مانشستر سيتي يقاضي الـ«بريميرليغ»... ويدعو إلى الفوضى المالية
مانشستر سيتي يقاضي الـ«بريميرليغ»... ويدعو إلى الفوضى المالية
شربل البيسري
Saturday, 08-Jun-2024 07:19

كلّما اقترب موعد الحُكم النهائي للمحكمة البريطانية المستقلة المكلّفة النظر في ملفّ المخالفات الـ115 التي يُتّهم نادي مانشستر سيتي الإنكليزي بارتكابها، مخالفةً لأنظة وقوانين رابطة أندية الدوري الإنكليزي الممتاز (Premier League)، ينتفض النادي الأزرق في محاولة الدفاع عن نفسه عبر الهجوم على الآخرين.

ربّما قول الفرنسي نابوليون بونابرت بأنّ «أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم»، لن يُجدي نفعاً مع بطل إنكلترا في المواسم الأربعة الأخيرة، إذ إنّه توجّه إلى القضاء البريطاني مُدّعياً على رابطة الدوري بأنّ «قوانينها المالية مخالِفة لقوانين المنافسة البريطانية»، بالإضافة إلى اعتباره أنّه يتعرّض إلى نوعٍ من «التجمّع المضاد من قِبل الأندية الأخرى ضدّه وضدّ الاستثمار الخليجيي»، ممّا عرّضه والإدارة إلى حملات جماهيرية واتهامات إعلامية بأنّه ينال تمايزاً من أجل الاحتيال.

لكنّ الدعوى التي رفعها سيتي يُتوقّع ألّا تصل إلى خاتمة سعيدة بالنسبة إلى الإدارة الإماراتية في النادي الشمالي الغربي، لأنّ القوانين المالية للرابطة تُصوّت عليها الأندية بنظام الأكثرية من 14 صوتاً من أصل 20 (وهي ليست أكثرية عادية أو نصف زائداً واحداً)، فيعتقد فريق المدرب الإسباني بيب غوارديولا بأنّ «عصابة الأندية المنافسة» أو المغايرة لنموذجه الاستثماري تريد تدميره.

محاولة إلغاء النموذج المالي

كما يسعى «سيتيزنز» من خلال الدعوى التي رفعها إلى إلغاء القوانين المالية للرابطة، ممّا سيكون الأمل الوحيد من أجل خروجه من مستنقع العقوبات المرتقبة بحقّه، كإخراج إبرةٍ من كومة قشّ. وذلك لأنّ الفريق الشمالي يسعى مع محاولته إلغاء هذه القوانين عبر القضاء، لأنّه غير قادر على إقناع أندية الدوري الإنكليزي على تدمير نموذجها التنافسي، المَوصوف بأنّه الأفضل في أوروبا والعالم، من التوجّه إلى نموذج «الغرب الجامح» (Wild West).

بكلام آخر، يَحلُم سيتي بنموذج إداري مالي يسمح له بإدخال مُلّاكه الإماراتيِّين ما يشاؤون من أموال إلى خزينة الفريق من أجل صرفها كيفما يشاؤون من دون مُساءلة ولا حدود، وهو نموذج الاستثمار الرأسمالي الكلاسيكي. فمِن أجل بناء فريقٍ هَيمَن على الدوري الإنكليزي الممتاز في السنوات الـ4 الأخيرة، يُتهم سيتي بتقاضي مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية عبر شركات تجارية وإعلانات تابعة لمُلّاكه وأندية شقيقة تابعة لمُلّاكه (عبر sister-companies مملوكة من شركة «الاتحاد» القابضة)، بالإضافة إلى أنّ هذه المبالغ تتجاوز القيمة السوقية الحقيقية للإعلانات في النادي واللاعبين في الأندية التابعة له، بعشرات ومئات الأضعاف في أغلب العمليات المالية التي أُجرِيَت على مدى 9 سنوات.

بالتالي، تصل التُهم الـ115 الموجّهة إلى الإدارة الزرقاء إلى «غسيل الأموال، الاحتيال المالي، مخالفة نظامَي المنافسة والجدارة الرياضية». ويعني إثبات بعض هذه التُهم: قطع عنق مانشستر سيتي. أي تجريده من عشرات البطولات والألقاب والكؤوس التي تُوّج بها في السنوات الأخيرة، علاوةً على إنزاله إلى دوري الهواة (المستوى السادس في البطولات الإنكليزية)، منعه من إبرام صفقات التعاقد مع لاعبين جُدد، ووضع الفريق تحت الرقابة المالية مع قيود على الاستثمار.

