الهجمات ستكون وفق أسلوب 'الذئاب المنفردة'، وأنّه ليس لدى التنظيم أي مكان ثابت يتمركز فيه، ولا مقرات ومكاتب، 'فنحن قوة لامركزية'.
والسؤال الذي لا بدّ منه هو حول طريقة تأمين هذا التنظيم الشبحي وغيره من التنظيمات التمويل المطلوب له، خصوصاً في ظلّ واقع إقتصادي ومعيشي مزرٍ في سوريا، وهو ما تعاني منه وبمقدار كبير القوات العسكرية التابعة لحكومة الشرع. ما يعني أنّ هذا التمويل يأتي من خارج الحدود، وأنّ الهدف هو دفع سوريا إلى الفوضى العارمة. ومنذ أيام معدودة انفجرت سيارة مفخخة وسط مدينة الميادين في شرق سوريا مستهدفة مركز شرطة المدينة. ويأتي ذلك بعد الحملة التي قام بها جهاز الأمن العام على خلايا تابعة لتنظيم 'داعش' عند ضواحي حلب. وبالتالي فإنّ من المنطقي الربط بين العمليتين.
واستطراداً، فإنّ النمو السريع للخلايا العنفية مع تأمين مصادر تسليحها وتمويلها من خارج الحدود، يدفعان إلى التساؤل عمّا إذا كان هنالك من مشروع كبير يهدف لأخذ سوريا إلى فوضى يمكن استثمارها في إطار كسر القواعد الجديدة التي رست عليها سوريا، وإلى دفع الوضع في اتجاه إجراء فرز داخلي كامل على نار حامية. وهنا يصبح الملف المتعلق بالتطبيع مع إسرائيل وقوداً لحمّام الدم الآتي أكثر منه نافذة خلاص إقتصادية.
وبالتالي فإنّ الدعوات القائلة بوجوب الإندفاع وذهاب لبنان إلى البدء بإجراءات التطبيع مع إسرائيل تطرح كثيراً من علامات الإستفهام. فهو إما لا يفقه بما فيه الكفاية التركيبة اللبنانية ودقة ما تختزنه من تناقضات وتعقيدات، أو أنّه يدفع بالوضع اللبناني إلى أتون الفوضى مجدداً. ومن دعا إلى التمثل بالخطوة التي قام بها الشرع من 'الزاوية'، فهو لن يتأخّر في العودة عن دعوته مع انكشاف المخاطر الأمنية التي باتت تحوط بسوريا.
في الأمس فتحت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية للبنان ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات، وهي بداية ممتازة ولو أنّها ليست المرّة الأولى. ذلك أنّ قراراً مشابهاً كان أعلنه عباس لدى زيارته لبنان في تموز 2013، ولكنه بقي حبراً على ورق. صحيح أنّ الظروف اللبنانية الداخلية اختلفت وكذلك المعادلة الإقليمية العريضة إضافة إلى الواقع الفلسطيني بعد الحرب المدمّرة في غزة، إلّا أنّ التسويات الكبرى لا تزال غائبة. فالتسوية الفلسطينية في غزة تراوح مكانها وسط استمرار تدفق شلال الدم. وكذلك التسوية الأميركية ـ الإيرانية لا تزال تخضع لمناورات الطرفين. وفي وقت بدت طهران 'غير ممنونة' للموقع الذي احتلته السعودية بعد زيارة ترامب لها، رفع المرشد خامنئي من سقف 'تشاؤمه' حيال احتمالات التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب. وتلت هذا الكلام تسريبات أميركية عبر وسائل الإعلام، بأنّ إسرائيل تجهّز نفسها لضرب منشآت نووية إيرانية، وهي تعمل على ذلك بنحو منفرد.
لكن الواضح أنّ ما يحصل يدخل في إطار المناورات التفاوضية لا التحذيرات أو التهديدات الجدّية. فلا الظروف الخارجية توحي بأنّ الأجواء مهيأة للذهاب إلى المواجهات العسكرية، ولا الأوضاع الداخلية لكلا البلدين تملك 'رفاهية' الإنزلاق في اتجاه الحروب. ما يعني أنّ التفاهم هو الخيار المحتوم. لكن السؤال هو متى وكيف ستكون هذه التفاهمات؟
وبالتالي، فإنّ الأجواء التمهيدية لزيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، والتي تتحدث عن مطالب يتعلق بعضها بالتطبيع مع إسرائيل وسط سقوف عالية قد لا تبدو واقعية، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المستجدات في سوريا وكلام روبيو.
