المطران عودة في اثنين الباعوث: البطولة ليست في تراشق التهم بل بالاعتراف بسبب الأزمة
المطران عودة في اثنين الباعوث: البطولة ليست في تراشق التهم بل بالاعتراف بسبب الأزمة
Monday, 06-May-2024 15:40

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة صباح اليوم، خدمة القداس بمناسبة اثنين الباعوث وعيد القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر، في كاتدرائية القديس جاورجيوس في حضور حشد من المؤمنين.


بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "يأتي عيد القديس جاورجيوس فصحيا، فنفهم أن حضور المسيح في حياتنا يجعلها قيامية، لذا المطلوب منا في هذا البلد أن نفسح المجال للرب لكي يعمل ويخلصنا، لأن الخلاص لا يأتي عبر البشر. معظم البشر ينجرون وراء غاياتهم ومصالحهم. حتى إيمانهم قد يكون أحيانا وسيلة للوصول إلى الغايات والمصالح الموقتة الزائلة".


وأضاف: "بيروت، التي يتشفع بها القديس جاورجيوس، قامت من تفجير طال النفوس والأجساد والممتلكات بفضل إيمان أبنائها الصادق، وعزيمتهم على الوقوف والمثابرة رغم الضيقات. مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي مثلا، هذا الصرح الذي هدمه عصف التفجير وأخرجه عن العمل للمرة الأولى في تاريخه، منذ قرن ونصف قرن، يعود شيئا فشيئا بهيا زاهيا ببركة الرب، وشفاعة شهيده الظافر، وإيمان العاملين فيه من إداريين وأطباء وممرضين وموظفين بأن الرب لا يترك محبيه، وأن الخدمة الصادقة والإنتماء الحقيقي والعطاء بلا هدف يكافئها الرب العالم مكنونات القلوب. هذا ما حدث أيضا في جميع مؤسساتنا، ما يدل على أننا لا نؤمن إلا بالله القادر على إقامتنا من تحت الرماد، من أي نوع من الميتات التي يختار الشرير أن يجربنا بها. القديس جاورجيوس الذي كان قائدا للجيش الروماني لم يلتفت إلى منصبه أو منافعه الخاصة عندما قرر خدمة ملك الملوك، الرب يسوع المسيح. لذا هو يقف اليوم مثالا أمام كل مسؤول وزعيم، أمام كل طبيب وممرض وموظف ومعلم وعامل، يحثهم على التعالي على المنافع والمكاسب الخاصة لقاء خدمتهم الرب يسوع من خلال خدمة إخوته الصغار".


وتابع: "كثيرون شككوا بقيامة لبنان واللبنانيين، لكنهم يفاجأون مرارا وتكرارا بالعزم اللبناني على النهوض ونفض الغبار والسير إلى الأمام. بلدنا يحتاج إلى من يؤمن به كملجأ آمن لأبنائه، كمظلة واقية وحضن يحمي، وهذا يحتاج إلى عمل دؤوب لإعادة الثقة إلى نفوس الذين هاجروا منه، لكي يعودوا وينهضوا به، عوض تشجيع الموجودين على الهجرة الموسمية أو الدائمة".


وأشار الى أن "الخطوة الأولى في مسيرة إعادة الثقة هذه أن يؤمن اللبنانيون، والمسؤولون والزعماء أولا، بأن لبنان هو وطنهم الوحيد وأن واجبهم المحافظة عليه، وصون حدوده، والتشبث بسيادته مهما كبرت المغريات، واحترام دستوره، وتطبيق قوانينه على كل الموجودين على أرضه، لا العمل بمنهج التعطيل والتأجيل والتمديد والتجديد، الذي يضعف الأمل ويزيد اليأس ويدفع من تبقى من أبنائه إلى الهجرة. لبنان بحاجة إلى تضافر الجهود، لا إلى تبادل التهم والمسؤوليات. البطولة ليست في التراشق بالتهم، وإضعاف البلد وتعطيل مؤسساته واستغلال خيراته، أو وضع خطط لا تطبق، وليست في ترهيب القضاء وإخفاء الحقيقة بتعطيل التحقيق في تفجير بيروت، وليست في شن الحروب. البطولة تكون في الاعتراف بسبب الأزمة وفي تحديد مسببيها، وفي تظهير كيفية الخروج منها، وفي اتخاذ القرار الجريء بقول الحقيقة ولا شيء غيرها".


وختم: "في هذا اليوم المبارك نحن مدعوون إلى تجديد كل كياننا، وإلى نشر بشرى القيامة أينما حللنا، وإلى السعي الدائم نحو الحق والخير، والمحافظة على وجود الرب في كل زاوية من زوايا حياتنا الأرضية، لكي نرث الملكوت السماوي".

theme::common.loader_icon