ماذا يعني ادّعاء سيتي؟

بنتيجة ذلك، تكون الدعوى المرفوعة بمثابة اعتراف من الإدارة الإماراتية بأنّها خالفت القوانين المالية بلا هوادة، لكنّها ستحاول إلغاءها من أجل الهروب من العقاب، وتكريس مبدأ «اللاعدالة» بنظر الأندية الإنكليزية الأخرى. فينكبّ الإعلام الإنكليزي في تحليل خلفيات الدعوى التي يبدأ النظر فيها يوم الاثنين من قِبل القضاء التجاري البريطاني، خصوصاً مع ترقّب الحُكم بمعقابة سيتي خلال موسم 2025.

قبل حوالى 15 يوماً، أي بعد تتويج الفريق بلقب الدوري الممتاز ثم خسارته نهائي كأس الاتحاد، صَبَّت رهانات متابعي كرة القدم عند «هبوط مانشستر سيتي من الدوري الإنكليزي في الموسم المقبل». تزامناً مع حملات جماهيرية إنكليزية مطوّلة، بدأت منذ 3 مواسم، بوصف النادي الأزرق بأنّه «فوق القانون» وسُمِيَ «نادي التُهم الـ115» (charges FC 511) لأنّه لم يتعرّض مرةً إلى ظُلم تحكيمي، إنّما كان منافسوه المباشرون دائماً ما يخسرون نقاطاً ثمينة في مراحل حساسة من السباق على لقب الدوري، خصوصاً ليفربول وأرسنال.

علماً أنّ النُقّاد يصفون الموسم المنصرم (2023-2024) بالأسوأ تحكيمياً لدرجة الكارثة، فوصل الأمر إلى تصويت أندية الرابطة بإجماع 19 نادياً على اقتراح وولفرهامبتون لعدم إلغاء نظام حكم الفيديو المساعد (VAR).

كما استعرّت الحملات الجماهيرية وتتالت التسريبات الإعلامية حول حجم ونوعية المخالفات التي يُتهم سيتي بارتكابها، فوصل الأمر إلى عدم حضور رئيس رابطة الدوري إلى ملعب «الاتحاد» من أجل تتويج «سيتيزنز» بلقب الدوري في المرحلة الـ38 الأخيرة، بل تواجد في ملعب «الإمارات» وكأنّ كان هناك أمل ضئيل لأرسنال في الفوز باللقب.

علماً أنّ أرسنال كان بحاجة إلى خسارة سيتي أمام وست هام، بشرط فوزه أيضاً على إيفرتون من أجل إحراز لقب الدوري للمرّة الأولى منذ 20 عاماً.

بعد نهاية الجولة الـ38 الأخيرة من الدوري، أظهرت إحصاءات الصُحف الإنكليزية أنّ أقلّ مِن 20% مِمَّن تابعوا الجولة الحاسمة كانوا يشاهدون تتويج سيتي، وأنّ غياب رئيس الرابطة كان لتفادي «انتقادات مستقبلية متوقعة»، في إشارة إلى العقوبات التي تترقّبها جماهير الأندية المنافسة بشوق، إذ تعتبر أنّ الدوري بات بحاجة إلى إثبات «عدالة رياضية».

كما ترى غالبية الجماهير بأنّ العدالة كانت قاسية بحقّ ناديَي إيفرتون ونوتنغهام فوريست اللذين حُسمت من رصــيدهــما نقــاطاً عــــدة، لكنّهــما نجيا من الهبوط بعد صراع طويل. إنّما ينظرون إلى هذه العدالة بأنّها كانت متساهلة ومتعاونة مع تشلسي الذي يواجه تُهم جرائم مالية، وسيتي.

من جهةٍ أخرى، يرى البعض أنّ محاولة سيتي في «تدمير نموذج العدالة المالية» في الدوري الإنكليزي تهدّد بتدمير كرة القدم الإنكليزية برمّتها، وحتى أنّها ستمسّ بقوانين العدالة التجارية البريطانية، أيّ إلى حَدّ التأثير الشديد على الاقتصاد في المملكة المتحدة، لأنّ وجود قيود قانونية تحدّد القيمة السوقية والمؤشرات المالية للاعبين والإعلانات ومخاطر الاستهلاك وكميات ضخّ الأموال، ضرورية لإيجاد توازن مالي، واحترام المبدأ الرياضي الأهم، وهو «الجدارة».

theme::common.loader_icon