لكن اللافت ما ردّده أحد الخبراء في السياسة الأميركية. فرداً على سؤال عمّا إذا كانت واشنطن تعتقد فعلاً أنّ لبنان قادر على السير في التطبيع مع إسرائيل، كان جوابه بأنّه لا يعتقد ذلك. قد يكون لواشنطن مطلب آخر يختبئ خلف مطلب التطبيع، وقد يتمّ الكشف عنه في التوقيت المناسب. أما الآن فالتركيز الحقيقي هو حول إعادة بناء ركائز الدولة اللبنانية، ولكن على أسس صحيحة وسليمة هذه المرّة.


حتى كتابة هذه السطور لم يتبلّغ أي مرجع رئاسي او حكومي أو ديبلوماسي أي موعد لزيارة اورتاغوس لبيروت، وكل ما في الأمر انّ على جدول أعمالها زيارة للبنان كانت مبرمجة على وقع النتائج المترتبة من زيارة ترامب للخليج العربي. وقيل بنحو غير رسمي إنّها ستجول في عواصم عدة بعد مغادرتها قطر، حيث شاركت في «منتدى قطر الإقتصادي» في الدوحة، من دون أن تدخل المراجع الديبلوماسية الأميركية في أي تفاصيل أخرى.
ولمّا أصرّ محدث المسؤول الأميركي على معرفة الموعد التقريبي قال إنّ نهاية الأسبوع الجاري قد تحمل خبراً مفيداً عن الموعد المحتمل للزيارة وترتيب مواعيدها، بحيث أنّها لن تقتصر هذه المرّة على لقاءاتها مع المسؤولين الكبار كما جرت العادة، إنما في نيتها مرافقة الجنرال الأميركي الجديد مايكل جي ليني الذي عُيّن خلفاً للجنرال جاسبر جيفرز، إلى اجتماع يُعقد في مقرّ قيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في الناقورة بعد طول غياب.
على هذه الخلفيات، قالت المصادر العليمة بكثير مما ما زال مخفياً على اللبنانيين، إنّ الاجتماع المنتظر ليس نهائياً ما لم تتوافر ظروف انعقاده، وهو رهن أن تجري الأمور التي تسهّل انعقاده كما تمّ التخطيط له، وخصوصاً ما هو مطلوب لجهة الإسراع في التخلّي عن السلاح غير الشرعي. وهو سيكون الاجتماع الأول للرئيس الجديد للجنة مع ممثلي الأطراف الأربعة الآخرين فرنسا، لبنان، إسرائيل و»اليونيفيل» والذي سيشكّل إشارة واضحة إلى انطلاق عملها مجدداً بعد فترة من الجمود امتدت منذ آخر اجتماع لها في 8 آذار الماضي، والذي عُدّ فاشلاً بكل المقاييس نتيجة تعثر البرنامج الذي أُقرّ لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من بعض التلال المحتلة في الجنوب، والتي ما زالت تحتفظ بها. وكان ذلك قبل أن تتوالى العراقيل التي لم تتمكن اللجنة من تجاوزها، وزاد من تعقيداتها ما تركه الجنرال جيفرز من تداعيات نتيجة تصرفاته التي لم يجد لها البعض أي تفسير، وخصوصاً عندما تردّد في اتخاذ المواقف الصارمة التي طُلبت منه، متجاهلاً الإعتراض الفرنسي المتشدّد على التعنت الإسرائيلي ومعه ممثلي «اليونيفيل» ولبنان على حدّ سواء، الذي تجاوز بمواقفه المتشدّدة ما رافقها من عنجهية مرفوضة لدى أعضاء اللجنة.
