لا حبّة سحرية للصحة العقلية
لا حبّة سحرية للصحة العقلية
سمير بو سعيد
Friday, 09-Feb-2024 06:57

عالمنا يمطرنا بوعود، ووعود تعزيز صحة الدماغ والذاكرة والوقاية من الأمراض العقلية من أكثرها جاذبية.

تصطفّ رفوف الصيدليات والمتاجر الإلكترونية بمكمّلات غذائية تُقدم نفسها كجواهر سحرية لتحقيق هذه الأحلام. لكن قبل أن تُسرع بإفراغ محفظتك لشراء أحدث «عقار ذكي» يُروّج له عبر الإنترنت، دعنا نلقي نظرة فاحصة على ما يقوله العلم حقًا عن قدرة هذه المكملات على تحسين صحتك العقلية.

 

لسنوات، دارت معركة حامية بين العلم وصناعة المكملات الغذائية حول التأثير الحقيقي لهذه المنتجات على الدماغ. خضعت العديد من المكملات الشهيرة، مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية وفيتامينات «ب» بمختلف أنواعها، لتجارب ودراسات مكثفة. لكن النتائج، حتى الآن، لم تكن حاسمة كما هو مأمول.

 

يؤكد د. مارك راشمان، مدير مركز راشمان للأخلاقيات الحيوية في جامعة نيويورك، على محدودية الأدلة العلمية الدامغة: «لا يوجد حاليًا أي مكمّل غذائي ثبت علميًا أنه يحسّن الذاكرة أو يَقي من الخرف بشكل قاطع. معظم الدراسات التي أُجريت كانت إمّا محدودة العيّنة أو عانت من مشاكل منهجية، ما يجعل استنتاجاتها غير قاطعة».

 

لماذا إذاً لا تحقق هذه المكملات الوعود التي تُروّج لها؟

 

أحد الأسباب الرئيسية يكمن في تعقيد الدماغ نفسه. فهو ليس آلة بسيطة يمكن «تشغيلها» بمجرد تناول حبة. كما توضح د. سوزان جولد، أستاذة علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا: «الدماغ يتأثر بعوامل متعددة ومترابطة، مثل التغذية والنشاط البدني والنوم والصحة النفسية والجينية. من غير المنطقي توقّع أن يحلّ مكمل غذائي واحد مكان كل هذه العوامل مجتمعة».

 

علاوة على ذلك، يحيط الغموض والشك بمكونات وفعالية العديد من المكملات الغذائية المتاحة للمستهلكين. تحذّر منظمة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) من مخاطر التسمّم وتفاعلات الأدوية المحتملة بسبب عدم جودة بعض المنتجات أو عدم تطابق مكوناتها مع ما هو مُدرج على العبوات. وتنشر المنظمة تقارير سنوية عن إصابات خطيرة ناتجة عن استهلاك مكملات غذائية مغشوشة.

 

خطة علاجية

 

إذاً، ماذا لو كنت تشعر بالقلق بشأن صحتك العقلية، أو ترغب في استكشاف خيارات لتحسين ذاكرتك وتركيزك؟ الحل يكمن في الاستعانة بأهم حليف لك: الطبيب. سيساعدك طبيبك على تقويم احتياجاتك الفردية، وتحديد أسباب أي مشاكل معرفية تواجهها، واقتراح الخطة العلاجية المناسبة. هذه الخطة قد تشمل:

 

• تغييرات صحية في نمط حياتك: إتّباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والبروتينات قليلة الدهن، ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم، كلها عوامل تساهم في تعزيز صحة الدماغ.

 

• علاج نفسي أو سلوكي: في بعض الحالات، يمكن أن يساعد العلاج النفسي أو السلوكي في علاج مشاكل عقلية محددة مثل القلق والاكتئاب. وبالتالي، تحسين وظائف الدماغ بشكل غير مباشر.

 

• أدوية معينة: إذا لزم الأمر، قد يصف لك الطبيب أدوية محددة لعلاج حالات صحية تؤثر على صحة الدماغ، مثل الاكتئاب أو الزهايمر، أو اضطرابات النوم.

 

تذكّر، دماغك تحفة معقدة لا يمكن اختزالها إلى معادلة بسيطة «حبة = ذكاء خارق». حافظ على صحتك العقلية من خلال اتّباع نمط حياة صحي شامل، والتواصل المستمر مع طبيبك، وابتعد عن «الحلول السريعة» التي تغري بها صناعة المكملات. دماغك يستحق أكثر من مجرد وعد مكتوب على عبوة!

theme::common.loader_icon