ليست الغاية من هذه العجالة شرح مضامين ما أصبح يُعرف اصطلاحاً بـ«وسائل التواصل الاجتماعي» على منصّات «فايسبوك» و«واتس آب» و«انستغرام» ومنصّة «X» وغيرها مما تحفل به الشبكة العنكبوتية، كما لا تهدف الى إطلاق النظريات الإعلامية وقواعد النشر والتعميم، التي يعرفها أولو العلم، وبالتأكيد ليست موجّهة الى الصحافيين الحقيقيين، ولا الى «مدّعي الصحافة» الذين تعجّ بهم وسائل الاعلام، والأهم انّها لا تدّعي علم النفس التحليلي ولا تأخذ دور الأطباء.
ببساطة، هي عرض لما استُجمع من نشر وبث ومن صور تمّ تداولها على منصّات «التواصل الاجتماعي» من عامة الناس، وخصوصاً هؤلاء الذين تغويهم مصطلحات من مثل: «انّه يعرف» و«واصل للمعلومات» و«كثير الاطلاع» وغيرها، مما يرضي الذاتية و«الأنا» عند بعض الأفراد، بغض النظر عن صحة ما ينشرون ودقّته وصوابيته، ومن دون التحقّق من اصل الخبر والصورة او مصدرهما على الاقل، بل وحتى عن مكان الخبر وصورته وزمانه. حيث لم تعد «المعرفة» مرتبطة بالتحقيق والبحث عنها في «كومة قش»، بل اصبح المهمّ هو عدد المتابعين وأولئك الذين يحاولون الهرب من صاحب النشر بـ«لايك» مصطنع لا يغني ولا يسمن من معلومة، ولا يعني جازماً الموافقة على الخبر ومضامينه او الصورة ومعانيها، الى درجة تصبح موضع تندر في الخفاء على صاحب النشر.
وهذا ما حوّل كثيراً من الناشرين على وسائل التواصل الاجتماعي شركاء في تعميم مصطلح «الإحباط» والوهم بنشر كثير من الصور التي يفترض انّ الواحدة منها توازي مقالاً مكتوباً من 1000 كلمة، خصوصاً انّها لا تتخطّى فقط حاجزي الزمان والمكان، بل تتجاوز الى اختراق حاجز اللغة.
وللأسف هذه الصور في معظمها المنقولة على عجل بحجة «السبق» تحتل المساحة الأكبر من «ذاكرة» الهاتف او جهاز الكومبيوتر او «اللاب توب»...، وهذه الصور، في غالبيتها ايضاً، ناهيك عن قيمتها المعرفيّة المعدومة، وفقدانها اصول نشر الصور وقواعده من حيث الهدف الوظيفي والإخباري او الجمالي، تكون في أحيان كثيرة مسروقة من مواقع اخرى، وفي احيان اخرى تعبّر عن مشهد في مكان أخر في الكوكب وفي زمان غير هذا الزمان، واقله، لا تراعي خصوصية الطفل، ولا ترحم مشاهد، وحتى انّها لا ترحم تكاليف الاشتراك بالانترنت... عند الطرف الآخر.
فتصبح الصورة اداة تلاعب بالعقول والعواطف وتشبه الكتابة المسطحة او المنحنية التي لا تحمل محتوى ولا توصل رسالة.
ولا بدّ من السؤال: هل تكرار الصور من اكثر من «خبير» على «المواقع» هو دليل صحتها وصدقيتها؟ ام انّ الامر يكون في الاستعجال وكسب «الاولوية» وما تبقّى على النيات والخبايا وهمّة المستلم؟
كثيرةٌ هي الصورة المغرضة التي تبثها وسائل ومواقع معروفة الاتجاه ومتبين مرجعيتها، وهي تهدف الى ضرب الروح المعنوية عند الطرف الآخر، وبث الرعب في قلبه والخوف من الآتي، على ما يقول المثل «ما خلوا مخبّر»، والذين يتبحرون في العلم يعرفون معنى المثل!
من هنا ضرورة الانتباه الى ما يُنشر وما يجب ان يُحظّر نشره من اجل عدم المشاركة في عملية الإحباط المقصود.