وعند دخولها في التفاصيل تكشف المصادر عينها، أنّ اللجنة ومنذ تشكيلها بعد تفاهم 27 تشرين الاول العام الماضي، لم تنجز بعد الحدّ الأدنى مما هو مطلوب منها من خطوات عملية كانت ستؤدي إلى انفراج ملحوظ في الداخل اللبناني وسقوط المهل التي حُدّدت للانسحاب الإسرائيلي من القرى المحتلة. وهي عملية كان يمكن ان تكون لها انعكاساتها الإيجابية على مستوى تزخيم الإتصالات مع مسؤولي «حزب الله» خصوصاً و»الثنائي الشيعي» عموماً، من موضوع التخلّي عن الأسلحة المنتشرة خارج الجنوب ووقف الإعتراضات المتكرّرة على دوريات «اليونيفيل» في الجنوب والتي من المفترض أن تقوم بمهماتها لضبط الوضع الأمني على قاعدة انّ الجنوب، ولا سيما منه منطقة جنوب الليطاني، باتت خالية من مخازن أسلحة الحزب ومواقعه، وصارت في عهدة الجيش و»اليونيفيل». وهو أمر نزل برداً على قيادة «اليونيفيل» ومسؤولين آخرين نتيجة تجدّد مضايقات «حزب الأهالي» التي تقود إلى التشكيك بأنّ الجنوب ما زال يحتوي أسلحة تطاردها الطائرات الإسرائيلية او تتحجج بها تحت شعار ضرب «منشآت حزبية»، بعدما قيل إنّه تمّ تفكيك اكثر من 500 موقع عسكري للحزب كان وجودها يبرر رفض «جيش النساء» دخول دوريات «اليونيفيل» إلى قلب القرى الجنوبية، عدا عن العمليات العسكرية التي نفّذتها قوات الاحتلال عند قولها انّها تنسف الأنفاق التي كانت محفورة تحت المنازل في أعماق القرى الجنوبية التي دُمّرت.
ولا تقف المخاوف من زيارة اورتاغوس عند هذه الملاحظات التي يمكن تجاوزها، إن وجد قرار سياسي يتخذه الحزب بلا أي تردّد في ما يتعلق بمصير سلاحه تجاوباً مع دعوة رئيس الجمهورية إلى برنامج واضح لإقفال هذا الملف نهائياً. وهي خطوة تمّ ربطها بما قالته اورتاغوس قبل أيام أمام «منتدى قطر الاقتصادي»، عندما قالت في وضوح «إنّ المسؤولين في لبنان أنجزوا في الأشهر الستة الماضية أكثر مما فعلوا على الأرجح طوال السنوات الخمس عشرة الماضية، ولكن لا يزال أمامهم الكثير». وهو أمر يُنبئ بأنّها ستكون في زيارتها المقبلة اكثر تشدّداً في هذا المطلب بما لا يتوقعه المسؤولون قبيل وصولها إلى بيروت. وقد بدا ذلك واضحاً عندما قالت بما لا يتناسب وتريث المسؤولين اللبنانيين في شأن السلاح ما حرفيته: «إنّ الولايات المتحدة دعت إلى نزع السلاح الكامل لحزب الله، وإنّ هذا لا يعني جنوب الليطاني فقط، بل في أنحاء البلاد كافة». وما زاد في الطين بلّة انّها وجّهت الدعوة إلى «القيادة اللبنانية إلى اتخاذ قرار في هذا الشأن».
عند هذه المعطيات، تتفهّم المراجع الديبلوماسية القلق اللبناني من زيارة اورتاغوس المقبلة، لأنّها ستكون أكثر صلابة، وقد تعود إلى خطابها الأول عندما نطقت بعبارات خارجة عن الأصول الديبلوماسية في التعبير عن موقفها الذي يمكن أن يحيي النقاش حول شياطين التفاصيل، وهو أمر بات أكثر رجحاناً بعد زيارة ترامب الخليجية ومسلسل الزلازل التي تسببت بها، ولا سيما منها قراراته الأخيرة التي يمكن للإدارة الأميركية ان تستثمر فيها كثيراً مما تريده على غير مستوى. فقرارها في شأن رفع العقوبات عن سوريا ومحاسبة أذرع إيران خارج حدودها الجغرافية، هو منطق لا يزال ينطبق على الوضع في لبنان وفق النظرة الأميركية للأمور بتفاصيلها، ومعها دول الخليج العربي والأوروبيون الذين انخرطوا في برامج رفع العقوبات عن سوريا بعد الولايات المتحدة، وهي التي ربطت كل أشكال المساعدات والقروض بمصير هذا السلاح، بطريقة أكثر فظاظة على حدّ ما نُقل عن مسؤولين أميركيين يواكبون خطواتها في لبنان والمنطقة.

تترقّب الأوساط السياسية ما سيتلقفه لبنان من نتائج، بعد اللقاءات الأميركية - السعودية - السورية، بمشاركة تركية في الرياض. وتبدي خشيتها من تداعيات سلبية على الوضع اللبناني إذا لم تحسم الحكومة اللبنانية خياراتها في ما يتعلق بالملفات التي تطرحها إدارة دونالد ترامب، بدءاً برؤيتها لتطبيق قرار وقف النار، وصولاً إلى خيارات التسوية والحلول السلمية مع إسرائيل.
