أصدق تحية، وأطيب الكلمات لراعي ابرشية مونتريال كندا سيادة المطران مروان غي تابت، الذي كلّفني منذ ما يقارب العشر سنوات بتحضير نظام داخلي للمدرسة الخاصة، وتحديداً للمدرسة الكاثوليكية، يوم كان اميناً عاماً للمدارس الكاثوليكية في لبنان، وذلك تطبيقاً لنص المادة 20 من المرسوم رقم 4564 تاريخ 12/12/1981 التي تضمنت ما حرفيته:
يكون لكل مدرسة نظام داخلي تبيّن فيه الادارة المدرسة بوجه خاص:
- الخط المنهجي واساليب التعليم .
- مواعيد تسجيل التلامذة وبدء الدروس والامتحانات المدرسية.
- اصول وشروط انتساب الى المدرسة وانظمة الدوام وإعطاء الافادات وبطاقات العلامات.
- نظام دفع الاقساط والرسوم المدرسية و ...
- العطل المدرسية.
- نظام العلامات المسلكية.
- ونظام الصحة المدرسية المطبّق على التلاميذ وعلى العاملين في المدرسة.
أتممت وضع النظام الداخلي وعرضه في مؤتمر المدارس الكاثوليكية المنعقد في مدرسة سيدة اللويزة بتاريخ في 2و3 ايلول من العام 2014، واعتمدت العديد من المدارس هذا النموذج ووضعت نظامها الداخلي الذي يأتي تطبيقاً لنص قانوني مذكور اعلاه. وهذا الامر خلق ارتياحاً لدى كافة افراد الاسرة التربوية وأولياء التلاميذ والمتعلّم والمعلّم والادارة المدرسية، على اعتبار انّ كل منهم اصبح يعي حقوقه وواجباته من خلال نظام متماسك متوازن يتضمن جميع الحقوق والواجبات لكل افراد الاسرة التربوية.
اليوم تطالعنا اقتراحات قوانين من سادة نواب وجمعيات تنتحل صفة اتحادات تطالب حرفياً :
«بأن لا يدخل النظام المالي كما لا تدخل الشروط المالية ضمن النظام الداخلي للمدرسة.» .../2SGEC-250.24-2- ويعرضون هذا الامر من ضمن مقترح تعديل القانون 515، وهو امر ومقترح عجيب غريب لأنّه يضرب مفهوم التربية ورسالة المدرسة وجوهر التعليم، ويعتقدون بأنّ كلمات وعبارات تُرمى جزافاً في اقتراحات قوانين سيُكتب لها الحياة، وهي تناقض ابسط المبادئ القانونية وتعارض إرادة الفريقين التي ترتكز على حرّية التعاقد، وما العقد الّا التقاء إرادتين عرض مقبول بحرية وبإرادة تامة واهلية مطلوبة دون أي اكراه او وغبن او غلط .
فإنّ كان يحق للمدرسة ان تضع نظامها الداخلي وكل مدرسة خاصة لها الحق لا بل واجب عليها ان تضع نظامها الداخلي بحسب وتطبيقاً للماده 20 من المرسوم 4564 وإن كانت هذه المادة بالذات تفرض وتطلب وتنص على تضمين هذا النظام الداخلي للمدرسة النظام المالي لها، والذي يتضمن نظام دفع الاقساط والرسوم المدرسية مع تحديد موعد القسط المدرسي الاول، فكيف يأتي احدهم ليقترح الغاء هذا الحق او يطرح ما يناقضه او يطلب عدم إدخاله وبالتالي عدم تطبيقه؟
للوقوف على سرّ هذا الاقتراح وطلب التعديل العجيب الغريب، نقرأ بين السطور ما تضمنته الماده 20 عينها، إذ تنص على:
ويُعتبر تسجيل التلميذ في مطلق الاحوال اعترافاً من ولي امره بقبوله بنمط المدرسة والنظام المحدّد من قبلها.
فهذا الحق مصان في القانون وقبله مصان في الدستور. إذ نصّت المادة العاشرة منه على:
التعليم حرّ ما لم يخل بالنظام العام او لم يناف الآداب او يتعّرض لكرامة أحد الاديان او المذاهب. ولا يمكن ان تُمسّ حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة، على ان تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي تصدرها الدولة في شأن المعارف العمومية.
-3 اذاً، انّ النظام الداخلي للمدرسة الذي يتضمن النمط المنهجي / مواعيد تسجيل التلاميذ/ اصول وشروط الانتساب الى المدرسة/ وأنظمة الدوام وإعادة التلميذ سنته الدراسية وترفيع التلميذ والعطل المدرسية، اي بكلمة حقوق المتعلم، كما يتضمن نظام العلاقات المسلكية وحق المعلم، فإنّه ايضاً ينصّ على نظام دفع الاقساط والرسوم المدرسية، ولا سيما موعد استيفاء القسط المدرسي الاول. وهو حق وواجب على المدرسة لتضمينه ضمن نظامها الداخلي، ويُعتبر تسجيل التلميذ في مطلق الاحوال اعترافاً من ولي امره بقبوله بنمط المدرسة والنظام المحدّد من قبلها.
فيا سادة، لا يحق لكم ضرب ارادة المتعاقدين ولا حرّية التعاقد ولا حقوق وواجبات المدرسة في وضع نظامها الداخلي، ولا التشريع خلافاً للنصوص القانونية وحتى الدستورية.
وكل ولي امر تلميذ مسجّل في مدرسة ما، وفي مطلق الاحوال يُعتبر تسجيله في تلك المدرسة، اعترافاً منه بقبوله بنمط المدرسة والنظام المحدّد من قبلها.
لذلك كله، وحصراً عن هذه النقطة بالذات.. يُعتبر اقتراح التعديل المتداول الذي تضمن في طياته وخلفياته عدم ادخال النظام المالي ولا الشروط المالية في النظام الداخلي للمدرسة مردود شكلاً والّا اساساً، ولا يمكن القبول بتمريره إن لحقوق المدرسة الثابتة في وضع نظامها الداخلي وفي تضمينه النظام المالي، إلى جانب نمط المدرسة المنهجي وباقي الاصول والشروط والانظمة، وتالياً لمخالفته المرسوم الذي يوجب على المدرسة تضمين نظامها المالي في نظامها الداخلي.
فاقتضى التوضيح.