إلى قنبلة موقوتة أكبر يتحوّل ملف النزوح السوري في لبنان. فبعد الموجة الأخيرة التي تلت مقتل المسؤول في حزب «القوات اللبنانية» باسكال سليمان، انتقل عدد كبير من العائلات السورية النازحة من مناطق بيروت والمتن وكسروان نحو مناطق البقاع والشمال، لشعورها أنّها باتت آمنة أكثر. هذه الحقيقة، وتحديدًا في البقاع، راكمت الأزمة التي تقول أرقامها أنّ عدد النازحين السوريين بات يفوق عدد السكان اللبنانيين في محافظة بعلبك الهرمل بضعفين ونصف الضعف. ففي عرسال مثلًا، شارف رقم النازحين السوريين على 81000 نازح، فيما يصل عدد سكان البلدة من اللبنانيين نحو 8 آلاف لبناني.
هذا الواقع يفيد أنّ كل ما حصل سابقًا نتيجة الأزمة، سيزداد في الفترة المقبلة إن لم تجد الدولة اللبنانية حلًا جذريًا للمسألة العالقة.
في دمشق، يثمّن مصدر سياسي سوري التوصية التي خرج بها المجلس النيابي اللبناني الى الحكومة، ولكنّه يتوقّف أمام الواقع الذي يقول إنّ أزمة النزوح هي في عمقها تعود لرفض غربي كبير بإغلاق ملف الحرب في سوريا، وهو رفض أميركي تحديدًا، وذلك بما يتناقض مع الهاجس الأوروبي الموجود من الملف، وتراجع الدول العربية عن مقاطعة سوريا في العامين الأخيرين.
ويؤكّد المصدر مجدداً، أنّ سوريا جاهزة لاستقبال النازحين من دون أي قيد أو شرط، وأنّ ما كان ينقص هذه العودة هو تواصل الدولة اللبنانية مع الدولة السورية وإبداء نيّة جدّية بإعادة السوريين إلى ديارهم. تثمّن دمشق الإتصال الذي حصل أخّيرًا بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونظيره السوري حسين عرنوس، وتعتبر أنّ تكليف المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري هو خطوة ايجابية جداً في سياق التعاون، ولكن أجواءها تعيد وتؤكّد أنّ كلمة السرّ الأميركية في لبنان لم تأتِ بعد، بل على العكس فإنّ الجهود الأميركية التي حصلت أخيرًا لتهدئة الشارع في عدد من المناطق ليست من منطلق الحرص على الاستقرار اللبناني بمقدار ما هي محاولة لعدم تحريك عجلة الحل في ملف النزوح.
وبعيدًا من هذا الملف، وبالنظر الى عدد الملفات العالقة بين البلدين، يبدو أنّ التأخير الكبير في التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية قد ساهم في ولادة عدد من الإشكالات التي قد تطل برأسها تباعًا، وقد يكون ملف الودائع السورية في المصارف اللبنانية هو الخطوة التي قد تُثار لاحقًا.
وتؤكّد المعلومات أنّ الجانب السوري لن يراسل الجهة اللبنانية طلبًا لودائع مواطنيه قبل بدء تطبيق الحلول على الودائع اللبنانية، ولكن هناك تأكيداً واضحاً أنّ الجانب السوري ذاهب الى النهاية في إثارته لهذا الملف تحديدًا.
في الخلاصة، سوريا على موقفها العلني بعدم ممانعتها عودة النازحين، ولكن معالجة الملف لا يجب أن تكون سوى بين لبنان من جهة والجهات المانحة والدول الراعية من جهة ثانية، فيما تبقى القاعدة الأهم هي الحفاظ على التواصل بالحدود الكبيرة والمطلوبة بين الدولتين، لأنّ الأزمات ستتوالى تباعًا.