وتتوقف مصادر سياسية عبر «الجمهورية»، عند مؤشر ظهر قبل يومين وربما يكون ذا مغزى سياسياً خاصاً، وهو فرض واشنطن عقوبات جديدة على «حزب الله» وبيئته. فتوقيت هذه العقوبات، في نظر المصادر، مدروس لتوجيه رسالة إلى «الحزب»، ومن خلاله إلى الحكومة اللبنانية، مفادها أنّ مسار الانفراج الذي يبديه عدد من الأطراف الإقليميين استعدادهم للانخراط فيه، لا تسري مفاعيله على لبنان بالضرورة، وعلى العكس قد يؤدي إلى رفع مستوى الضغط على الحكومة اللبنانية و«الحزب» اللذين عليهما أن يتلقفا الرسالة الأميركية على محمل الجدّ.
المعادلة الزمنية
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، إنّ الموقف الإقليمي والدولي في التعاطي مع لبنان يركّز على المقايضة بين حصرية السلاح وإعادة الإعمار، وذلك وفق معادلة زمنية. ويرى أصحاب هذا الموقف انّه يجب أن يتمّ الضغط على «حزب الله» لكي يبادر إلى القبول بهذه الحصرية، لأنّه إذا ماطل ربما يكون يراهن على الوقت لحصول متغيّرات في الظروف الداخلية والإقليمية والدولية، تمكّنه من التملّص من أي التزام في هذا الصدد.
وأضافت هذه المصادر، انّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يتعاطى مع هذا الملف بهدوء بما لا يؤدي إلى حصول أي صدام حوله. لكن قسماً من السلطة وقوى سياسية يقاربون هذا الملف بطريقة مختلفة، ويعتبرون أنّ الظروف في المنطقة تغيّرت، وأنّه يجب الاستفادة من الدعم الأميركي لإقفال هذا الملف ووضع حدّ للتفلّت الإسرائيلي.
ولكن المصادر نفسها أكّدت أنّ «حزب الله» أبدى مرونة وانفتاحاً لمعالجة هذا الامر، كذلك أكّد الانفتاح على العرب وتشجيع حضورهم إلى لبنان، بدليل ما أعلنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة، مؤكّداً «الحرص على مصالح العرب في مقابل حرصهم على مصالحنا». وأشارت إلى انّ «حزب الله» هو في موقع المعتدى عليه وهناك قسم من الارض ما زال محتلاً ويعمل الإسرائيلي على تحويله منطقة عازلة، ما يدلّ إلى انّه سيستمر في احتلاله خلافاً لوقف النار وللقرار الدولي 1701.
لا يجب التسرّع
وأكّد الرئيس عون العائد من الفاتيكان بعد مشاركته في الاحتفال بانطلاق البابا لاوون الجديد في عمله الحبري، أنّه «لا يمكن حصر موضوع السلاح ضمن مدة زمنية، ولا يجب العمل بتسرّع»، مشدّدًا على «أنّ الحوار يحلّ كل المشكلات وليس فقط موضوع السلاح».
وعن زيارة أورتاغوس للبنان، قال عون: «نتواصل مع أميركا دائمًا من أجل الضغط على إسرائيل»، مشيرًا إلى «أننا نتوقع زيارة من أورتاغوس إلى لبنان». وقال إنّ «رفع العقوبات عن سوريا خطوة جبّارة ومقدّرة ولها تبعات إيجابية على سوريا ولبنان»، أضاف: «أزيلت الأسباب التي فرضت على السوريين النزوح إلى لبنان، ونحن نعمل مع الدولة السورية وبالتعاون مع المنظمات الدولية من أجل عودة النازحين إلى سوريا، ويجب العمل على إعادتهم». وأكّد أنّ «الحدود اللبنانية ـ السورية تحت سيطرة الجيش اللبناني بالكامل».
وقال عون في مقابلة مع قناة «ON TV» المصرية عشية زيارته إلى القاهرة، إنّ «مصر تلعب دورًا قياديًا في المنطقة، وهي تتفهم ظروف لبنان». وأشار إلى أنّ «مصر شريك أساسي في المحافظة على الاستقرار»، مضيفًا: «سنبحث مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة، وسنبحث في ملف إعادة الإعمار وملف الطاقة ودعم الجيش وزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
إلى ذلك، شدّد عون على «أننا عدنا إلى العالم العربي»، موضحًا أنّ الدول تريد الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار الأمني لعودة الاستثمارات. وكشف «أننا نتوقع رفع حظر السفر عن السعوديين قريبًا».
وعن العلاقة مع إيران، أوضح أنّه «لدينا علاقة ديبلوماسية جيدة مع إيران. وإذا وصلت المفاوضات الأميركية- الإيرانية إلى نتيجة فإنّ ذلك سيؤثر على المنطقة ولبنان»، وقال: «طلبنا من الإيرانيين أن يكون تواصلهم مع الدولة. ولا نقبل بتدخّل أي دولة بالشؤون الداخلية».
وأكّد عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى استمرار الاتصالات الديبلوماسية من أجل الضغط على إسرائيل. مشددًا على أنّ احتلال إسرائيل للنقاط الخمس يمنع انتشار الجيش اللبناني على الحدود. وقال إنّ «مسألة التطبيع مع إسرائيل غير موجودة، ونسعى إلى اتفاقية هدنة»، لافتًا إلى «أننا طالبنا بمفاوضات غير مباشرة برعاية أميركية في شأن الحدود البرية كما حصل في الحدود البحرية»، موضحًا أنّ التركيز على السلاح يتركّز على جنوب الليطاني. وأضاف: «حزب الله يمثل شريحة لبنانية، وهناك رسائل تُنقل بيننا في إطار موضوع السلاح»، مشيرًا إلى أنّ وضع «حزب الله» الأمني لا يسمح بعقد لقاءات، مضيفًا: «من حق حزب الله المشاركة السياسية لكن السلاح بيد الدولة». وأشار إلى أنّه سيتمّ البحث في موضوع سلاح المخيمات الفلسطينية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقد عاد عون واللبنانية الاولى السيدة نعمت عون من روما مساء أمس، بعدما حضرا القداس الحبري الاول للحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر، كما قدّما إليه التهاني بانتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ومن المقرّر أن يغادر عون اليوم إلى القاهرة في زيارة رسمية تلبية لدعوة نظيره المصري.
الانتخابات البلدية
على صعيد الانتخابات البلدية، أُقفلت صناديق الاقتراع في محافظات بيروت، البقاع، وبعلبك - الهرمل، بعد يوم انتخابيّ طويل لاختيار المجالس البلدية والاختيارية، اتّسم بأجواء تنافسية تفاوت خلالها الإقبال بين المناطق، وسُجّلت فيه بعض الإشكالات الإدارية المحدودة، فيما غابت الحوادث الأمنية الجدّية. وبلغ عدد الشكاوى الواردة إلى وزارة الداخلية 387 معظمها شكاوى إدارية تمّت معالجتها.
ووفق النسب الأولية، بلغ عدد المقترعين في محافظات بيروت، البقاع وبعلبك - الهرمل، في الإنتخابات البلدية والاختيارية، بحسب أرقام وزارة الداخلية والبلديات: بيروت: 21.03%، زحلة: 46.25%، البقاع الغربي: 42.95%، راشيا: 37.06%، الهرمل 35.70%، بعلبك: 48.81%.
وفيما بدأت نتائج الانتخابات بالظهور ابتداءً من ليل أمس، يُنتظر ان تصدر نتائج بلدية بيروت ومختاريها اليوم، في وقت ستصدر نتائج بلديات المدن الكبرى والبلدات البقاعية ايضاً وتباعاً. وقد دلّت النتائج الاولية في بيروت التي جاءت نتائج الاقتراع فيها متدنية، إلى تقدّم للائحة «بيروت بتجمعنا» التي ترفع شعار المناصفة في المجلس البلدي الجديد على بقية اللوائح، وهي لائحة يدعمها النائب فؤاد مخزومي وثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». فيما فازت لائحة «قلب زحلة» التي تدعمها «القوات اللبنانية» على اللائحة المنافسة «رؤيا وقرار» التي يدعمها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.
سلام واثق
وأكّد رئيس الحكومة نواف سلام أنّ «الانتخابات البلدية والاختيارية هي عملية إنماء لبيروت». وقال، بعد الإدلاء بصوته في بئر حسن ومن ثم جولته على عدد من مراكز الاقتراع حاضاً على كثافة الاقتراع: «أنا واثق أنّ أهلي في المدينة سيضمنون تمثيل الجميع في المجلس البلدي»، لافتاً إلى أنّ «بيروت بحاجة إلى الإنماء، وحيادية الحكومة في الانتخابات تأمّنت وخياري كمواطن هو لإنماء المدينة».
وأضاف: «أحضّ الجميع على الإقبال على الاقتراع»، مشدّداً على أنّه «يجب أن نتعلّم من الأخطاء التي ارتُكبت في طرابلس والشمال»، معتبراً أنّ «تأخّر عملية الفرز في بيروت أمر وارد لكن ليس كثيرًا».
وقال عن نسبة الاقتراع المنخفضة: «هذا واقع، ولكن لا نزال في فترة قبل الظهر، نأمل أن ترتفع نسبة الاقبال، فهذه الفرصة الوحيدة لأهالي بيروت كي يعبّروا عن خياراتهم الإنمائية. وأناشدهم مرّة ثانية الإقبال على التصويت بكثافة، فبيروت في حاجة إلى إنماء كبير في كل ما يتعلق بشؤونها الحياتية، من زحمة السير إلى الحفر إلى النفايات وغيرها من القضايا التي تدخل في نطاق العمل البلدي».
وعن المحافظة على التنوع في بيروت أشار سلام إلى أنّ «تاريخ المدينة يشير إلى محافظتها على التنوع وما يهمّه هو أن يتمثل الجميع في المجلس البلدي كما يجب»، معتبراً أنّ «بيروت كانت تاريخياً حاضنة للجميع وستبقى كذلك، وأنا على ثقة بأنّ الجميع سيتمثل في المجلس البلدي».
وعن الفيديوهات الاستفزازية التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تدعو إلى عدم السير بالمناصفة، اجاب سلام: «هذه فيديوهات استفزازية وهدفها مغرض».
سئل: هل التحدّي تأمين المناصفة او إنماء حقيقي وفاعل لبيروت؟
فأجاب: «لماذا يجب ان يتناقض هذان الهدفان؟ لا تناقض بينهما ابداً».
وزير الداخلية
وفي ختام المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية التي جرت امس في البقاع وبعلبك الهرمل وبيروت، اكّد وزير الداخلية أحمد الحجار «اننا لم ننهِ بعد توزيع مراكز الاقتراع في الجنوب»، مشدّداً على «انّ تأكيد السيادة يكون بإنجاز العملية الانتخابية في الجنوب كله». واضاف: «سنواكب العملية الانتخابية في الجنوب قبل وأثناء وبعد ولن نترك أهلنا». وقال: « اليوم الانتخابي كان جيداً، وهناك مركز اقتراع واحد لا تزال العملية الانتخابية مستمرة فيه». ولفت إلى انّ عمليات فرز الأصوات في بيروت تتمّ على أحسن ما يرام، وهناك رضى تام من المندوبين. كما انّ الاشكالات تمّت معالجتها وتمّ ضبط عمليات رشاوى وتوقيف عدد من الاشخاص.
بيروت والمناصفة
وأكّدت أوساط سياسية بيروتية لـ«الجمهورية»، انّ المحك الأساسي بالنسبة إلى انتخابات بيروت هو إيصال مجلس بلدي على أساس المناصفة التي شكّلت هاجساً ضاغطاً رافق العملية الانتخابية حتى إقفال صناديق الاقتراع.
وأشارت الأوساط إلى «انّ تحقيق المناصفة اذا حصل سيشكّل انتصاراً وطنياً وسيغطي على نسبة الاقتراع المنخفضة، علماً انّ هذه النسبة قريبة من تلك التي سُجّلت عام 2016 حين كان تيار «المستقبل» لا يزال حاضراً في المعادلتين السياسية والانتخابية».
ونبّهت الاوساط إلى «انّ أي إخفاق في ضمان المناصفة سيؤدي إلى تسعير الجمر الطائفي وسيعزز الهواجس المشروعة وغير المشروعة وسيؤجج الخطاب المتطرّف وسيعطي الداعين إلى تقسيم العاصمة بلدياً ذريعة للتمسك بطرحهم ولمحاولة تشريعه من خلال الدفع نحو تعديل قانون الانتخابات البلدية». واعتبرت «انّ نتائج معركة العاصمة وسياقاتها ستخضع إلى التشريح لدى القوى السياسية، للبناء على المؤشرات والاستنتاجات المستقاة، في إطار الاستعداد للاستحقاق النيابي في ايار 2026».
